تبون يلمح لانتخابات مبكرة في الجزائر وإجراء تعديلات على الدستور

06 أكتوبر 2024
عبد المجيد تبون خلال اللقاء التلفزيوني (صفحة رئاسة الجمهورية/فيسبوك)
+ الخط -

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مساء أمس السبت، إن هناك إمكانية لتنظيم انتخابات محلية نيابية مسبقة في البلاد بحال تم تجهيز بعض القوانين الجديدة، ملمحاً الى إمكانية إقرار تعديلات على الدستور، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كما أشار إلى أن قرار فرض التأشيرة على الرعايا المغاربة، الذي اتخذته الحكومة الجزائرية قبل أسبوعين، كان ضرورة أمنية لحماية البلاد من شبكات تجسس صهيونية، ونفى وجود أي نوايا لطرد المغاربة المقيمين أو العاملين في الجزائر.

وقال تبون في لقاء تلفزيوني بُث ليلة السبت - الأحد: "قد تكون هناك انتخابات محلية وتشريعية مسبقة إذا اقتضت الظروف وفي الوقت نفسه لا أنفي ولا أؤكد ذلك، لكن يجب قبل ذلك أن يكون قانونا البلدية والولاية جاهزين"، مشيراً إلى أن "هناك من يطالب بمراجعة بعض البنود في الدستور، واذا كان هناك طلب ملح لتعديل الدستور، فقد يتم ذلك، وكذلك قانون الانتخابات. ونحن منفتحون تجاه كل هذه الاقتراحات ولن نقصي أحداً".

وأعلن تبون أنه يعتزم تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العام الجاري، بعد الفراغ من المصادقة على قانون الموازنة لعام 2025، موضحاً أنه "بصدد البحث عن كفاءات تفيد في البناء الوطني"، مشيراً إلى أنه غير معني بالضرورة بإشراك الأحزاب التي ساندته في الانتخابات، وقال "لا صلة بين مساندتها لي وبين تشكيل الحكومة، أنا كنت مترشحاً حراً".

كما كشف عبد المجيد تبون عن بدء تحقيقات لتحديد المسؤوليات بشأن ما جرى في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السابع من سبتمبر/أيلول الماضي، وقال "نزولاً عند رغبة المترشحين الثلاثة أمرنا بالبدء بتحريات دقيقة للاستفسار أولاً وتوضيح المؤثرات أو التصرفات الشخصية بالنسبة لما جرى، وذلك لمعالجة الخلل"، وكشف أنه سيتم الإعلان عن النتائج لأن الرأي العام مهتم بأن يعرف النتائج، مضيفاً "في حال تبين أن هذه الهيئة لم تكن في المستوى المطلوب فسيتم تقويمها، وخاصة أن الجزائر مقبلة على انتخابات بلدية وولائية معقدة من حيث عدد المترشحين، أما في حال تبين أن المشكلة تتعلق بأشخاص لم يكونوا في مستوى هذه الهيئة الدستورية، التي تعد من ركائز الديمقراطية ونزاهة الانتخابات، فإنه سيتم تغييرهم".

وبشأن موعد اطلاق الحوار الوطني الذي كان قد أعلن عنه خلال مراسم أدائه اليمين الدستورية، قال إنه "سيبدأ نهاية العام المقبل 2025، أو بداية 2026، لتحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية والقضاء على محاولات زرع الفتنة بين أبناء الشعب الجزائري، وهذا بعد الانتهاء من مراجعة القوانين المتعلقة بالدولة، على غرار قانوني البلدية والولاية وقانون الأحزاب السياسية الذي ألتزم بصياغته بالتشاور مع الأحزاب"، مشيراً إلى أن هذا الحوار سيكون "مسبوقاً بجملة من الأولويات المتصلة بالاقتصاد الوطني وجعل الجزائر في مأمن ومناعة من التقلبات الاقتصادية والسياسية".

وجدد الرئيس الجزائري رفضه الحديث عن وجود "سجناء رأي"، وأعرب عن أسفه لحدوث "سوء فهم في بعض الأحيان ما يتسبب في تكهرب الأوضاع، في الاجتماع السابق مع الأحزاب طلبت منهم إعطائي أسماء معتقلين، وقلت يجب احترام المؤسسات ومحاربة التطرف أياً كان مصدره لأن الديمقراطية لا تعني الفوضى التي تقوم على التشكيك والشتم".

