بايدن والصراع بين الديمقراطية و"الجمهورية" في أميركا

02 سبتمبر 2022
أدى اقتحام منزل ترامب إلى تصاعد جديد لخطاب التهديد والتحريض (Getty)
+ الخط -

توجه الرئيس الأميركيّ جو بايدن، مساء الخميس، بكلمة متلفزة إلى الشعب الأميركي حول ديمقراطيتهم "المعتدى عليها" من بعض أهلها، وحثهم على "الدفاع" عنها، موضحًا أنها مهددة بـ"العنف"، وبما يضعها في دائرة "الخطر الحقيقي"، وطالبهم بالاختيار بين الديمقراطية و"الظلام والخوف" وبخوض معركة الحفاظ على "جوهر أميركا".

فيما جاءت مخاطبته بصيغة تحذير مع الدعوة لاستباق مخاطر كبيرة يمثلها "اليمين الأميركي المتطرف الذي يحركه ويديره الرئيس ترامب". وقد شبه مراقبون كلمته بخطاب الرئيس أبراهام لينكولن في عام 1860 عشية الحرب الأهلية، التي قال فيها إن "البيت المنقسم على نفسه لا يمكنه الصمود".

ومن المعروف أنّ الحديث عن حرب أهلية متداول وتصاعد منذ أزمة انتخابات 2020، كما أنه أخذ دفعة زخم إضافية أخيرًا على أثر عملية التفتيش التي أجرتها "اف بي آي" لمقر إقامة الرئيس ترامب في منتجع مارآلاغو بولاية فلوريدا، وصادرت منه وثائق ومستندات "سرية" كان قد احتفظ بها خلافًا لما يسمح به القانون.

أدى هذا الاقتحام إلى تصاعد جديد لخطاب التهديد والتحريض في منابر اليمين الترامبي ضد الدولة والمؤسسات الرسمية.

وبموازاة الترويج للعنف، يجري الترويج في صفوف هذه الشريحة الترامبية التي تشكل حوالي 35% من قاعدة الجمهوريين، أنَّ أميركا دولة "جمهورية وليست ديمقراطية"، وبالتالي فإن السلطة فيها للأفراد المواطنين وممثليهم المتجسدين بفرد – ترامب في هذه الحالة –  وليست للأغلبية التي يعتمدها النظام الديمقراطي.

خطورة هذا الترويج أنه أدى مع عوامل أخرى إلى هبوط الثقة بالدولة ومؤسساتها، وهو ما عزز الدعوة إلى حمل السلاح في وجهها. بحسب آخر الأرقام، صار 34% من الأميركيين يرون أن "العنف ضد الحكومة يمكن تبريره". وهذا تطوّر مقلق للجهات المعنية، خاصة الأمنية، التي ما برحت تحذّر من هذا الخطر واحتمال ترجمته في الشارع، خصوصًا بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، والانتخابات الرئاسية في عام 2024.  

مما لا شك فيه أنَّ الأجواء محتقنة والخطاب السياسي يعكس عمق هذا التباعد، الذي تواكبه وتتغذى منه ثقافة عنف ترى الأميركي الآخر عدوًا، يضاف إلى هذا كله وجود المنابر والمواقع ووسائل التواصل الاجتماعيّ، التي احتوت هذه الثقافة وجعلتها تنعكس في الرأي العام وعلى أرض الواقع؛ فبحسب دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في دافيس، تبين أنَّ "الكثير من الناس بدأوا يعتقدون أو يتوقعون حربًا أهلية في السنوات القليلة القادمة". 

صارت لفكرة الحرب ديناميتها التي تساعد في نشرها. وفي هذا السياق ثمة من يحذر من خطر التأرجح بين الديمقراطية والتشكيك فيها، بحيث قد يؤدي ذلك في بلد منقسم على نفسه، إلى الانتهاء "بنزاع مسلح". 

في المقابل، هنالك من يستبعد تطور الأمور في هذا الاتجاه في غياب "التخطيط" الذي لا مؤشر إلى وجوده، إضافةً إلى أنَّ الجهات المسلحة "مبعثرة"، ولا تتجاوز مكوناتها ما يزيد عن تشكيلات ومجموعات صغيرة وفي بعض الأحيان فردية. 

مع ذلك خصص الرئيس بايدن خطابًا رئيسيًا لهذا الموضوع أخذ طابع الإنذار والتحذير، فالأحداث السابقة على غرار اجتياح الكونغرس في 6 يناير/ كانون الثاني من عام 2021، إضافة إلى المناخات السائدة تثير مخاوف مشروعة. 

أضف إلى هذا كله المحاكمة المحتملة للرئيس السابق دونالد ترامب في قضية الوثائق، وهذه قضية اغتنمها الرئيس الحالي لاستباق ما قد يحصل بعد المحاكمة، لتعزيز رصيده الذي شهد أخيرًا دفعة ملحوظة إلى الأمام وساهم في تحسين وضع حزبه الانتخابيّ، الذي ارتفعت حظوظه في الانتخابات النصفية وفق مختلف الاستطلاعات الأخيرة، ومنها تلك التي أجرتها جهات محسوبة على الحزب الجمهوري.

تقارير دولية
التحديثات الحية

انعكس ذلك، أمس الخميس، في خسارة مرشحة ترامب في انتخابات فرعية لمقعد نيابي بولاية ألاسكا، بعد أنّ كانت مرشحة للفوز به، فيما كان هذا مؤشرًا آخر لاستعادة بايدن وحزبه المبادرة التي وظفها ضد اليمين وترامب.

 

المساهمون