تزايد الضربات الإسرائيلية على سورية: منع ترسيخ الوجود الإيراني

22 مايو 2022
جنود إسرائيليون في الجولان المحتل، فبراير 2018 (جلاء مرعي/فرانس برس)
+ الخط -

تؤكد الغارات الإسرائيلية المتلاحقة على أهداف في جنوب سورية، تسارع خطوات إيران لترسيخ وتوسيع دائرة نفوذها في سورية، في ظل انشغال الروس في غزوهم لأوكرانيا، ليتحول النشاط الإيراني في جنوب سورية إلى مصدر قلق إقليمي.

واستهدفت صواريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أول من أمس الجمعة، مواقع للنظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران في محيط مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى مقتل أربعة، بينهم 3 من ضباط النظام السوري، وجرح 3 آخرين، ووقوع خسائر مادية.

ونقلت وكالة أنباء النظام الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله، إن صواريخ أرض ــ أرض إسرائيلية قادمة من اتجاه الجولان السوري المحتل، استهدفت بعض النقاط في جنوب دمشق، بينما أشارت مصادر محلية إلى أن القصف جاء انطلاقاً من البحر الأبيض المتوسط، واستهدف مقراً للفرقة الأولى، وتل المانع في محيط مدينة الكسوة، وجمرايا، وجنوب غربي دمشق.

وأكد محللان عسكريان استضافهما التلفزيون السوري التابع للنظام، هما حميدي العبد الله وتحسين الحلبي، أن الضربات الإسرائيلية تستهدف شحنات أسلحة ايرانية، خوفاً من تنامي "محور المقاومة" في المنطقة، وفق تعبيرهما. وهذه المرة الأولى التي تتحدث مصادر تابعة للنظام عن استهداف تل أبيب لأهداف إيرانية في سورية.


سقط 4 قتلى في الغارات الأخيرة مساء الجمعة

تزايد الضربات الإسرائيلية على سورية

ورأى الباحث السياسي في مركز "جسور"، وائل علوان، الذي يواكب عن كثب ملف القصف الإسرائيلي على سورية، أن "الضربة الإسرائيلية مساء الجمعة كانت متوقعة"، مشيراً في حديثٍ مع "العربي الجديد" إلى أن "طائرة إيرانية وصلت قبل القصف إلى مطار دمشق الدولي تحمل 150 ضابطاً من الحرس الثوري الإيراني وشحنات أسلحة".

وأوضح أنه "في نهاية الشهر الماضي، وفي مطلع الشهر الحالي ومنتصفه وقبل يومين جرى نقل شحنات عسكرية كبيرة من إيران إلى سورية".

وكشف علوان أن الشحنات "تتضمن طائرات مسيّرة وصواريخ متوسطة وقصيرة المدى ومنظومات دفاع جوي ورادارات، وأجهزة تشويش"، مضيفاً: "هذه الشحنات نُقلت إلى منطقة الكسوة، جنوبي دمشق، في جبل المانع ومقرات تابعة للفرقة الأولى في قوات النظام، وفي مواقع بمنطقة السيدة زينب وإلى ألوية وأفواج في محافظة درعا، أقصى الجنوب السوري، عُرف منها الفوج 175، والفوج 89، واللواء 43".

ولفت علوان إلى أنّ الضباط الإيرانيين الـ150 دخلوا بلباس الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد إلى الأفواج والألوية في محافظة درعا.

وأشار إلى أنّ الجانب الروسي "ينوي تنفيذ انسحاب واسع النطاق من عدد من مواقعه في سورية، في مقابل تعزيز الوجود الروسي في القامشلي، في أقصى الشمال الشرقي من سورية، وفي اللاذقية غربي البلاد".

وأفاد بأنّه "تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الروس والنظام والإيرانيين اجتمعت، أمس السبت، في قاعدة حميميم العسكرية الروسية في ريف اللاذقية، من أجل التنسيق في عمليات ملء الفراغ الروسي من قبل الإيرانيين".

وتوقع علوان ازدياد الضربات الإسرائيلية في الأيام المقبلة، مضيفاً: لدينا معلومات مؤكدة أن الجانب الإيراني ينوي الرد من خلال استهداف مستوطنات إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، وهو ما يفتح الباب أمام تصعيد كبير في المحافظات السورية الجنوبية.

من جانبه، ذكر المتحدث بلسان جيش الاحتلال الاسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، أن حزب الله "ينقل الأسلحة على متن رحلات مدنية من إيران إلى مطار دمشق الدولي".