فرض التأشيرة على المغاربة قرار أمني

وتحدث تبون في اللقاء التلفزيوني عن فرض تأشيرة على المواطنين المغاربة لدخول الجزائر، وقال إن فرض التأشيرة هو "قرار سياسي وأمني في الوقت نفسه، وهو أمني بالأخص، لكون أن بعض الصهاينة يحملون جوازات سفر مغربية، ولدينا شكوك في كون أن بعضهم ربما زار الجزائر، وربما كانوا يحاولون الاطلاع على موانئ أو غيرها"، وكشف أنه تم "اعتقال بعضهم بينما تمكن آخرون من الفرار"، في إشارة منه إلى شبكة تجسس كانت السلطات الجزائرية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول الماضي عن اعتقال بعض عناصرها، وكان ضمنهم من يحملون الجنسية المغربية.

وشدد تبون على أن فرض التأشيرة "هو حماية للبلد ودفاع عن النفس وليس موجهاً ضد الشعب المغربي، وهو شعب شقيق نكن له كل المودة"، وكذب تبون تقارير إعلامية غربية كانت قد تحدثت عن إمكانية أن تقوم الجزائر في وقت لاحق بطرد كل المغاربة من التراب الجزائري، وقال "نحن لن نطرد أي مغربي، هناك من المغاربة من يعيشون بيننا ويعملون باحترام، ولن نقوم بطرد أي مغربي موجود في الجزائر".

وكانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، في أعقاب اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، إعادة فرض التأشيرة على جميع الرعايا المغاربة والحاملين لجواز سفر مغربي عند الدخول إلى التراب الوطني، وحمّلت الرباط مسؤولية دفعها إلى اتخاذ هذه الخطوة بسبب ما اعتبرتها "إساءة استغلال غياب التأشيرة بين البلدين والانخراط، للأسف الشديد، في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني، عبر تنظيم أعمال التجسس، فضلاً عن نشر عناصر استخباراتية صهيونية من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني". وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب مقطوعة منذ أغسطس/ آب 2021.

تبون: نحافظ على شعرة معاوية مع فرنسا

وبخصوص زيارته التي كانت مقررة إلى فرنسا، لمّح تبون إلى أنه لم يحصل أي تقدم بشأنها، خاصة بعد قرار الجزائر سحب سفيرها من باريس في مطلع سبتمبر/أيلول الماضي (عين لاحقاً سفيراً في البرتغال)، وأضاف تبون أن "قرار سحب السفير الجزائري من باريس تم احتراماً للقانون الدولي والأمم المتحدة، لكون فرنسا عضواً في مجلس الأمن ومع ذلك بادرت إلى إعلان دعمها للحكم الذاتي في منطقة الصحراء الغربية، في الوقت الذي يوجد فيه ملفها لدى لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، وهذا ما  أزعجنا"، وأشار إلى أن الجزائر ما زالت تحافظ "على شعرة معاوية مع فرنسا، ولا يجب أن نسمح للمتطرفين اليمينيين بقطعها".

وأكد تبون أن بلاده مستعدة "لطي الصفحة دون تمزيقها، وإذا كانت باريس تريد أن نكون أصدقاء فعليها أن تقوم بتطهير مناطق التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، والتي استخدمتها فرنسا للحصول على السلاح النووي، بينما ما زالت الإشعاعات النووية تقتل الجزائريين في واد الناموس"، جنوبي الجزائر.

ورداً على تهديدات سياسية من باريس بشأن إمكانية مراجعة اتفاق الهجرة وتنقل الأشخاص الموقع عام 1968 بين البلدين، والذي أعلن وزير الداخلية الفرنسي الجديد برونو ريتاليو بالإضافة لقوى من اليمين المتطرف الفرنسي عن الرغبة في تعديله، قال الرئيس الجزائري إن هذه الاتفاقية "جاءت أصلاً كمراجعة ولتقليص صلاحيات اتفاقيات إيفيان (اتفاق الاستقلال عام 1962)، التي كانت تسمح بالتنقل الحر بين الجزائر وفرنسا، وتمت مراجعة ثانية في 1985، ثم في 1995، ثم في 2001، بحيث لم يبق في هذه الاتفاقية أي محتوى"، مضيفاً ان "اتفاقية 1968 لم يعد لها أي معنى وعبارة عن فزاعة سياسية فحسب، وشعارات سياسية تمثل حالة ابتزاز ضد الجزائر".

ونفى تبون وجود أزمة في العلاقات مع روسيا على خلفية تمركز مليشيا فاغنر في مناطق قرب الحدود الجزائرية في كل من ليبيا ومالي، وقال إن "العلاقات مع روسيا ما زالت جيدة، ونحن نسير معاً في المجال الاقتصادي، ولن نقوم بأذية روسيا، باقي التحاليل تبقى مجرد أقاويل".

المساهمون