تحذير أممي من تصاعد التوتر في ليبيا بعد قرار "أحادي" للنواب

14 اغسطس 2024
ليبيون يلوّحون بعلمهم الوطني في بنغازي، 17 فبراير 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحذير البعثة الأممية:** حذرت البعثة الأممية في ليبيا من خطورة "الإجراءات الأحادية" التي تزيد التوتر وتقوض الثقة بين الليبيين، داعية إلى التوافق والحوار للحفاظ على وحدة الصف الليبي.
- **ردود الفعل المتباينة:** تباينت ردود الفعل بين الأطراف الليبية تجاه قرار مجلس النواب بنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش، حيث رحب به حفتر واعترض عليه المجلس الأعلى للدولة.
- **مواقف الحكومتين:** أكد الدبيبة شرعية حكومته من الاتفاق السياسي، بينما رحبت حكومة مجلس النواب بتجديد الثقة ودعت لدعمها من السلطات القضائية والدولية.

حذّرت البعثة الأممية في ليبيا من خطورة "الإجراءات الأحادية" التي اتخذتها بعض الأطراف والمؤسسات الليبية، مشيرة إلى أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى تصاعد التوتر في البلاد. جاء هذا التحذير في بيان أصدرته البعثة اليوم الأربعاء، عقب قرار مجلس النواب يوم الثلاثاء بإنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية.

وأوضح البيان أن مجلس النواب استند في قراره إلى انتهاء آجال وثيقة جنيف المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، والتي كانت الأساس في تشكيل الحكومة. كما اعتبر المجلس أن حكومة مجلس النواب هي "الحكومة الشرعية"، وأعلن عن سحب صلاحية القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي ونقلها إلى رئيس مجلس النواب.

وفي بيانها، شددت البعثة الأممية على أن "الأفعال الأحادية في ظل المناخ القائم تؤدي إلى زيادة التوتر، وتقويض الثقة، وتعميق الانقسامات المؤسسية بين الليبيين". ودعت إلى ضرورة التوافق والحوار بين جميع الأطراف، مؤكدة أهمية الحفاظ على وحدة الصف الليبي. كما ذكرت البعثة جميع الأطراف السياسية بالتزاماتها بموجب الاتفاق السياسي الليبي وتعديلاته، وفقًا لقرارات مجلس الأمن. وأكدت أنها ستواصل مشاوراتها مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية، بهدف تحقيق توافق يساعد على إنهاء الجمود السياسي الذي يعيشه البلد.

وجددت البعثة الأممية تأكيد "التزامها بتيسير عملية سياسية شاملة تهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وذات مصداقية"، داعية "جميع الأطراف الليبية إلى تبني الحوار والتوصل إلى حلول وسط تصب في مصلحة كافة الليبيين".

وتباينت ردود الفعل بين الأطراف الليبية تجاه قرار مجلس النواب الأخير. فقد أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر ترحيبه بنقل صلاحيات القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح. وأكد حفتر أن قواته ستواصل تنفيذ مهامها الوطنية لحماية الحدود الليبية، مشدداً على أن هذه الصلاحيات تأتي ضمن مهام القوات المسلحة المعتادة.

من جانبه، أشار نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، في بيان متلفز، اليوم الأربعاء، إلى أن المجلس الرئاسي يتمتع بصلاحيات محدودة، موضحاً أن "الهدف من منح صفة القائد الأعلى للجيش للمجلس الرئاسي كان منع أي طرف من استغلالها لإعلان حالة الحرب أو الطوارئ". ولفت الكوني إلى أن "المجلس الرئاسي لم يصدر أي أوامر عسكرية لشرق البلاد، حيث لا يتبع الشرق أوامره، وكذلك الحال في غرب البلاد".

وأضاف الكوني، مخاطباً رئيس المجلس عقيلة صالح، أن "مجلس النواب يسعى ليكون القائد الأعلى للجيش"، مشدداً على ضرورة أن "يشعر الشعب بأن صالح يمثل الدولة الليبية ككل، وليس جزءًا منها فقط". واتهم الكوني مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بـ"التشبث بالسلطة"، مشيراً إلى أنهما "المعرقلان الأساسيان للعملية الانتخابية". كما حذر من أن استمرار هذه الخلافات قد يؤدي إلى انقسام ليبيا ووصولها إلى حافة حرب جديدة.

وأعرب المجلس الأعلى للدولة عن اعتراضه على قرار مجلس النواب. ففي خطاب وجهه خالد المشري، المترشح لرئاسة المجلس الأعلى للدولة، إلى رئيس مجلس النواب، أكد فيه بطلان قرار نقل صلاحية القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي إلى رئيس مجلس النواب، واعتبره مخالفاً لنصوص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015، والذي ينص على أن قيادة الجيش من اختصاص السلطات التنفيذية.

من جانبه، أعلن محمد تكالة، المرشح الآخر لرئاسة المجلس الأعلى للدولة، رفضه لقرار مجلس النواب. وأوضح تكالة في بيان له أن القرار باطل، لأنه لم يصدر بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة كما ينص الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري، مؤكداً أن هذا القرار "غير منتج لأي أثر قانوني أو سياسي على المؤسسات والإدارات والمصالح العامة في الدولة ولا يعتد به". كما وصفه بأنه "انقلاب على الشرعية الدولية ومحاولة لإجهاض الجهود المبذولة لحل الأزمة الليبية".

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، أن حكومته تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي المضمَّن في الإعلان الدستوري، مشيراً إلى أن قرار مجلس النواب بإنهاء ولاية حكومته ليس سوى "رأي سياسي غير ملزم". وأضاف أن حكومته تتعامل مع "بيانات مجلس النواب المتكررة" كأحد أشكال حرية التعبير لطرف سياسي يسعى لتمديد وجوده في السلطة لأطول فترة ممكنة، مؤكداً أن هذه البيانات "لا تغير من الواقع شيئاً".

كما انتقد الدبيبة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، متهماً إياه بالإصرار على "عقد جلسات غير مكتملة النصاب، تفتقر إلى النزاهة والشفافية"، والتخلي عن الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري. وأوضح أن هذه الممارسات المتكررة، بما في ذلك محاولات سحب الثقة من الحكومة وتنصيب حكومة موازية، لا تؤدي إلى أي نتائج فعلية على الأرض ولا تؤثر على المشهد السياسي.

وأصدرت حكومة مجلس النواب بياناً، أعربت فيه عن ترحيبها بما وصفته بـ"تجديد الثقة" الممنوحة لها من قبل مجلس النواب. ودعت البيان جميع السلطات القضائية، بما في ذلك المجلس الأعلى للقضاء، ومكتب النائب العام، والهيئات الرقابية مثل هيئة الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارات ومخرجات مجلس النواب باعتباره الجهة التشريعية الوحيدة المنتخبة. كما ناشدت الحكومة "كافة الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات الإقليمية والدولية"، بالإضافة إلى "سفارات الدول الأجنبية وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية"، لدعمها وفقًا لثقة مجلس النواب واحترام قراراته.

وفي سياق منفصل، صرحت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا، ستيفاني خوري، بأنها أجرت محادثات مع المترشحين لرئاسة مجلس الدولة، خالد المشري ومحمد تكالة. وأكدت خوري على "الحاجة إلى إيجاد حل للحفاظ على وحدة المجلس، ومنع حدوث أي انقسامات أخرى في المؤسسات الليبية". وجاء ذلك في إشارة إلى أهمية تجاوز الخلاف القائم بين المشري وتكالة حول نتائج انتخابات رئاسة المجلس، حيث لا يزال كل منهما يمارس مهامه بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة.