كشفت مصادر مصرية مطلعة على جهود الوساطة الخاصة بتثبيت قرار وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، عن ترتيبات مصرية لاستكمال مفاوضات التثبيت، والتوصل إلى تهدئة طويلة المدى، وإعادة إعمار قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أنه تم توجيه الدعوة إلى قيادتي حركتي "حماس" و"الجهاد"، ومسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، لمفاوضات غير مباشرة في مصر لتسهيل عملية التفاوض.
وتقول المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن الوفد الأمني المصري، الذي زار غزة أمس الجمعة وأجرى مشاورات مع قيادتي حركتي "حماس" و"الجهاد" على مدار ثلاث ساعات، من المقرر أن يجري مشاورات، اليوم السبت، مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية برام الله، إذ من المقرر أن يلتقي الوفد، رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وعدداً من أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح"، للتباحث حول تهدئة الأوضاع في القدس والضفة، والسيطرة على الأحداث التي من شأنها تفجير الوضع مجدداً.
وبحسب المصادر، فإن هناك اهتماماً مصرياً بتسريع عملية التوصل إلى اتفاق تهدئة طويل المدى، للشروع في عمليات إعادة إعمار ستشرف عليها مصر، بتوافق مع القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
وتشير المصادر إلى أن هناك ثقة في الجانب المصري، لضمان عدم توظيف فصائل المقاومة، وعلى رأسها "حماس"، مواد وأموال إعادة الإعمار وتوجيهها للبنية التحتية للمقاومة والأنفاق، ومشروعات التسليح، على حد تعبير المصادر.
وتتابع المصادر أن الجانب الإسرائيلي أبدى تجاوباً كبيراً مع الموقف المصري، في الحفاظ على تثبيت قرار وقف إطلاق النار، وعدم تصاعد الأحداث مجدداً، لافتة إلى أن "المسؤولين في مصر من جانبهم لديهم الحماس بسبب قوة الدفع التي حصلوا عليها من الجانب الأميركي والقوى الغربية الكبرى للتوصل إلى تهدئة شاملة".
وتمضي قائلة: "كذلك، كان هناك تنسيق جيد هذه المرة بين مصر وقطر، ساهم في إخراج الاتفاق بشكل جيد"، مؤكدة أن "الجانب القطري أبدى تعاوناً كبيراً مع مصر خلال المشاورات مع قيادات الفصائل".
في المقابل أيضاً، تقول المصادر إن الفرصة سانحة حالياً للتوصل إلى اتفاقات بشأن الملفات المعقدة، وعلى رأسها ملف تبادل الأسرى، في ظل حالة النشوة التي تعيشها حماس وفصائل المقاومة، مضيفة: "هناك اقتناع كبير لدى الفصائل بأن ما تحقق من أهداف سياسية خلال المعركة الأخيرة تفوق نتائجه أية مكاسب منتظرة من مفاوضات التهدئة".
وحول ما ردده بعض قيادات الحكومة الإسرائيلية حول استهداف قيادات "حماس" السياسية والعسكرية، خلال الفترة اللاحقة لتوقف المعارك، قالت المصادر إن مصر وجهت تحذيرات شديدة للجانب الإسرائيلي، من مواصلة سياسة الاغتيالات خلال الفترة القادمة، مؤكدة على ضرورة عدم المساس بالقيادات السياسية للحركة، والتي ستتولى المفاوضات من جانب "حماس"، خلال الفترة القادمة.
وتقول المصادر إن هناك انخراطاً دبلوماسياً من جانب القاهرة مع عدد من العواصم الأوروبية، من أجل التوافق حول عقد مؤتمر لإعادة إعمار قطاع غزة في مصر، خلال الفترة القادمة، في محاولة لحل أزمات القطاع الناجمة عن الحرب الأخيرة، وكذا لسرعة التعامل مع الوضع الوبائي لفيروس كورونا في القطاع، والذي بات يمثل أزمة ضخمة خلال الفترة الراهنة، في ظل انهيار المنظومة الصحية في القطاع نتيجة العدوان والقصف الإسرائيلي.
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري أن التركيز خلال المرحلة المقبلة سيكون على احتواء الأمر والوفاء بالهدنة بين الطرفين وتثبيتها من خلال الحديث مع الطرفين، ووضع إجراءات تحافظ على عدم حدوث شيء سيئ يكسر الهدنة، لافتًا إلى تواصله مع وزير الخارجية الإسرائيلي الذي أبدى اهتمامه بتدعيم الهدنة وعدم خرقها.
ولفت الوزير المصري، في تصريحات إعلامية، إلى ضرورة استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية خلال المرحلة المقبلة، ذاكرًا أنه لا بد أن يعرف الجميع أن وجود صدام يعني أنه ناتج عن تعثّر العملية السياسية وحل الدولتين، والذي سيعمل على توتر المنطقة بالكامل. وشدد الوزير على ضرورة اهتمام الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بإعادة المفاوضات المباشرة بين الطرفين.