تحالف عراقي انتخابي جديد: أحزاب تواجه التيار المدني

13 ابريل 2021
يأتي التحالف كخطوة مقابلة لصعود التيار المدني (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تعتزم قوى سياسية عراقية بارزة تشكيل تحالف انتخابي جديد، سيكون الأول من نوعه منذ العام 2003 في حال اكتماله، يضم كتلاً وقوى سياسية، سنية وشيعية وكردية، وذلك للمشاركة في الانتخابات في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وقال مراقبون إنه محاولة لمواكبة تطلعات الشارع بعد التظاهرات الشعبية التي تفجرت بالبلاد، في الأول من أكتوبر العام 2019، ودامت لأكثر من عام بمدن جنوب ووسط العراق والعاصمة بغداد. ويقود حراك تأسيس التحالف زعيم تيار "الحكمة" عمار الحكيم، الذي زار خلال الفترة الماضية عدة مناطق، أبرزها أربيل والأنبار شمال وغربي العراق، ضمن مساعيه الرامية لتشكيل التحالف الأول من نوعه، إذ سبق أن تم تشكيل تحالفات جمعت قوى سياسية سنية وشيعية. لكن التحالف الحالي سيضم قوى كردية وأخرى مدنية وشخصيات تمثل أقليات دينية عراقية.

علي العيساوي: تشكيل أي تحالف هو لبناء عملية سياسية على أسس صحيحة

وقال سياسي عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف الجديد، الذي يعمل الحكيم على تأسيسه، يضم قوى سياسية سنية وكردية، وشخصيات من مدن مختلفة، بالإضافة إلى ناشطين مدنيين. ووصل إلى مراحل متقدمة من التفاهمات مع عدة كتل في هذا الإطار". وأوضح أن كتل "تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وحزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، وائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وتيار المرحلة الذي يدعمه رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، إضافة إلى نواب من الأقليات الدينية، وشخصيات سياسية مستقلة، تعتبر أبرز القوى التي ستدخل هذا التحالف، فيما اعتذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن الانخراط في التحالف، وفضل خوض الانتخابات بشكل منفرد". ووفقاً للمصدر ذاته فإن التحالف الجديد سيكون بمثابة معسكر مقابل للقوى السياسية الحليفة لطهران، مثل "الفتح" بقيادة هادي العامري، و"دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، معتبراً أنه يمثل، في الوقت ذاته، "خطوة مقابلة لصعود التيار المدني وتحسس القوى الرئيسية في البلاد، بتوجه الشارع نحو القوى المدنية واللاطائفية".

وفي إشارة إلى تحالفه السياسي الجديد، كتب عمار الحكيم، في تغريدة السبت الماضي عقب زيارته إلى محافظة الأنبار غرب العراق، إن "التحالف العابر للمكونات سيعالج حالة الفوضى السياسية المتمثلة بالتعددية الحزبية الكبيرة". وقال فادي الشمري، القيادي في تيار "الحكمة"، وأحد أبرز المقربين من زعيمه عمار الحكيم، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنهم يعملون على "تشكيل تحالف انتخابي سياسي، تحضر فيه كل المفاعيل السياسية ذات الألوان المجتمعية المتعددة بالعراق". وأضاف "ما زالت جهود تشكيل هذا التحالف مستمرة، وهناك حوارات تجري على قدم وساق لتشكيله. تحالف الاعتدال والوسطية ودعاة الدولة المدنية، رغم الكثير من المعرقلات ومحاولات إجهاضه من قبل شركاء بالعمل السياسي. (نحن) منفتحون على قوى مؤمنة بالدولة كغطاء وحيد للعمل السياسي والاجتماعي في العراق، والمواطنة كأساس يجمعنا تحت سقف الدستور، ونأمل أن تتكلل هذه الجهود بالنجاح، وسيكون الإعلان عن تحالف ومشروع كهذا قريباً جداً".
من جانبه، قال القيادي في حزب "تقدم"، برئاسة الحلبوسي، النائب علي العيساوي، لـ"العربي الجديد"، إنهم "منفتحون على القوى السياسية الأخرى، التي تريد بناء تحالفات وطنية عابرة للطائفية، وأن يكون تحالفا ليس لأهداف انتخابية فقط، بل له رؤى استراتيجية بعيدة المدى على مختلف الأصعدة السياسية والانتخابية وغيرها في المستقبل القريب أو البعيد". ورداً على انضمامهم للتحالف المرتقب، أوضح العيساوي أن "الحوارات من أجل تشكيل التحالفات الانتخابية ما زالت مستمرة، لكنها وصلت إلى مراحل متقدمة، وسيكون هناك إعلان قريب عنها، مع قرب إغلاق باب تسجيل التحالفات بشكل رسمي من قبل مفوضية الانتخابات" في الأول من مايو/أيار المقبل. واعتبر أن "تشكيل أي تحالف لا يعني أن يكون بالضد من جهة معينة أو تحالفا آخر، بل هو لبناء عملية سياسية على أسس صحيحة، والسعي لتشكيل تحالفات قادرة على أن يكون لها أغلبية في البرلمان من أجل دعم العمل التشريعي بصورة صحيحة، وعدم عرقلة القوانين، التي دائماً ما تريد بعض الكتل تمريرها وفق أجندات سياسية وشخصية".

أحمد حقي: لا بديل أمام العراقيين سوى الوجوه الجديدة المدنية التي تؤمن بدولة المواطنة

وقال عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف الجديد عبارة عن أحزاب قديمة شاركت منذ 18 سنة بالسلطة ولم تقدم أي شيء للناس، ومن غير المعقول التسليم بأنها ستقدم شيئاً بمجرد تحالفهم بشكل مختلف". وأضاف "التحالف الحالي موجود، وخطأ أن يقال إنه الأول من نوعه، فهم متفقون بشكل أو آخر داخل البرلمان على منح الثقة للحكومات والوزراء وتمرير القوانين، وهم أيضا شركاء بالفشل الحالي، وهناك شخصيات في هذا التحالف المقترح تسلمت مناصب تنفيذية وأخرى متهمة بالفساد". واعتبر أنه "لا بديل أمام العراقيين سوى الوجوه الجديدة المدنية التي تؤمن بدولة المواطنة، لا دولة الطوائف كما فعلت هذه الأحزاب".
وأوضح الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي أن التحالفات قبل الانتخابات بين مختلف القوى "دائماً ما تتشكل من أجل أهداف محددة، أهمها السعي لتشكيل الكتلة الأكبر بالبرلمان من أجل الحصول على المناصب الرئيسية في الدولة، وهي رئاسات البرلمان والجمهورية والحكومة، والوزراء أيضاً. إن هذه التحالفات تُشكل وفق مصالح سياسية، ولهذا لا تدوم طويلاً". وبين أن "غالبية التحالفات السياسية في العراق، تشكل وفق دعم دولي أو إقليمي معين، ويكون أمامها تحالف آخر مدعوم من محور آخر، وهذا ما شهدته انتخابات 2018. ولهذا فإن التحالفات، بعد تشكيل الحكومة وتقسيم الوزارات، تشتتت، ولم يبقَ منها أي شيء على الساحة السياسية أو البرلمانية". وأضاف أن "ما يجمع القوى السياسية تحت سقف واحد (تحالف) هو السعي للحصول على النفوذ الأكبر في الدولة العراقية. ولهذا فإن التحالفات في الانتخابات المقبلة، لن تكون مختلفة عن التحالفات السابقة، التي لم يبقَ لها أي أثر على الساحة العراقية، رغم تغيير أسمائها وقياداتها مرات عدة".

المساهمون