بهذه الأكاذيب برّرت إسرائيل مجازرها الكبرى في غزة

28 مايو 2024
جنود إسرائيليون بجوار المباني المدمرة شماليّ غزة، 19 ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مجازر متعددة في قطاع غزة بيد القوات الإسرائيلية، أبرزها استهداف المستشفى المعمداني في حي الزيتون بزعم مسؤولية فلسطينية، رواية تم دحضها بتحقيقات دولية.
- الروايات الإسرائيلية المتغيرة والتبريرات المتضاربة تكشف عن محاولات مستمرة لتجنب المسؤولية عن العنف المفرط والقتل غير المبرر للمدنيين، كما في مجزرة شارع الرشيد.
- مجزرة رفح الجديدة تبرز الوحشية المستمرة للهجمات الإسرائيلية على غزة، مع استمرار الإدانات الفلسطينية والدولية لهذه الأفعال، مؤكدة على الحاجة الماسة للمساءلة والعدالة.

مجزرة رفح: ضربتنا الجوية وحدها لا يمكن أن تكون قد تسببت في حريق

مجزرة شارع الرشيد: أشخاص مشتبه بهم اقتربوا من القوات الإسرائيلية

مجزرة المعمداني: جهة فلسطينية تتحمل المسؤولية

مع كل مجزرة جديدة ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، آخرها في مدينة رفح، يُطل علينا المتحدث باسم جيش الاحتلال مبرراً قيام الطائرات الإسرائيلية بقتل وإصابة مئات الفلسطينيين المدنين، تارةً من خلال القول بأنهم كانوا "أضراراً جانبية" لتحقيق أهداف إسرائيل من قصفها المتواصل، وتارةً أخرى من خلال إنكار المسؤولية عن الحادثة برمتها، قبل أن تخرج وسائل إعلام ومنظمات حقوقية لتكشف زيف رواية الاحتلال في كل مرة. وابتداءً من مجزرة المستشفى المعمداني، التي أثارت حينها الكثير من ردود الفعل الدولية، مروراً بمجازر جباليا والمغازي وشارع الرشيد، وصولاً إلى مجزرة مدينة رفح، يرصد "العربي الجديد" أبرز التبريرات التي استخدمها جيش الاحتلال للتغطية على جرائمه في غزة. 

  • مجزرة المعمداني: "جهة فلسطينية تتحمل المسؤولية"

بحلول الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول، استهدفت الطائرات الإسرائيلية المعادية "المستشفى المعمداني" أو "المستشفى الأهلي العربي" الواقع في حيّ الزيتون جنوبيّ مدينة غزة، لترتكب واحدة من أفظع مجازر الاحتلال. وبعد ساعات من المجزرة الإسرائيلية، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، مستعيناً بصور عرضها في مؤتمر صحافي، إن التحقيقات كشفت أن جهة فلسطينية تتحمل مسؤولية توجيه صاروخ "من طريق الخطأ" إلى مبنى المستشفى، فيما روجت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى الخبر، وتبنت واشنطن ودول غربية عدة الرواية الإسرائيلية، فيما ندّدت دول عديدة بالمجزرة. ويُعَدّ المستشفى المعمداني من أقدم المستشفيات في قطاع غزة، وقد أُنشئ في أواخر القرن التاسع عشر. أُعيد تأهيله قبل أعوام، وكان يُطلق عليه اسم المستشفى الإنكليزي، ويُعَدّ من أقدم المستشفيات التخصصية في قطاع غزة.

ودحض تقرير أعدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن وقوف جهة فلسطينية وراء مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني، التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد فلسطيني، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. ومن خلال عرض تحليل بصري للصور المنشورة، قالت "نيويورك تايمز" إنّ مقطع الفيديو الذي ظهر فيه صاروخ فلسطيني انفجر على حدود قطاع غزة، واستخدمته إسرائيل ووسائل إعلام غربية لتبرئة جيش الاحتلال من المجزرة، هو صاروخ انفجر على بعد 3 كيلومترات على الأقل من المستشفى، ولم يسبّب تلك المجزرة.

  • مجزرة جباليا: "مكان كان يختبئ فيه أحد قادة حماس"

في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أكبر المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، بعد استهدافها حياً سكنياً كاملاً في مخيم جباليا، وهو أحد أكبر المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة، وأكثرها اكتظاظاً بالسكان، ليس في غزة فقط، بل في العالم. وبعد وقت قليل من المجزرة الإسرائيلية، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المربع السكني الذي استهدفه الاحتلال في جباليا من الأكثر اكتظاظاً في القطاع. واستهدف القصف الإسرائيلي على المخيم نحو 10 منازل مكتظة بالسكان، مخلفاً وراءه ما قُدِّر بـ400 فلسطيني بين شهيد وجريح، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إنّ طائرات الاحتلال استخدمت خلال هجومها ما يقارب 6 قنابل تزن كل واحدة طناً من المتفجرات.

ساعات قليلة فقط بعد المجزرة، وكما في كل مرة تريد إسرائيل فيها تبرير جرائمها في القطاع، خرج المتحدث باسم جيش الاحتلال، قائلاً إن السبب وراء المجزرة وجود قيادي في حركة حماس داخل المخيم. وأوضح المتحدث في تصريحات خاصة لشبكة سي أن أن الأميركية، أن "القصف استهدف مكاناً كان يختبئ فيه أحد قادة حماس". وأضاف: "لا نستطيع التأكّد من أننا قتلنا القيادي في حماس خلال قصف جباليا"، زاعماً أن القيادي المستهدف كان هو المسؤول عن المعارك في شمال غزة منذ بدء الحرب.

