"باتريوت" و"كينجال" يتنافسان في سماء أوكرانيا: ماذا نعرف عنهما؟

17 مايو 2023
تملك أوكرانيا بطاريتين من منظومة باتريوت (Getty)
+ الخط -

مع تحول سماء كييف إلى فضاء للتنافس واستعراض قوة لمزايا الصواريخ الروسية ومضاداتها الأميركية، تركز السجال أمس الثلاثاء حول نجاح منظومات "باتريوت" للدفاع الجوي في إسقاط ستة من صواريخ "كينجال" الفرط صوتية التي "لا تُقهر"، حسب وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين قدمها للمرة الأولى في مطلع مارس/آذار 2018 في خطاب أمام المجلس الفيدرالي الروسي.

ورداً على تصريحات كييف بأنها أسقطت ستة صواريخ من نوع " كينجال"، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس الثلاثاء، لوكالة "ريا نوفوستي" الحكومية، إنّ "روسيا لم تطلق هذا العدد من صواريخ كينجال الذي تقول أوكرانيا إنها أسقطته"، مضيفاً أنّ "عدد هذه الاعتراضات الأوكرانية يزيد بثلاثة أضعاف عما أطلقناه"، في إشارة ضمنية لإطلاق صاروخين فقط من نوع "كينجال".

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد قالت، في بيان لها أمس الثلاثاء، إنّ قواتها شنت هجمات مركزة بأسلحة دقيقة التوجيه ضد منشآت عسكرية في أوكرانيا، من ضمنها نقاط انتشار وحدات القوات المسلحة الأوكرانية، وأماكن تخزين الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك تلك التي تم تسليمها من الدول الغربية.

وأكدت أنّ الضربات حققت أهدافها، مشيرةً بشكل خاص إلى نجاح ضربة صاروخية باستخدام صواريخ "كينجال" في إصابة منصة إطلاق صواريخ أميركية مضادة للطائرات من طراز "باتريوت".

وعلى الرغم من أنّ البيان الروسي كان واضحاً في أنّه تمت إصابة منظومة "باتريوت"، ولم يتحدث عن تدميرها بشكل كامل، فإنّ معظم وسائل الإعلام الروسية قالت إنّه تم تدمير المنظومة.

في المقابل، أشار وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، في تغريدة على "تويتر"، إلى "إنجاز رائع آخر لسلاح الجو الأوكراني! الليلة الماضية، أسقط المدافعون عن سمائنا ستة صواريخ روسية فرط صوتية من طراز كينجال و12 صاروخاً آخر".

من جانبها، نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية عن مسؤول أميركي قوله، إنّه من المحتمل أنّ تكون منظومة باتريوت قد تعرضت للأذى، ولكن لم يتم تدميرها، نتيجة القصف الصاروخي الروسي في كييف وحولها، مشيراً إلى أنّ بلاده "ما زالت تقيّم حجم الضرر. سيحدد ذلك ما إذا كانت المنظومة تحتاج إلى استرجاعها كلياً أو ببساطة إصلاحها على الفور من قبل الأوكرانيين".

يُذكر أنّ أوكرانيا تملك بطاريتين من منظومة باتريوت، كانت قد استلمتهما في إبريل/نيسان الماضي، الأولى من الولايات المتحدة والثانية من ألمانيا وهولندا. وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها روسيا هذه الأنظمة، وحسب مسؤولين أميركيين، فإنّ الجيش الروسي وجّه صواريخه نحوها في 4 مايو/أيار الحالي. وفي اليوم ذاته، قالت أوكرانيا إنها استطاعت إسقاط صاروخ "كينجال" للمرة الأولى.

وتحولت الحرب في أوكرانيا إلى ساحة لاستعراض وتجريب مختلف أنواع الأسلحة الروسية في ساحة حرب حقيقية، وفي المقابل، زادت البلدان الغربية من دعمها العسكري لأوكرانيا وزودتها بطرازات حديثة من الأسلحة الأميركية والأوروبية، التي تُستخدم للمرة الأولى في حروب بين دولتين تملكان جيشين نظاميين.

ورغم أنّ منظومة "باتريوت" قديمة جداً مقارنة بصواريخ "كينجال" الفرط صوتية، فإنّ إعطابها أو تدميرها يساهم في رفع الروح المعنوية للجيش الروسي، ويمكن أنّ يستخدمه الروس من أجل الإشادة بقدراتهم الصاروخية مقابل عجز صواريخ الدفاعات الجوية الأميركية عن إيقافها.  

منظومة باتريوت

دخلت منظومة باتريوت الخدمة ضمن الدفاعات الجوية الأميركية في عام 1984، بعد اختبارات استمرت قرابة 20 عاماً، وطُورت المنظومة لاحقاً في عام 2001 حتى تصبح قادرة على تدمير طائرة مسيّرة "درون" وصاروخ باليستي في وقت متزامن.

