أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه يرفض أن "يصبح العنف السياسي هو القاعدة" في الولايات المتحدة، حسب فقرات تم بثها مسبقاً من خطاب سيلقيه الخميس في ذكرى مرور سنة على هجوم أنصار دونالد ترامب على مبنى الكونغرس.
ويحذر بايدن، في خطابه، من أنه "علينا أن نقرر اليوم أي أمة سنكون. هل سنكون أمة تقبل أن يصبح العنف السياسي هو القاعدة؟ هل سنكون أمة تسمح لمسؤولين رسميين محازبين أن يطيحوا بالرغبة التي عبر عنها الشعب بشكل قانوني؟ هل سنكون أمة لا تعيش في ضوء الحقيقة إنما في ظل الكذب؟".
ويضيف الرئيس الأميركي، في الخطاب الذي سيلقيه لاحقاً، بحسب المقتطفات التي نشرها البيت الأبيض: "لا يمكننا تحمل أن نصبح أمة من هذا النوع"، وذلك بعد مرور سنة على اقتحام آلاف من أنصار دونالد ترامب مبنى الكابيتول في محاولة لمنع الكونغرس من المصادقة على انتخاب بايدن.
الرئيس الديمقراطي (79 عاماً)، سيتحدث عند الساعة 14.00 بتوقيت غرينتش من الكابيتول، مقر الكونغرس الأميركي، والى جانبه نائبته كامالا هاريس.
مسؤولية "ترامب"
أثار اقتحام هذا الصرح، في 6 يناير/كانون الثاني قبل سنة من قبل مناصري دونالد ترامب صدمة في الولايات المتحدة والعالم، حيث حضروا بالآلاف إلى المبنى فيما كان مثيرو شغب في الخارج يهاجمون قوات الأمن.
وعمد بايدن لفترة طويلة إلى تجنب ذكر ترامب بالاسم علناً، لكن هذه المرة قرر الرئيس التطرق بشكل علني إلى "المسؤولية الخاصة" للرئيس ترامب عن الفوضى، كما أعلنت الناطقة باسمه جين ساكي، أمس الأربعاء.
وقالت "ينظر (بايدن) إلى ما حدث في السادس من يناير على أنه تتويج لما ألحقته سنوات حكم ترامب الأربع ببلادنا"، موضحة أنّ "الرئيس بايدن يدرك تماماً التهديد الذي يطرحه الرئيس السابق على نظامنا الديمقراطي".
ترامب يدعو لـ"انتفاضة" ضد بايدن
ما يثير قلقاً هو استطلاع للرأي، نشر أخيراً، وأظهر أنّ 55% فقط من الأميركيين يعتبرون أنّ جو بايدن هو الفائز الشرعي في الانتخابات الأخيرة.
فقد لاقت نظرية ترامب بأنّ الانتخابات "سرقت" منه أصداء على ما يبدو لدى الأميركيين، حيث يواصل الرئيس السابق التأكيد لكن بدون إعطاء أدلة على أنه الفائز الفعلي في الانتخابات.
ودعا ترامب "أمة MAGA" إلى "الانتفاضة" ضد جو بايدن بشأن تفويضات فرض اللقاح ضد كورونا.
وانتقد ترامب، في بيان صادر عن منظمة Save America PAC، الرئيس بايدن بسبب حديثه عن أنّ إدارته ستفرض اللقاح على أطفال المدارس وتجبر المدارس على الإغلاق، وسط زيادة في حالات الإصابة بكوفيد-19.
وقد ألغى دونالد ترامب مؤتمره الصحافي، الذي كان مقرراً الخميس من دارته الفاخرة في منتجع مارالاغو في ولاية فلوريدا، لكنه واصل تصريحاته الهجومية.
وأكد مجدداً، الثلاثاء، من دون أن يقدم أي دليل، أنّ الانتخابات الرئاسية شابتها عمليات "تزوير"، معتبراً أنها "جريمة القرن"، رغم أن المرشح الجمهوري تقدم عليه بأكثر من سبعة ملايين صوت.
NEW!
— Liz Harrington (@realLizUSA) January 5, 2022
President Trump:
"...Our administration did what they said could not be done—vaccines in record time. But we never issued mandates, and I never would! People should be able to choose how they want to govern their own health. The federal government must be reined in..." pic.twitter.com/fP8nsjy1TX
بيلوسي: الديمقراطية انتصرت
في السياق، وجهت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي رسالة تحمل قولاً فصلاً للأميركيين وللعالم عشية الذكرى، قائلة إنّ "الديمقراطية انتصرت".
في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، أمس الأربعاء، داخل مبنى الكابيتول، قالت بيلوسي إنّ الوقت قد حان للبلاد للتوجه إلى "رموزها الأفضل"، والاستفادة من التاريخ وضمان أن يوماً مثل 6 يناير الماضي لن يحدث مرة أخرى.
