باكستان: تفجر الصراع مجدداً بين الحكومة وعمران خان

28 يناير 2023
يمتلك عمران خان شعبية كبيرة (عامر قرشي/فرانس برس)
+ الخط -

تجدد الصراع بين الحكومة وحزب "حركة إنصاف"، بقيادة رئيس الحكومة السابق عمران خان، وذلك بعد أن توقع المراقبون وأنصار خان أن العلاقات مع المؤسسة العسكرية ستتحسن بعد تقاعد قائد الجيش الباكستاني السابق الجنرال قمر جاويد باجوه، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وفي إطار محاولاته للتهدئة، أعلن خان حل البرلمانين المحليين في إقليمي البنجاب وخيبربختونخوا، وعودة نواب الحزب إلى البرلمان المركزي، إلا أن رئيس البرلمان راجه برويز أشرف سارع إلى قبول استقالتهم، التي قدموها في إبريل/نيسان الماضي إثر سحب البرلمان الثقة من حكومة خان.


عينت الحكومة محسن نقوي كقائم أعمال برئاسة حكومة إقليم البنجاب

وتصاعد الصراع السياسي بين الحكومة و"حركة إنصاف" بعد أن أعلنت لجنة الانتخابات الوطنية تعيين محسن نقوي، الذي يعتبر من أحد أشد المعارضين لحزب خان، والمقرب من حزب الرابطة الحاكم وحزب الشعب الباكستاني الموالي له في الحكومة، كقائم على منصب رئيس الوزراء في الحكومة المحلية بإقليم البنجاب.

ومن المعروف أن من يتولى رئاسة الحكومة في البنجاب، الذي يعتبر من أكبر الأقاليم الباكستانية من ناحية الكثافة السكانية، غالباً ما يعود ويقود البلاد، إذ إن لإقليم البنجاب في البرلمان المركزي 173 مقعداً من أصل 336.

وأثار تعيين الرجل، في 22 الشهر الحالي، امتعاض حزب خان، الذي أعلن عن حراك شعبي جديد، والتوجه نحو المحكمة من أجل إزاحة نقوي من المنصب، لأنه "جاء من أجل إفشال حزب خان في الانتخابات العامة القادمة". وكان مراقبون أكدوا، أخيراً، أن قرار عمران خان حل برلمان إقليم البنجاب لم يكن صائباً، إذ إنه أتاح الفرصة للحكومة كي تعين أحد المقربين لها لقيادة حكومة إقليم البنجاب.

دعم من زرداري لنقوي

وكان نقوي تلقى دعماً كبيراً من الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري، وهو زعيم حزب الشعب الباكستاني الموالي لحكومة رئيس الوزراء شهباز شريف، إذ وصفه بأنه ابن له.

وإضافة إلى ذلك يعتبر نقوي من المقربين لقائد الجيش الباكستاني الحالي الجنرال عاصم منير. وهو نشر، بعد تعيينه، تسجيلاً مصوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر مشاركته قائد الجيش أداء العمرة في السعودية في 9 يناير/كانون الثاني الحالي. ويؤكد هذا الأمر أن تعيين نقوى تم أيضاً بمباركة المؤسسة العسكرية.

الجيش لا يزال يلعب بقوة

كما يؤكد تعيين محسن نقوي أن المؤسسة العسكرية لا تزال تلعب بقوة، ولا تزال سياساتها حيال "حركة إنصاف" كما كانت، وهذا ما أشار إليه عمران خان، خلال حديث له مع شبكة "بي بي سي" الأردية في 19 الشهر الحالي، قائلاً إننا لا علاقة لنا بقائد الجيش الجديد، ولا تواصل بيننا. لقد قلت لقائد الجيش السابق الجنرال قمر جاويد باجوه إنك إذا قمت مع المؤسسة العسكرية بإطاحة حكومتنا حينها ستسير البلاد نحو كارثة معيشية، ولا يمكن لأحد مواجهة الأزمة الاقتصادية. لكن المؤسسة العسكرية، مع الأحزاب الحاكمة حالياً، قامت بما كان يحلو لها وهي إطاحة حكومتي، وبالتالي دفعوا البلاد نحو ويلات معيشية وصراع سياسي كبير".

