بلينكن يصل إلى جدّة وسط توتر العلاقات.. وبحث التطبيع مع إسرائيل متوقع

06 يونيو 2023
هذه هي الزيارة الثانية لمسؤول أميركي كبير إلى السعودية في الآونة الأخيرة (أسوشييتد برس)
+ الخط -

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، إلى السعودية، في زيارة تستمرّ ثلاثة أيام، وترمي إلى تعزيز العلاقات المتوترة مع المملكة التي تسعى إلى توسيع علاقاتها مع خصوم واشنطن.

وحطت طائرة بلينكن في مدينة جدّة، حوالى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي (17:00 ت غ)، حسبما أفاد صحافي مرافق وكالة فرانس برس، في أول زيارة له إلى المملكة منذ أن قررت الرياض وطهران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في اتفاق رعته الصين في آذار/ مارس الماضي، بعد قطيعة استمرّت سبع سنوات.

من المتوقع أن يلتقي بلينكن الثلاثاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفق مسؤول أميركي، لكن السعوديين لم يؤكدوا اللقاء بعد.

وعشية رحلة بلينكن، قال المسؤول الأميركي الرفيع في الخارجية والمكلّف شؤون شبه الجزيرة العربية دانيال بنايم في تصريح صحافي "نركّز على أجندة متوافق عليها والقدر الكبير من العمل الذي يمكن لبلدينا إنجازه معاً".

ستركّز المباحثات على العلاقات الاستراتيجية والجهود الرامية إلى إنهاء النزاعات في السودان واليمن والمعركة المشتركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وعلاقات الدول العربية مع إسرائيل.

وتأتي الزيارة في خضمّ تغيّر سريع لمشهد التحالفات في الشرق الأوسط بدأ منذ نحو ثلاثة أشهر مع الاتفاق السعودي الإيراني الذي أحيا الآمال بحلّ نزاعات في المنطقة تقف أوّل قوّتين إقليميّتين في الخليج على طرفَي نقيض فيها.

كما تأتي الزيارة، التي تستمر من السادس إلى الثامن من يونيو/ حزيران، إلى أكبر مُصدر للنفط في العالم، بعد أيام من تعهد الرياض بخفض إنتاجها النفطي بصورة أكبر، في خطوة من المرجح أن تزيد التوتر الذي تعاني منه بالفعل العلاقات الأميركية السعودية بسبب سجل المملكة في حقوق الإنسان، والخلافات بشأن سياسة واشنطن مع إيران.

وهذه هي الزيارة الثانية لمسؤول أميركي كبير في الآونة الأخيرة. وزار مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان السعودية في السابع من مايو/أيار.

وقبيل وصول بلينكن الثلاثاء، تعيد إيران، العدو اللدود للولايات المتحدة، فتح سفارتها في الرياض.

وينتقل بلينكن الأربعاء إلى الرياض لحضور اجتماع لمجلس التعاون الخليجي، قبل أن يترأّس مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان اجتماعاً للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، الذي أُنشئ عام 2014 ويضم عشرات الدول.

الرياض وواشنطن تواصلان التنسيق خصوصاً في مجال الدفاع، إذ إن الرياض تشتري بشكل دائم أسلحة أميركية متطوّرة.

ومن بين أهداف الزيارة إعادة التفاهم مع الرياض بشأن أسعار النفط، والتصدي للنفوذ الصيني والروسي في المنطقة، وتعزيز الآمال في تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية في نهاية المطاف.

وتأمل الولايات المتحدة أن تطبّع السعودية العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي سبق أن طبّعت دول عربية عدة، بينها الإمارات والبحرين، علاقاتها معها عام 2020 بموجب اتفاقات رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وعشية زيارته السعودية، قال بلينكن إنه "لدى الولايات المتحدة مصلحة فعلية على صعيد الأمن القومي في إرساء تطبيع بين اسرائيل والسعودية".

وأضاف "نستطيع وعلينا أن نؤدي دوراً كاملاً للمضي قدماً في هذه المسألة"، لكنه تدارك أن "ليس لديه أي أوهام لجهة إمكان القيام بذلك سريعاً أو في شكل سهل".

ولطالما اشترطت السعودية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي الاعتراف بدولة فلسطينية، مطالبة الولايات المتحدة بتوفير ضمانات أمنية.

 

وقال ريتشارد جولدبرج، كبير المستشارين في مؤسسة (الدفاع عن الديمقراطيات) البحثية، ومقرها واشنطن، إن إثناء الرياض عن تعزيز علاقاتها مع الصين ربما يكون الجانب الأكثر أهمية في زيارة بلينكن.

وأضاف أنه سيتعين على بلينكن أن يوضح "لماذا لا تتوافق المصالح الصينية مع السعودية، وكيف سيعوق التقارب في العلاقات بطريقة استراتيجية (مع بكين) العلاقات الوثيقة مع واشنطن".

ممنوعون من السفر

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال خلال حملته الانتخابية عام 2019 إنه سيجعل السعودية "منبوذة" إذا جرى انتخابه، وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه في عام 2021 سمح بالكشف عن تقييم للمخابرات الأميركية أشار إلى أن ولي العهد السعودي أعطى موافقته على عملية لاعتقال أو قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018.

ولم تنجح زيارة قام بها بايدن إلى المملكة في يوليو تموز 2022 في تخفيف التوترات، وسعت الرياض حثيثاً لتعزيز نفوذها الإقليمي، وأصبحت أقل اهتماماً بالتوافق مع الأولويات الأميركية في المنطقة.

وكان أحدث مثال على ذلك عندما رحّب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحرارة برئيس النظام السوري بشار الأسد خلال القمة العربية في مايو/ أيار، والتي شهدت عودة النظام إلى الجامعة العربية، بعد عقد من تعليق عضويته، وهي خطوة قالت واشنطن إنها لا تدعمها ولا تشجعها.

وتضخ المملكة مئات المليارات من الدولارات من أجل تقليل اعتماد اقتصادها على النفط. واقترنت الإصلاحات بعدد كبير من الاعتقالات لمنتقدي الأمير بن سلمان، وكذلك رجال أعمال ورجال دين ونشطاء حقوقيين.

ووجه مواطنون أميركيون ومقيمون في الولايات المتحدة لهم أقارب محتجزون في السعودية رسالة لبلينكن، اليوم الثلاثاء، طلبوا منه فيها الضغط على المسؤولين السعوديين للإفراج الفوري عن أقاربهم. وشملت القائمة رجل الدين البارز سلمان العودة، وأقارب مسؤول المخابرات السابق سعد الجابري، وناشط حقوق الإنسان محمد القحطاني، وعامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان.

وكانت المملكة قد أطلقت سراح أميركيين محتجزين من سجونها، لكن مع بقاء بعضهم ممنوعين من السفر.

وقال مسؤولون أميركيون في إفادة للصحافيين بشأن الزيارة الأسبوع الماضي، إن هناك "حواراً مستمراً بشأن تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية" مع السعودية، لكنهم رفضوا الإفصاح عما إذا كان بلينكن سيطلب أي ضمانات من مسؤولي السعودية بهذا الشأن.

(رويترز، فرانس برس)

المساهمون