بدء عمليات التصويت في الانتخابات التشريعية الإيطالية

25 سبتمبر 2022
خمسون مليون إيطالي إلى صناديق الاقتراع (أندرياس سولارو/فرانس برس)
+ الخط -

دُعي أكثر من خمسين مليون إيطالي إلى صناديق الاقتراع، اليوم الأحد، لانتخاب برلمانهم وسط توقعات بأن يتصدر اليمين المتطرف النتائج ويتولّى رئاسة الحكومة، خلفاً لماريو دراغي، في سابقة في هذا البلد.

وتشكلت العديد من الطوابير أمام مراكز الاقتراع في مختلف مناطق البلاد، وبحسب وزارة الداخلية تجاوزت نسبة التصويت 19% في الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، وهي نسبة تقارب تلك المسجلة في الانتخابات التشريعية لعام 2018.

وقال رئيس حزب "الرابطة" المناهض للمهاجرين ماتيو سالفيني للصحافيين أثناء توجهه للتصويت "ألعب لأفوز، لا لأشارك"، مؤكداً أن حزبه سيكون "على منصة الفائزين: الأول أو الثاني وفي أسوأ الأحوال الثالث".

وأضاف سالفيني الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في حكومة جوزيبي كونتي (2018-2019): "أتطلع إلى العودة من الغد إلى حكومة هذا البلد الاستثنائي".

كما صوّت في الصباح رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا وزعيم "الحزب الديمقراطي" (يسار الوسط) إنريكو ليتا.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 5:00 توقيت غرينتش، فيما كان الناخبون يقفون في صوف انتظار للإدلاء بأصواتهم. وستبقى المراكز مفتوحة حتى الساعة 21:00 توقيت غرينتش، على أن تصدر فور إغلاقها أول استطلاعات الرأي التي ستعكس صورة واضحة للنتائج.

وفي ظل توقعات تمنح حزب "فراتيلي ديتاليا" (إخوة إيطاليا) من الفاشيين الجدد حوالي ربع نوايا الأصوات، بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، من المرجح أن تتولى زعيمته جورجيا ميلوني (45 عاماً) رئاسة حكومة ائتلافية تكون الهيمنة فيها لليمين المتطرف على حساب اليمين التقليدي.

وسيشكل ذلك زلزالاً حقيقياً في إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، وكذلك في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسيّة المقربة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

وحذّرت زعيمة الحزب، خلال حملتها الانتخابية، بأن "الكل قلق في أوروبا لرؤية ميلوني في الحكومة.. انتهت الحفلة، وستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها الوطنية".

ونجحت ميلوني المعجبة سابقاً بموسوليني، والتي ترفع شعار "الله.. الوطن.. العائلة"، في جعل حزبها مقبولاً باعتباره قوة سياسية، وطرح المسائل التي تحاكي استياء مواطنيها وإحباطهم ببقائها في صفوف المعارضة، في حين أيدت الأحزاب الأخرى حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ماريو دراغي.

غير أن الأمور لم تُحسم بعد، ولفتت أستاذة علم الاجتماع في جامعة لويس في روما، إميليانا دو بلازيو، إلى أنه "لا يمكن التكهّن (بنتيجة) الانتخابات التي تحددها المشاعر واللحظة الأخيرة"، مشيرة لوكالة "فرانس برس"، إلى دور الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، ويقدر عددهم بحوالي 20%، وإلى أهمية نسبة المشاركة.

وقد تنطوي الانتخابات على مفاجآت، ولا سيما في جنوب البلاد، في ما يتعلق بنتائج "حركة خمس نجوم" المعارضة لمؤسسات الحكم، والتي يُنسب إليها إقرار حدّ أدنى للأجور للأكثر فقراً، والحزب الديمقراطي (يساري) الذي يملك قاعدة قوية محلياً.

إحكام الحدود 

وأياً تكن الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات لتتولى مهامها اعتباراً من نهاية أكتوبر/تشرين الأول، فهي تواجه منذ الآن عقبات على طريقها.

فسيتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة عن الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا ديناً يمثل 150% من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان. وفي هذا السياق، إيطاليا بحاجة ماسة من أجل الاستمرار إلى المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد وباء كوفيد-19، ويمثل هذا البلد أول المستفيدين منها، وبفارق كبير عن الدول الأخرى.

وأوضح المؤرخ مارك لازار، لـ"فرانس برس": "لا يمكن لإيطاليا أن تسمح لنفسها بالاستغناء عن هذه المبالغ المالية"، معتبراً "هامش التحرّك أمام ميلوني محدوداً جداً" على الصعيد الاقتصادي. في المقابل، بإمكانها الوقوف في صف وارسو وبودابست في معركتهما مع بروكسل "حول مسائل الدفاع عن المصلحة الوطنية بوجه المصالح الأوروبية".

ومثلما فعلت قبلها زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن، تخلت جورجيا ميلوني في نهاية المطاف عن مشروعها القاضي بالخروج من اليورو، لكنها تطالب بـ"مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار" المعلقة بسبب الأزمة الصحية، والتي تحدد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3% و60% على التوالي من إجمالي ناتجها المحلي.

وفي المسائل الاجتماعية، تعتمد ميلوني، المتحدرة من روما، مواقف محافظة متشددة، وهي أعلنت في يونيو/حزيران "نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم، نعم للهويّة الجنسية، لا لإيديولوجيا النوع الاجتماعي".

كما أن وصولها إلى السلطة سيؤدي إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنوياً عشرات الآلاف من المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيث مهاجرين غير قانونيين يعبرون البحر في مراكب متداعية هرباً من البؤس في أفريقيا.

ويتفق الخبراء منذ الآن على أن مثل هذا الائتلاف الحكومي الذي ستواجه فيه ميلوني تحدياً حقيقياً في التعامل مع حلفاء مربكين، سواء سيلفيو برلوسكوني أو ماتيو سالفيني، لن يستمر طويلاً في بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار الحكومي.

(فرانس برس)