وأشار في منشور له على موقع فيسبوك، أول من أمس، إلى أن الجيش الإسرائيلي "سيواصل مراقبة كل محاولات حزب الله الهادفة إلى تهديد أمن دولة إسرائيل".


المقاتلات الإسرائيلية أغارت 12 مرة منذ بداية العام الحالي على أهداف لـ"الحرس الثوري" و"حزب الله" 

وجاءت الضربة الإسرائيلية مساء الجمعة، بعد يوم من تحذير العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من تبعات أي انسحاب روسي من جنوب سورية، لأن أيّ فراغ يخلقه هذا الانسحاب "سيملأه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم"، وفق قوله.

وتدل المعطيات الميدانية على أن الجانب الروسي شرع منذ مطلع الشهر الحالي في عمليات انسحاب، أو إعادة تموضع لقواته في سورية، على خلفية غزوه لأوكرانيا، ومن المتوقع نقل وحدات كاملة من سورية للمشاركة في الغزو.

في السياق، رأى اللواء المنشق محمد الحاج علي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجانب الإسرائيلي "لن يترك الإيرانيين وأتباعهم بالقرب منها، كما أنه لن يتركهم ليشكلوا خطراً عليه من الأراضي السورية".

وتابع: "كان الوجود الروسي يشكل ضمانة لعدم امتداد الإيرانيين بالقرب من الجولان، والآن بعد انسحاب القسم الأعظم من الروس لم يلتزم الإيرانيون بالاتفاق الخاص بالمنطقة الجنوبية من سورية، لذلك أي حشد إيراني في الجنوب سيكون هدفاً للجانب الإسرائيلي".

ولا يتوقع الحاج علي أي تحرك أميركي في حال تفاقم الوجود الإيراني في جنوب سورية "لأن هذا الأمر ليس من اهتمامات واشنطن"، مضيفاً: "كما أني لا أعتقد أنّ الجانب الأردني يمكن أن يتحرك عسكرياً في جنوب سورية".

الغارات الإسرائيلية على الإيرانيين

ووفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" فإنّ المقاتلات الإسرائيلية أغارت 12 مرة منذ بداية العام الحالي على أهداف يُعتقد أن أغلبها تابعة لـ"الحرس الثوري الإيراني" و"حزب الله" اللبناني في مناطق عدة في سورية، خصوصاً في جنوب ووسط البلاد.

واستهدف الطيران الإسرائيلي منتصف الشهر الحالي أهدافاً يُعتقد أنها إيرانية في منطقة مصياف في ريف حماة الغربي، في غارات عُدّت الأعنف في العام الحالي لكثافة الصواريخ وطول مدة القصف التي استغرقت نحو ساعة.

وسبق أن حاول الحرس الثوري استخدام ميناء اللاذقية على البحر المتوسط، لإيصال شحنات أسلحة إلى سورية، إلا أن الطيران الإسرائيلي استهدف هذا الميناء مرتين خلال الشهر الأخير من العام الماضي.

ومنذ بدء الثورة السورية في ربيع عام 2011، تدخّل الإيرانيون بقوة إلى جانب النظام الذي سهّل للحرس الثوري الإيراني السيطرة على مناطق كاملة في محيط دمشق، خصوصاً في الجنوب حيث حيّ السيدة زينب، التي تعد مقراً للعديد من هذه المليشيات التي ارتكبت مجازر وهجّرت أغلب سكان المنطقة.

واتخذ الإيرانيون من مقرات الفرق العسكرية التابعة لقوات للنظام أماكن تمركز للضباط والخبراء الإيرانيين، خصوصاً الفرقة الأولى في منطقة الكسوة، والتي شملتها العقوبات الأميركية وفق "قانون قيصر".

وتعد الفرقة الأولى من أقدم الفرق العسكرية في جيش النظام السوري، بسبب قربها من العاصمة دمشق. وأدت هذه الفرقة دوراً رئيسياً في أغلب الانقلابات العسكرية التي جرت في سورية بين عامي 1949 و1963.

وتُعتبر هذه المناطق مراكز حيوية لنشاط المليشيات الإيرانية ومستودعاً مهماً من مستودعاتها المنتشرة ضمن المنطقة العسكرية الواقعة في الجنوب السوري، وفق مصادر في المعارضة السورية.

وأقام الإيرانيون في حرم مطار دمشق الدولي ما يُعرف بـ"البيت الزجاجي" الذي يُعدّ مركز إدارة للعمليات العسكرية والتنسيق في جنوب سورية.