بريطانيا مستمرة بتصدير السلاح لإسرائيل وستارمر يرفض إدانة الإبادة الجماعية

14 نوفمبر 2024
طائرة أف-35 في قاعدة جوية في إيلات، 11 نوفمبر 2019 (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت تقارير بريطانية جديدة، أن المملكة المتحدة تواصل تصدير مكونات تستخدمها القوات الجوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب ثغرات في القيود التي تفرضها الحكومة على مبيعات الأسلحة، في وقت رفض فيه رئيس الحكومة كير ستارمر هذا الأسبوع في جلسة للبرلمان توصيف ما يحصل في غزة على أنه إبادة جماعية. وأظهرت الوثائق الجديدة بحسب موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني، عن إرسال شحنتين على الأقل من أجزاء طائرات القوات الجوية الإسرائيلية من بريطانيا منذ سبتمبر/أيلول، عندما علق حزب العمال بعض تراخيص تصدير الأسلحة بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.

وتظهر الوثائق التي اطّلع عليها أيضًا موقع ذا ديتش (The Ditch)، كيف أُرسلت مواد من قبل شركة الهندسة البريطانية مارتن بيكر (Martin- Baker) إلى مصنع إلبيت سيستمز (Elbit Systems) في كرميئيل، إسرائيل، في أكتوبر/تشرين الأول.

ووفقًا لوثائق الشحن، فإن شركة مارتن بيكر للطائرات أرسلت مواد من مقرها الرئيسي في أوكسبريدج، بشكل مباشر إلى إسرائيل في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024، كما تشير الوثائق إلى أن شحنة استيراد أخرى جرت في 9 سبتمبر/أيلول إلى مقر مارتن بيكر من قاعدة نيفاتيم الجوية، التي تستضيف أسراب إسرائيل من طائرات أف-35 المقاتلة.

وتتخصص شركة مارتن بيكر في صناعة مقاعد القذف، والتي توجد في الطائرات العسكرية في جميع أنحاء الدول الغربية، بما في ذلك قمرة القيادة لأسطول التدريب T-6 التابع للقوات الجوية الإسرائيلية ومقعد القذف المستخدم في طائرات أف-35، وهي الطائرات الأكثر تقدمًا في إسرائيل ومرتبطة بالهجمات على المدنيين في غزّة ولبنان. وتقوم شركة "إلبيت" - أكبر شركة أسلحة إسرائيلية - بصيانة هذه الطائرات بموجب عقد بقيمة 38 مليون دولار. وتظهر الوثائق كيفية استمرار صادرات الأسلحة البريطانية في دعم القوات الجوية الإسرائيلية، في ظل عدم تنفيذ حزب العمّال حظرًا كاملًا للسلاح.

وقالت إميلي آبل، المتحدثة باسم حملة مناهضة تجارة الأسلحة، لموقع ديكلاسيفايد "إن تعليق الأسلحة الحالي هو مهزلة.. هذه الحكومة تضع القواعد أثناء تنفيذها، وتسخر من القانون الدولي وتعطي الأولوية لأرباح تجار الأسلحة على حياة الفلسطينيين". وأضافت "لا يمكن أن تكون هناك أعذار ولا استثناءات. يجب على المملكة المتحدة فرض حظر فوري وكامل على الأسلحة في الاتجاهين".

وقال ممثل للشركة لموقع ديكلاسيفايد أنه لم يعرف على الشحنة من قاعدة نيفاتيم. وأضاف أن المكونات التي سُلّمت مباشرة إلى إسرائيل كانت لاستخدامها في طائرات التدريب وليس لطائرات أف-35، على حدّ قوله، وهو ما يتماشى مع إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في الثاني من سبتمبر/أيلول بشأن القيود المفروضة على الأسلحة لإسرائيل، إذ قال لامي للبرلمان في حينه إن "طائرات التدريب" لم تكن مدرجة في تعليق الأسلحة لأنها " لم تُقيّم للاستخدام العسكري في الصراع الحالي".

تعليق ستارمر للأسلحة

وعلقت حكومة حزب العمال 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل في أوائل سبتمبر/أيلول، مشيرة إلى مخاوف بشأن انتهاكات القانون الإنساني الدولي. واستبعدت المكوّنات البريطانية لبرنامج مقاتلة F-35 متعددة الجنسيات من القرار، باستثناء إرسالها مباشرة إلى إسرائيل. ويُصنّع أكثر من 15% من كل طائرة في المملكة المتحدة.

وقال وزير الخارجية ديفيد لامي "إن آثار تعليق جميع التراخيص لبرنامج أف-35 من شأنها أن تقوض سلسلة توريد أف-35 العالمية التي تُعد حيوية لأمن المملكة المتحدة وحلفائنا وحلف شمال الأطلسي".

ومع ذلك، حذّرت وزارة الأعمال والتجارة بهدوء من هذه القيود من خلال التأكيد أنه يمكن تصدير مكونات أف-35 إلى إسرائيل طالما أن "البرمجيات أو التكنولوجيا ستتم إعادة تصديرها إلى دولة أخرى في برنامج أف-35". وبالتالي تركت حكومة المملكة المتحدة الباب مفتوحًا أمام إمكانية إرسال مكونات أف-35 إلى دولة ثالثة وتصديرها إلى إسرائيل، أو إرسالها مباشرة إلى إسرائيل وتصديرها إلى دولة ثالثة.

