بعيداً عن القرار.. خبراء يعتبرون دعوى جنوب أفريقيا "نصراً دبلوماسياً"

26 يناير 2024
أحرجت هذه الدعوى إسرائيل وحلفاءها في واشنطن وبروكسل ولندن (Getty)
+ الخط -

في وقت يعتقد فيه أن تكون قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل قد أثارت استياء عواصم الشركاء التجاريين الغربيين الحيويين، لكنها عززت، بحسب خبراء، مكانة الدولة باعتبارها بطلاً لجنوب العالم المسحوق.

وبغض النظر عما ستقضي به المحكمة التابعة للأمم المتحدة اليوم الجمعة، فمن الواضح أن القضية تحرج إسرائيل وحلفاءها في واشنطن وبروكسل ولندن. ويرى خبراء أنه من غير المرجح أن تُعاقَب جنوب أفريقيا على هذه الخطوة.

وقال مدير مركز دراسة الديمقراطية في جنوب أفريقيا ستيفن فريدمان: "إذا بدأتَ بمعاقبة جنوب أفريقيا لذهابها إلى محكمة العدل الدولية، فسوف يتعين عليك البدء بمعاقبة دول أفريقية أخرى كثيرة" لدعمها الفلسطينيين.

وأضاف: "وإذا فعلت هذا، فيمكن أن تبعث أيضاً برسالة (للرئيس الصيني) شي جين بينغ تقول فيها لقد فزت".

وفي تأكيد على هذه النقطة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في زيارة إلى أنغولا أمس الخميس، بشأن تقدم جنوب أفريقيا بالقضية في محكمة العدل الدولية: "سواء أكان بيننا خلاف أم لا، فإن مسألة معينة لا تنتقص من العمل المهم الذي نقوم به معاً في مجالات أخرى كثيرة".

ويقارن المسؤولون في جنوب أفريقيا غالباً نضالهم السابق ضد حكم الأقلية البيضاء بالقضية الفلسطينية، وهي مقارنة ترفضها إسرائيل بشدة.

"موضع فخر"

وتقدم جنوب أفريقيا نفسها أنها منتقدة لنظام عالمي ترى أنه يخدم أساساً مصالح الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الغنية الذين يروجون لمعايير دولية يطبقونها على الأعداء، لكنهم لا يستخدمونها مع الأصدقاء أو حتى على أنفسهم في كثير من الأحيان.

وقال المحلل والمحرر في صحيفة "ورلد بوليتكس ريفيو" كريس أوجونموديدي إنّ رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، أثناء جائحة "كوفيد-19"، هو من أدان العالم الغني لاستئثاره بكل اللقاحات.

ولعبت جنوب أفريقيا دوراً فعالاً في الترويج لمجموعة "بريكس" بديلاً للهيمنة الغربية، مع تعبير 40 دولة عن رغبتها في الانضمام العام الماضي. 

وقال أوجونموديدي إنّ قضية محكمة العدل الدولية "مؤشر آخر على المكانة المهمة التي تسعى جنوب أفريقيا لاحتلالها باعتبارها من الأصوات الرائدة في القارة في الشؤون العالمية".

وسيعزز هذا الهدف اتخاذ موقف حازم تجاه الحرب في غزة، التي أدت إلى نزوح نحو 1.9 مليون فلسطيني واستشهاد 26 ألف شخص على الأقل.

وعدم اتخاذ جنوب أفريقيا موقفاً أخلاقياً واضحاً كهذا تجاه روسيا أثار استغراباً. وفي العام الماضي، لم تفلح الحكومة في الحصول على إعفاء من التزامها باعتقال الرئيس فلاديمير بوتين عن اتهامه بارتكاب ما يُعتقد أنها جرائم حرب في أوكرانيا، وذلك حتى يتمكن من حضور قمة بريكس.

وقالت المؤلفة والكاتبة فريال هفاجي، في صحيفة "ديلي مافريك" القومية، هذا الشهر، إنّ "المبدأ الأساسي في الأخلاقيات هو أنها لا يمكن أن تكون انتقائية. جنوب أفريقيا لم تفعل الصواب تجاه الشعب الأوكراني". لكنها أثنت على جنوب أفريقيا لاختيارها فريقا قانونياً من الدرجة الأولى للدفاع عن القضية في محكمة العدل الدولية.

ويفتخر شعب جنوب أفريقيا بحكم القانون القوي الذي تمخض عنه نضاله ضد الفصل العنصري، والذي غالباً ما يحل نزاعات سياسية داخلية محفوفة بالضغائن.

وقال كريس فاندوم، الباحث الجنوب أفريقي البارز، إنّ "رؤية قضاتهم على مقاعد محكمة العدل الدولية وهم يرتدون الأوشحة الجنوب أفريقية تشبه مشاهدة فريق سبرينجبوكس (فريق الرغبي الوطني) يفوز بكأس العالم".

(رويترز)