وتتكون باتريوت من 4 أجزاء، هي مركبة الرادار، وغرفة التحكم، ومنصة الصواريخ، إضافة إلى الصواريخ. ويمكن نشر الأجزاء في ثلاثة أماكن مختلفة، ما يصعّب مهمة تدميرها في شكل كامل.

والمنظومة عبارة عن صواريخ موجهة بتقنية عالية تعتمد فيها على نظام رادار أرضي خاص بها يكشف الهدف ويتتبعه، ويمكن للرادار مسح دائرة قطرها 80 كيلومتراً، ورصد 50 هدفاً في وقت واحد، ويبعث إشارة إلى غرفة التحكم في غضون 9 ثوان لتقييم الخطر وإطلاق صاروخ اعتراضي ضد الهدف المرصود أو عدمه، كما ويمكن للمنظومة إصابة الصواريخ الباليستية على بعد 75 كيلومتراً، وعلى ارتفاعات تتراوح بين 60 متراً و15 كيلومتراً.

وزودت الولايات المتحدة بأنظمة باتريوت كلاً من تايوان ومصر وألمانيا واليونان وإسبانيا وهولندا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر ورومانيا والأردن وسلطنة عمان، إضافة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

كينجال "الخنجر"

ويعد "كينجال" (ويعني الخنجر) من الصواريخ الحديثة في الترسانة العسكرية الروسية، وعرضه الرئيس فلاديمير بوتين في مطلع مارس/ آذار 2018 ضمن أسلحة "لا نظير لها، حسب تعريفه.

وقالت وزارة الدفاع الروسية سابقاً إنّ الصاروخ نجح أثناء التجارب في إصابة أهداف على بعد ألف كيلومتر، ولكنه استخدم للمرة الأولى في أغسطس/ آب من العام الماضي لضرب أهداف في أوكرانيا. ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية، فإنّ سرعة انطلاق الصاروخ تعادل 5 آلاف كيلومتر في الساعة، أي قرابة أربعة أضعاف سرعة الصوت، وأنّ سرعته تزداد إلى قرابة 15 ألف كيلومتر في الساعة، أي أكثر من سرعة الصوت بـ12 ضعفاً. وتؤكد الوزارة أنّ الصاروخ يستطيع إصابة أهداف على بعد ألفي كيلومتر بدقة متناهية، وأنّ قدرته على المناورة وتغيير مساره وارتفاعه المنخفض وسرعته تجعل من المستحيل رصده وإسقاطه من قبل الدفاعات الجوية المعادية.

واستشهدت المواقع الروسية بمقطع فيديو انتشر، مساء أمس الثلاثاء، في قنوات مراسلين عسكريين روس، قالوا إنّه لتشغيل منظومة "باتريوت"، يُظهر إطلاقها 32 صاروخاً في الهواء من دون أنّ تصيب "كينجال" الذي وصل إلى هدفه وأحدث انفجارين كبيرين على الأرض، لتأكيد إصابة المنظومة. 

وفي حين لم يستبعد مسؤولون أميركيون تحدثت إليهم "سي أن أن"، أمس الثلاثاء، أنّ تكون روسيا أصابت "منظومة باتريوت" بعد رصد التقاط الإشارات المنبعثة من المنظومة بمرور بعض الوقت، ما سمح لهم باستهدافها المنظومة باستخدام "كينجال".

من جهته، قال الطيار والعقيد الاحتياطي في القوات المسلحة الأوكرانية رومان سفيتان، في تعليق على قناته في تطبيق "تليغرام"، إنّ "القوات المسلحة الأوكرانية تعلمت كيفية تدمير صواريخ (كينجال الروسية غير القابلة للتدمير) وهذا يجعل من المستحيل (الانتقام) من كييف".

وأشار العقيد في تعليقه إلى أنّ "الروس ماكرون عندما يتحدثون عن أنّ سرعة كينجال تفوق سرعة الصوت (...) هذا الصاروخ له سرعة تفوق سرعة الصوت في المرحلة الأولى من الرحلة على ارتفاع حوالي 20 كيلومتراً، وعند الهبوط  التدريجي تنخفض السرعة بسبب الاحتكاك في الطبقات الكثيفة من الغلاف الجوي (...) وعند الاقتراب من الهدف لا تتجاوز السرعة 2-3 ماخ (سرعة الصوت)، وهذا يعني أنّ صواريخ باتريوت قادرة على إسقاطه، خاصةً إذا كانت المنظومة تقع بالقرب من نقطة الهدف المقصودة".

وخلص الخبير العسكري إلى أنّه "بعد ظهور باتريوت في كييف، أصبح من المستحيل توجيه ضربة ضد مركز صنع القرار التي طالما حلمت بها بروباغاندا الكرملين"، في إشارة إلى مطالبة بعض الإعلاميين الروس بالرد على حادثة المسيّرات فوق الكرملين بداية الشهر الحالي، عبر ضرب مراكز القرار في كييف.

المساهمون