واعتبر الموقع المتخصص في متابعة صادرات الأسلحة البريطانية إلى وجود ثغرة في إرشادات صادرات الأسلحة، والتي لم تلاحظها الصحافة البريطانية إلى حد كبير، وقد تكون مفتوحة للتلاعب من قبل القوات المسلحة الإسرائيلية، في ظل عدم وجود أي آلية لمراقبة ما إذا كانت العناصر تُصدّر بالفعل إلى ما بعد ذلك، ولا تستخدمها القوات المسلحة الإسرائيلية.

وقالت إميلي آبل "تظهر هذه الاكتشافات بوضوح أن حكومة حزب العمّال لا تزال متواطئة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة". وأضافت "نظرًا لعدم وجود شفافية في صادرات الأسلحة البريطانية، لا توجد مساءلة في هذا النظام، وبالتالي لا توجد ضمانات بأن هذه المعدات لن يستخدمها الجيش الإسرائيلي لارتكاب فظائع في غزة".

ستارمر يرفض تصنيف الحرب على غزة بالإبادة

وفي سياق متصل، رفض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خلال جلسة البرلمان أمس الأربعاء، وصف ما يحصل في قطاع غزّة على أنه إبادة جماعية. وعندما سُئل ستارمر خلال جلسة أسئلة رئيس الوزراء عن تعريفه للكلمة، قال أمام مجلس العموم: "أنا على دراية تامة بتعريف الإبادة الجماعية، ولهذا السبب لم أصف الوضع في غزة بأنه إبادة جماعية". وقال إنه ينبغي البحث أولًا فيما حدث في أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي في تلميح لهجوم حماس.

وجاءت تعليقات ستارمر ردًّا على سؤال من النائب أيوب خان، الذي قال إن الإبادة الجماعية لا تتعلق بالأرقام، بل بالنية. وأوضح خان، النائب عن برمنغهام بيري بار، أن المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية تنص بوضوح على أن الإبادة الجماعية لا تتعلق بالأعداد، بل بالنية. واعتبر أن نية الحكومة الإسرائيلية وجيشها واضحة جدًّا في تصريحاتهما وأفعالهما طيلة الأيام الـ400 الماضية، إذ قُتل أكثر من 45 ألفا من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.

وصرّح رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة مؤخرًا أن لإسرائيل الحق في "الدفاع عن نفسها"، على الرغم من أن القوات الجوية الإسرائيلية كانت مسؤولة عن الهجمات على مواطنين بريطانيين في غزّة.

في 18 يناير/كانون الثاني، قصفت الطائرات الإسرائيلية مجمعًا سكنيًا في غزة يضم فريق الطوارئ الطبية للمساعدات الطبية للفلسطينيين (MAP)، وهي مؤسسة خيرية بريطانية، بالإضافة إلى لجنة الإنقاذ الدولية ومقرها الولايات المتحدة، والتي يديرها وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند. أصيب أربعة أطباء بريطانيين في الغارة الجوية، إلى جانب أعضاء طاقم فريق الطوارئ وحارس شخصي. ووصفت فريق الطوارئ الهجوم بأنه "كاد أن يكون مميتًا"، وتسبب في "أضرار جسيمة للمبنى"، واستلزم "انسحاب الأعضاء الدوليين الستة".

ومن المقرر أن تطعن منظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان وشبكة العمل القانوني العالمية في استثناء الحكومة من صادرات طائرات أف-35 في المحكمة العليا يوم الاثنين.

شهادة طبيب بريطاني

وفي جلسة للجنة التنمية الدولية بالبرلمان البريطاني بعنوان "الوضع الإنساني في غزة" عُقدت يوم الثلاثاء، قال نظام مامودي الطبيب البريطاني الذي خدم بقطاع غزة بين شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الماضيين إن الطائرات المسيرة الإسرائيلية تستهدف المدنيين الجرحى على الأرض بعد القصف بالطائرات.

وقال في شهادته التي لاقت تفاعلًا كبيرًا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إن "المسيّرات تخلق الخوف"، وإن لديها أيضا القدرة على إطلاق النار، وإنها تفتح النار على المدنيين. وأضاف "بعد سقوط القنابل على مكان مزدحم حيث توجد الخيام، كانت المسيرات تأتي وتطلق النار على الأطفال والمدنيين ... والرصاص المستخدم في هجمات المسيرات يعدّ أكثر ضررًا من الرصاص العادي. لاحظت في الرصاص المستخدم في المسيرات أنه يدخل الجسم ويتحرك داخله، فيتسبب في العديد من الإصابات الداخلية".

وذكر الطبيب الجرّاح الذي فقد تمالكه باكيًا خلال تقديم شهادته أن طفلًا أخبره أثناء إجراء عملية جراحية له أنه بعد أن سقطت القنبلة، كان ملقى على الأرض، فجاءت مسيرة، حلقت فوقه وأطلقت النار عليه. وتابع: "كان هذا عملًا متعمدًا ومستمرًا، حيث كان هناك استهداف يومي للمدنيين".

The website encountered an unexpected error. Please try again later.