وقالت بيلوسي، لوكالة "أسوشييتد برس": "لا تقدموا على ارتكاب أخطاء، فديمقراطيتنا كانت على شفا كارثة". وأضافت "الديمقراطية انتصرت في تلك الليلة... هؤلاء الناس، بسبب العمل الشجاع لشرطة الكابيتول وشرطة العاصمة وآخرين، تم ردعهم في عملهم لوقف التداول السلمي للسلطة. وقد هزموا".
من المقرر أن تترأس بيلوسي الكونغرس، اليوم الخميس، في يوم إحياء ذكرى اقتحام مبنى الكابيتول. ويدلي مؤرخون ومشرعون بكلمات عن الذكرى على مدار اليوم، ومن المتوقع أن يحضر عدد قليل من الجمهوريين.
House Speaker Nancy Pelosi has one message for Americans and the world on the first anniversary of Jan. 6: "Democracy won." See more from #TheAPInterview. https://t.co/bkmBFRXPMW
— The Associated Press (@AP) January 6, 2022
وخلال المقابلة، قالت بيلوسي أيضاً "يجب أن تكون هذه فترة للتذكر والمصالحة"، مستشهدة بالمثال الذي أرساه أبراهام لنكولن.
وتابعت أنه مع انتهاء الحرب الأهلية، قال لينكولن إنه "دون بغضاء تجاه أحد، وإحسان تجاه الجميع ... علينا أن نمد يد الصداقة".
وقالت بيلوسي أيضاً إنه لا يمكن لأحد أن يتخيل رئيساً أميركياً يدعو إلى التمرد، لكن هناك الآن "درساً مدنياً هائلاً تم تعلمه في ما يتعلق بما يستطيع الرئيس القيام به"، على حد قولها. وأوضحت أنه "أعتقد الآن أن الناس قد تم تنبيههم إلى حقيقة أنه يمكن أن يكون هناك رؤساء مارقون".
يتوارى الجمهوريون في الغالب عن أحداث إحياء الذكرى، ويقللون من شأن الهجوم ويلومون الديمقراطيين لعدم تحصين مبنى الكابيتول. ومن جانب الجمهوريين، فإنّ الاستراتيجية ستكون البقاء بعيداً عن الأضواء، فيما قلة هم الذين يجرؤون على انتقاد ترامب علناً.
جيمي كارتر: أمتنا العظيمة تترنح
وكان زعيم المحافظين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قد اعتبر، في فبراير/شباط 2021، أن الرئيس السابق "مسؤول معنوياً" عن هجوم 6 يناير، لكنه، الخميس، لن يحضر المراسم المقررة في واشنطن بل سيحضر جنازة سيناتور أميركي سابق في أتلانتا في جنوب الولايات المتحدة.
من جهته، كتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي بات يشكل للكثير من الأميركيين سلطة معنوية، في مقالة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، أنّ "أمتنا العظيمة باتت تترنح الآن على حافة هاوية تزداد عمقاً. بدون تحرك فوري، نواجه خطراً جدياً بأن نشهد مواجهة مدنية وأن نخسر ديمقراطيتنا الثمينة".
New from Jimmy Carter: “I now fear that what we have fought so hard to achieve globally — the right to free, fair elections, unhindered by strongman politicians who seek nothing more than to grow their own power — has become dangerously fragile at home.” https://t.co/E39Z0EYPV3
— New York Times Opinion (@nytopinion) January 5, 2022
أمام هذه الأمة المنقسمة، يريد بايدن أن يقترح خطوات لتعزيز الديمقراطية الأميركية. وسيحاول الرئيس بشكل خاص أن يعيد إطلاق نصوص قوانين حول حق الأقليات بالتصويت.
ويتوجه بايدن، الثلاثاء، إلى ولاية جورجيا (جنوب)، رمز المعارك الماضية والحالية من أجل الحقوق المدنية، للتنديد بـ"المحاولات المنحرفة لتجريد مواطنين شرفاء من حرياتهم الأساسية". لكن في مواجهة ولايات محافظة في الجنوب، التي تكثف من القوانين التي تعقد وصول الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية إلى صناديق الاقتراع، فإن هامش مناورة بايدن يبدو محدوداً، ليس فقط لأنّ الديمقراطيين لا يسيطرون على الكونغرس إلا بغالبية ضئيلة، إنما أيضاً لأن الرصيد السياسي للرئيس بعد سنة من وصوله إلى البيت الابيض، تراجع.
وذلك لتراكم عدة عوامل: سأم كبير في مواجهة موجة جديدة من وباء كوفيد-19 وارتفاع التضخم وذكرى الانسحاب الفوضوي من أفغانستان. بحسب موقع "فايف ثيرتي إيت"، الذي يجمع استطلاعات الرأي، فإنّ معدل الأميركيين الذين يثقون بالرئيس لقيادة أقوى دولة في العالم يزيد قليلاً عن 43%.
(العربي الجديد، فرانس برس، أسوشييتد برس)