طرحت الحكومة الجزائرية مسودة قانون يشدد العقوبات في جرائم تسريب وثائق ومحررات حكومية ومعلومات، ووضعها بين يدي جهات داخلية وخارجية، في خطوة تستهدف وضع حد لتسريبات مستمرة للوثائق الرسمية، بعضها حيوي وحساس، لمصلحة نشطاء ومعارضين في الخارج، يقومون بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويناقش البرلمان الجزائري، في 22 يناير/كانون الثاني الجاري، مسودة القانون الجديد للعقوبات، والتعديلات الخاصة بتشديد العقوبات في حق المتورطين في جرائم تسريب الوثائق والمعلومات السرّية المتعلقة بالأمن والدفاع والاقتصاد الوطني، وما يوصف بـ"الخيانة الوطنية" التي تستدعي تسليط عقوبة السجن مدى الحياة، بعدما أنهت اللجنة النيابية للشؤون القانونية والحريات في البرلمان مناقشاتها حول هذه المسودة القانونية، وتقررت إحالتها إلى جلسة النقاش العام والتصويت.
وأطلق القانون وصف "الخيانة" على أفعال محددة تخص التخابر وتسليم وثائق ومحررات سرية تخص مسائل الأمن والدفاع الى جهة أجنبية، حيث تنص إحدى مواده على أنه "يعد مرتكبا لجريمة الخيانة ويعاقب بالسجن المؤبد كل جزائري يقوم بتسريب معلومات أو وثائق سرية لمصلحة الأمن أو الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لفائدة دولة أجنبية أو أحد عملائها".
وعانت الجزائر من تسريبات لوثائق ومحررات رسمية تخص الجيش والأمن في فترة سابقة، إذ كان يحصل عليها ناشطون جزائريون يتبنون خطا مناوئا للسلطة، وعسكريون سابقون في الجيش والأمن يقيمون في الخارج، من قبل مسؤولين أمنيين وعسكريين، وموظفين في مؤسسات اقتصادية حيوية، وقد أثبتت تحريات الأجهزة الأمنية أن تسريبها يتم بغرض تصفية حسابات سياسية.
وأقرّت المسودة تسليط عقوبات غليظة في حق المتورطين في فعل "الخيانة"، إذ "يعاقب بالسجن المؤقت من 20 إلى 30 سنة كل من يقوم بتسريب معلومات أو وثائق سرية تتعلق بالأمن أو الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني عبر وسائل التواصل الاجتماعي قصد الإضرار بمصالح الدولة الجزائرية أو باستقرار مؤسساتها".
كما يشدد القانون العقوبات بحق الكتاب والمدونين والنشطاء السياسيين، ممن يشككون في الجيش والمؤسسات الأمنية، واعتبرت ذلك "مساسا بالروح المعنوية للجيش"، فيعاقب "بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات وغرامة مالية تصل إلى مليون دينار جزائري كل من يساهم وقت السلم في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش الوطني الشعبي أو الأسلاك الأخرى، يكون الغرض منه الإضرار بالدفاع أو الأمن الوطنيين وهو يعلم بذلك".
ولا تزال إحدى مواد المسودة تثير جدلا، وهي المتعلقة بتوفير الحماية القانونية لأفراد القوة العمومية والأجهزة الأمنية في حال ارتكابهم أفعالا خلال أداء مهمة تخص محاربة الجريمة، وتشير المادة إلى أنه "تعد مبررة الأفعال التي يرتكبها أفراد القوة العمومية أثناء أو بمناسبة ممارسة مهامهم لوضع حد للجريمة"، إذا أفضت التحقيقات التي تباشرها السلطة القضائية إلى إثبات قيام عناصرها "بما يدخل ضمن الحالات الضرورية للدفاع المشروع؛ القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفع الاعتداء عن حياة الشخص أو سلامة جسمه أو لمنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة وتوابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل، والفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقات أو النهب بالقوة".
وسبق لبعض الأطراف القانونية، ونواب في البرلمان، إبداء مخاوف من أن تستغل هذه النافذة القانونية بصورة غير دقيقة.