  • مجزرة المغازي: "الذخيرة المستخدمة لم تكن مناسبة"

في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات كثيفة على مخيم المغازي وسط قطاع غزة، لتضاف إلى سلسلة من المجازر التي استهدفت المشافي والطواقم الطبية والمدنيين والنازحين. وبعد أيام من الحادثة، نقلت هيئة البث الإسرائيلي "كان"، تعقيب مسؤول في جيش الاحتلال الإسرائيلي على قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال هجوم على مخيم المغازي، بأن الذخيرة المستخدمة لم تكن مناسبة. ووصف المصدر، الذي لم تكشف "كان" عن هويته، بأن ما حدث في المغازي كان عبارة عن "أضرار جانبية"، رغم أن الحديث عن أرواح أبرياء أزهقها قصف الطائرات الإسرائيلية. وأفادت "كان" بأن جيش الاحتلال اعترف بإصابة مبانٍ مجاورة للأهداف التي كان يقصدها في هجماته، ما أدى إلى استهداف مدنيين في مخيم المغازي.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان معقّباً: "كجزء من العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الرامية إلى توجيه ضربات لأهداف تابعة لمنظمة حماس (..) هاجمت طائرات حربية هدفين قريبين من بعضهما، كان فيهما عدد من ناشطي حماس يوم 24 ديسمبر/ كانون أول 2023". وأضاف البيان: "قبل الهجوم اتُّخِذَت تدابير من أجل تقليص المسّ بمن لا صلة لهم بالأمر. التحقيق الأولي أفضى إلى أنه خلال الهجوم أصيبت مبانٍ إضافية قريبة من الأهداف التي جرت مهاجمتها، على نحو، أدى كما يبدو إلى المسّ بأشخاص لا علاقة لهم بالأمر". وتابع: "بموازاة ذلك، حُوِّل ملف الحدث إلى منظومة التحقيقات في هيئة الأركان، المسؤولة عن التحقيق في أحداث استثنائية جرت خلال المعارك. الجيش الإسرائيلي يعرب عن أسفه للمسّ بمن لا صلة لهم ويعمل على استخلاص العبر".

  • مجزرة شارع الرشيد: "أشخاص مشتبه فيهم اقتربوا من القوات الإسرائيلية"

في الثامن من مارس/ أيار الماضي، وبعد أيام على مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال في شارع الرشيد في غزة، زعم جيش الاحتلال أن "تحقيقاً" أجراه بشأن مجزرة شارع الرشيد، في 29 فبراير/ شباط الماضي، خلص إلى أن "الجيش لم يطلق النار باتجاه القافلة"، وإنما باتجاه أشخاص "مشتبه فيهم"، على حدّ وصفه، بعدما اقتربوا من القوات الإسرائيلية وشكّلوا تهديداً لها. واستُشهد وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على حشد من الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون تسلّم مساعدات إنسانية في شارع الرشيد بمدينة غزة، صباح يوم 29 فبراير/ شباط الماضي. وذكرت وزارة الصحة في غزة، في وقت سابق، أن حصيلة مجزرة شارع الرشيد ارتفعت إلى 112 شهيداً و760 مصاباً.

وقال البيت الأبيض، حينها، إنّه لا يملك معلومات كافية بشأن تصريحات جيش الاحتلال التي زعم فيها أن شهداء "مجزرة الطحين" التي وقعت في شارع الرشيد بمدينة غزة سقطوا نتيجة التدافع بينهم من أجل الحصول على المساعدات، وسط تشكيك في رواية جيش الاحتلال حول المجزرة. وفي السياق، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن تعليقات المسؤولين الإسرائيليين بشأن مجزرة الطحين في شارع الرشيد "كانت غير متّسقة، وحملت معلومات متناقضة في كثير من الأحيان". ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله في البداية إنّ مصدر النيران لم يكن دبابة بل بنادق، فيما أشار مسؤول عسكري آخر إلى أن دبابة إسرائيلية هي التي أطلقت طلقات تحذيرية وشرعت القوات بإطلاق النار على الحشد، فيما استعرضت الصحيفة تصريحات مسؤول عسكري ثالث لمحطة إذاعية فرنسية، زعم فيها أن جنود الاحتلال ردوا على إطلاق النار عليهم.

  • مجزرة رفح: "ضربتنا الجوية وحدها لا يمكن أن تكون قد سبّبت حريقاً مميتاً"

ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، مجزرة جديدة في مدينة رفح، أدت إلى استشهاد 45 فلسطينياً وإصابة 249، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، في قصف استهدف مخيماً للنازحين في منطقة تل السلطان شمال غربيّ رفح، رغم أنها كانت ضمن المناطق التي زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها "آمنة ويمكن النزوح إليها". ولاقت المجزرة الجديدة في رفح إدانات فلسطينية واسعة، علماً أنه منذ بدء العدوان على غزّة عمل الاحتلال على توجيه الفلسطينيين إلى مناطق يصنفها آمنة، لكن النازحين لا يسلمون من القصف والتجويع في القطاع الذي لم يعد فيه أي مكان آمناً بإقرار الأمم المتحدة نفسها.

واليوم الثلاثاء، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن ضربته الجوية وحدها "لا يمكن" أن تكون قد سبّبت الحريق المميت الذي أدى إلى استشهاد 45 شخصاً في رفح في جنوب قطاع غزة كما أعلنت وزارة الصحة. وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هغاري، للصحافيين: "ذخائرنا وحدها لا يمكن ان تشعل حريقاً بهذا الحجم". وأضاف أن الجيش ألقى مقذوفتين تحملان 17 كيلوغراماً من "المواد المتفجرة" على موقع استهدف اثنين من كبار قادة حماس.