وقال الإعلامي والمحلل السياسي طاهر نصير، لـ"العربي الجديد"، إنه يبدو أن قائد الجيش الجديد لا يهتم كثيراً بحزب عمران خان، والمؤسسة العسكرية لم تغير سياساتها، وهو ما تؤكده التطورات السياسية الأخيرة، منها تعيين محسن نقوي قائماً بأعمال رئيس حكومة إقليم البنجاب، والذي قام في المقابل بتغيير كل المسؤولين السابقين، وقادة الشرطة والأمن، و"كل ذلك لا يمكن أن يتم من دون دعم المؤسسة العسكرية".

غير أن الإعلامي أرشد خان قال، لـ"العربي الجديد"، إن "المؤسسة العسكرية قد لا يكون لها دور، لأن حزب خان حفر الحفرة لنفسه، وهو يقفز دائماً إلى الخطوات المتطرفة، إذ أعلن استقالة نوابه من البرلمان المركزي، ثم جاء خان ليعلن حل البرلمانين الإقليميين في البنجاب وخيبربختونخوا، على الرغم من أنه كان يملك الأكثرية فيهما". واعتبر أن "حزب إنصاف استخدم كل البطاقات التي كانت بحوزته، وبالتالي يبدو أن الأيام الصعبة قد تأتي على قيادة حزب خان".

الحكومة تضيق الخناق على خان

وفي الوقت الذي كان فيه حزب "حركة إنصاف" يستعد لحراك شعبي، بدأت الحكومة تضيق الخناق عليه من خلال اعتقالها، قبل أيام، أحد الوجوه المشهورة فيه، وهو وزير الإعلام السابق فؤاد شودري بتهمة ازدراء اللجنة الوطنية للانتخابات.

طاهر نصير: التطورات الأخيرة تظهر أن المؤسسة العسكرية لم تغير سياساتها

واعتبر الإعلامي والمحلل السياسي طاهر نصير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "اعتقال فؤاد شودري بداية، وستكون هناك قائمة طويلة من المعتقلين، منهم أعضاء في البرلمان المركزي والبرلمانات الإقليمية". وأشار إلى أن "المعلومات الموجودة عنده تشير إلى أن الحكومة قررت أيضاً اعتقال عمران خان، وهذا ما تؤكده حشود أنصاره المتواجدين حول منزله في مدينة لاهور، منذ مساء الأربعاء الماضي".

ولعل خان نفسه أدرك ذلك، حيث قال في مؤتمر صحافي، في 25 الشهر الحالي، إنه لا يخاف من السجن ولا حتى من الموت، وإنه سيواصل مسيرته، مندداً باعتقال فؤاد شودري، قائلاً إنه "لم يرتكب أي جريمة فقط، بقوله إن لجنة الانتخابات الوطنية تلعب كسمسار في يد الحكومة وتلك هي الحقيقة".

ورأى الإعلامي الباكستاني سلمان كهوكهر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الاعتقالات في مثل هذه الملفات من جانب الحكومة أمر مؤسف. إن حرية الرأي حق لكل مواطن، لكن الأعمال الانتقامية لن تأتي بخير". واعتبر أن "عمران خان له شعبية كبيرة، والشعب مستعد للحراك، رغم أن المؤسسة العسكرية لا تزال تقف ضد حزبه".

وعلى الرغم من أن كل الأمور على الساحة السياسية تسير في مصلحة الحكومة، كما أن المؤسسة العسكرية تقف إلى جانبها، إلا أن ما يؤرقها هو الوضع المعيشي، خاصة استشراء الغلاء، وتدهور العملة مقابل الدولار، الذي ارتفع سعره، في يوم واحد، 12 روبية، ليصل إلى 255 روبية، وهو ما سيستغله حزب خان مقابل الحكومة. وأشار كهوكهر إلى أن "أهم البطاقات التي يملكها خان هي الشعب، وهو مستعد للحراك بقوة إذا واصلت الحكومة سياستها الانتقامية ضد إنصاف".

المساهمون