تعثرت المساعي الجزائرية بالتنسيق مع الحكومة المصرية لإخراجهم
أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم الأربعاء، أن الوزير أحمد عطاف تلقى مكالمة هاتفية ثانية من نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، بشأن "التطورات في غزة"، وتحرك الجزائر في مجلس الأمن عقب قرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتتهمها بتنفيذ إبادة في القطاع.
وأفادت الخارجية الجزائرية بأن المناقشات بين عطاف وبلينكن "تركزت بشكل خاص على تطورات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود الدبلوماسية التي تبذلها الجزائر في مجلس الأمن الدولي، بهدف تفعيل التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية".
وأدرج المصدر الاتصال الهاتفي الثاني من نوعه بين الوزيرين في ظرف أسبوع ضمن إطار "المشاورات المنتظمة التي اتفق عطاف وبلينكن على الحفاظ عليها بشأن القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك".
وكان أنتوني بلينكن قد أجرى اتصالا مع عطاف في السادس من فبراير/ شباط الجاري، بشأن مشروع القرار الجزائري حول قطاع غزة في مجلس الأمن، والذي يستهدف بشكل رئيسي تحقيق وقف لإطلاق النار في القطاع، وكذا ضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات دون عوائق أو شروط.
ويفهم من سرعة وكثافة الاتصالات السياسية بين وزيري خارجية الجزائر وواشنطن وجود امتعاض أميركي من التحركات الجزائرية في مجلس الأمن بشأن غزة، حيث كانت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قد انتقدت مشروع القرار الجزائري.
ويفسر المحلل السياسي جمال هديري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، هذه الاتصالات بأنها "مؤشر واضح على قلق أميركي من الموقف الذي تبديه الجزائر عقب عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن منذ شغلها للمقعد في يناير/ كانون الثاني الماضي، ومحاولات واشنطن الضغط على الجزائر بشأن التوجهات التي تتبناها في المجلس إزاء الوضع في الأراضي الفلسطينية، والتي تتناقض كليا مع الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل".
استشهاد جزائريين في غزة ومساعٍ حكومية لإخراج البقية
وفي سياق متصل، استشهد أكثر من عشرة جزائريين من الجالية الجزائرية المقيمة في قطاع غزة، في الأيام الماضية جراء القصف الإسرائيلي على مدن القطاع، بحسب إفادات مصادر جزائرية تتابع الملف، فيما تعثرت كامل الجهود الجزائرية التي كانت تهدف إلى إخراجهم من غزة إلى مصر عبر معبر رفح وترحيلهم إلى الجزائر.
وذكرت نفس المصادر لـ"العربي الجديد" أن عدداً من الجزائريين، في حدود 65 شخصاً، تمكنوا من العبور إلى الجانب المصري بطرق مختلفة، غير أن العدد الأكبر ما زال عالقاً في رفح الفلسطينية، بعدما تعثرت المساعي الجزائرية بالتنسيق مع الحكومة المصرية لإخراجهم، حيث أبلغت السلطات المصرية الجانب الجزائري، أن إسرائيل تعرقل خروجهم من المعبر في الجانب الفلسطيني، وترفض السماح لحاملي الجوازات الجزائرية بالخروج، على خلفية الموقف الجزائري من إسرائيل، وفقاً للمصادر.
لكن السلطات الجزائرية لا تبدو مقتنعة بالمبررات التي يقدمها الجانب المصري، وتعتبر أنه كان يمكن خروجهم ضمن دفعات مواطنين من جنسيات أخرى تمكنوا من الخروج، خاصة في ظل الحديث عن طرق أخرى وعمولات تدفع لهيئات غير رسمية لتمكين الراغبين في الخروج، إذ كانت الأمينة العامة لحزب العمال في الجزائر، لويزة حنون، قد وجهت اتهامات صريحة إلى القاهرة بعرقلة خروج ونقل رعايا جزائريين وجرحى فلسطينيين إلى الجزائر.
وأبلغت عائلات جزائرية تقيم في غزة تمكنت من الاتصال بالسلطات الجزائرية والهيئات الدبلوماسية التي تتولى متابعة ملفها، أنها تعيش أوضاعاً صعبة، وأن بعض العائلات نزحت خمس مرات متتالية من منطقة إلى أخرى بسبب القصف والعدوان الإسرائيلي، مؤكدة أنها تواجه ظروفاً معيشية قاسية على مستوى التموين، وتزداد هذه الأوضاع تعقيدا مع التهديدات الإسرائيلية بعملية عسكرية في رفح.
وكانت عائلات جزائرية ورعايا يحملون الجنسية المزدوجة يقيمون في قطاع غزة (عددهم ما يقارب 300 رعية جزائرية)، قد نظمت تجمعاً أمام المستشفى الكويتي في رفح جنوبي قطاع غزة، لمناشدة الرئيس عبد المجيد تبون إجلاءها ونقلها إلى الجزائر، ودعوته إلى بذل جهود أكبر من الجانب المصري لتمكينهم من الخروج إلى المعبر من الجانب المصري.
وفي نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، التقى مسؤولون في الخارجية الجزائرية وفدا من عائلات جزائرية لها أفراد في غزة، وتعهدوا "باتخاذ جميع الإجراءات والترتيبات اللازمة للقيام بعملية الإجلاء في أحسن الظروف"، وطمأنت الخارجية "أنها تجري متابعة وضعية الجالية الجزائرية في غزة عن كثب، حيث تمّ اتخاذ جميع الإجراءات والترتيبات اللازمة على مستوى وزارة الشؤون الخارجية بالتنسيق مع سفارة الجزائر بالقاهرة، من أجل مباشرة عملية الإجلاء فور الحصول على تراخيص العبور عن طريق منفذ رفح من قبل السلطات المصرية".