اهتزاز تحالفات نتنياهو الحكومية جراء تفاعلات اختفاء المستوطنين

27 يونيو 2014
يتعرّض نتنياهو لضغوط حزبية واسعة (مناحيم كاهانا/فرانس برس/Getty)
+ الخط -


تتفاعل قضية المستوطنين الثلاثة المختفين، بعدما أصبحت في صلب الصراع السياسي في الوسط الاسرائيلي، بعد بروز رأيين متناقضين في هذا الصدد. فقد أشار بعض المحللين العسكريين، ومنهم أليكس فيشمان، إلى أن "توقيت إعلان أسماء الناشطين من حماس، مروان القواسمي وعامر عايشة، مسؤولين عن عملية اختطاف المستوطنين، جاء بهدف تخفيف الضغوط الجماهيرية عن حكومة، بنيامين نتنياهو".
ورأوا في توقيت الاعلان، مجرّد "محاولة لإيهام الإسرائيليين بأن الجيش والأمن والحكومة، تمكنوا من تحقيق تقدم في عملية البحث عن المستوطنين".
وأكد آخرون، كالكاتب في "هآرتس"، أمير أورن، أن "التطورات تُثبت دون مجال للشك مدى فشل الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي)، في عمله وفي إحباط العملية". وعزا السبب الى أن "المتهمين الرئيسيين، كانا من بين مساجين حماس في السجون الاسرائيلية، مما يفترض بهما أن يكونا تحت المراقبة الشديدة، وبالتالي لا يُمكن أن ينجحا في تنفيذ العملية".

ويبدو أن الرأي الثاني هو ما يُريح نتنياهو فعلاً، لتغطية العملية، بعد أسبوعين من اختفاء المستوطنين الثلاثة، وشنّ عدوان "عودة الأخوة"، لكن محلل الشؤون الحزبية في "هآرتس"، يوسي فيرتير، يشير إلى "ورطة تنتظر نتنياهو مع بدء تصدّع التحالف والتكاتف في معسكر اليمين، حول مصير المختفين والعمل من أجل استرجاعهم".
ويفنّد فيرتير مشكلة نتنياهو "سيستغلّ خصومه صفقة شاليط (صفقة وفاء الأحرار)، والتي اعتبرها نتنياهو إنجازاً كبيراً له، لتصبح مصدر اتهام له بالمسؤولية عن استمرار محاولات اختطاف جنود ومستوطنين إسرائيليين، لأن الصفقة منحت الجانب الفلسطيني أداة، يمكنه عبرها ضرب المجتمع الإسرائيلي وإيلامه".

وتحت عنوان "عودة إلى مسار الصدام"، كتب فيرتير، عن الوضع الذي وصل إليه نتنياهو، فأشار الى أنه "بعد أسبوعين على العملية، بدأت حبال التكاتف داخل الائتلاف الحكومي تتقطّع أوصالها، ولم يعد شركاء نتنياهو يقفون احتراماً للعمل وللقائد، ولا يركضون لتنفيذ كل نزوة من نزواته".


ويبرز فيرتير في هذا السياق محاولات وزير الاقتصاد الإسرائيلي، رئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، إدخال وزير الإسكان، المتطرف من حزبه، أوري أريئيل، الى اجتماع المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية، رغم أنف نتنياهو الذي أصرّ على طرد أريئيل من الاجتماع.

ردّ بينيت على رئيس حكومته، عبر "إعادة اكتشاف مساوئ وسلبيات صفقة شاليط، التي كان نتنياهو قد نجح بالعودة على أجنحتها إلى ديوان رئاسة الحكومة". واعتبر أن "العملية مهدت في واقع الحال لعمليات الاختطاف اللاحقة ومحاولات قتل إسرائيليين، بينهم الضابط، تومر مزراحي قبل عامين تقريباً".
وسارع بينيت إلى استغلال حقيقة الكشف عن أن "المتهم في قضية مزراحي هو من الأسرى الذين تم تحريرهم في صفقة شاليط"، وذلك لتوجيه أصابع الاتهام لحكومة نتنياهو، وتوظيف ملف تبادل الأسرى كأقوى سلاح انتخابي يملكه في معسكر اليمين ضد الحكومة ونتنياهو نفسه. مع العلم أن بينيت وافق خلال المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الأخيرة، على تحرير الأسرى القدامى كشرط لصالح الفلسطينيين، بدلاً من وقف البناء في المستوطنات.

ولّمح فيرتير إلى أن "بينيت وحزبه سيقفان بقوة إلى جانب منع صفقات مقبلة، وتسخير أمهات المستوطنين لهذه الغاية، بل قد لا يكون مستبعداً أن تكون تصريحات والدة أحد هؤلاء المستوطنين ضد التفاهمات التي توصلت إليها حكومة نتنياهو مع الأسرى الإداريين، من وحي وتشجيع أنصار بينيت وحزبه".
ولفت فيرتير إلى أن "الورطة التي يشعر بها نتنياهو ويعيشها، هي التي دفعته للتركيز خلال جلسة كتلته البرلمانية، الاثنين الماضي، على الملف الأميركي والمفاوضات الإيرانية الغربية، وتحسّن العلاقات الإيرانية الأميركية على خلفية أوضاع العراق".
واعتبر أن "رئيس الحكومة أوحى لأعضاء كتلته في الكنيست بأنه في ضائقة، كونه لم ينجح بإعادة المختطفين ولا بالوصول إلى الخاطفين، ولم يتمكن من معاقبة حركة حماس، ولا هو قادر على شن هجوم واشعال حرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، ولن يشن هجوماً على إيران، وكل ما تبقى له هو فقط الهجوم اللاذع على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي يبحث عن قناة للاتصال بقادة النظام في إيران".
ولا تنحصر متاعب نتنياهو هذا الأسبوع في الجناح اليميني في ائتلافه، فوزير المال، يائير ليبيد، يسعى الى استغلال كل فرصة لهز الائتلاف وضربه في عمليات التشريع المختلفة، فيما تعلن وزيرة العدل، تسيبي ليفني، وفي أوج أزمة المختفين، وحرب نتنياهو ضد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن "الأخير هو أفضل شريك للمفاوضات مع إسرائيل".
وخلص فيرتير الى التأكيد أن "المشهد الحزبي الداخلي لنتنياهو، بعد أسبوعين على عملية الاختطاف لا يصب في صالحه، كونه فشل في إقناع العالم بمساوئ حكومة الوحدة الفلسطينية". وأكد أن "العالم لا يبالي باتهامات نتنياهو لحركة حماس بالمسؤولية عن عملية الاختطاف".
ولفت الى أن "اليمين نجح في تكبيل حكومة نتنياهو بقيود مشددة لن تتيح لها هامشاً للمناورة أو التفاوض على صفقة لإطلاق سراح المخطوفين، في حال ظهرت إشارات ما". واعتبر أن أياً من "ضغوط عائلات المختفين تبقى الأشدّ في حال لم يستطع نتنياهو حسم خياراته، سواء لصالح صفقة أم رفضها، خصوصاً إذا لم يقدم الجيش والاستخبارات معلومات يمكن بالاعتماد عليها بناء خيار عسكري لتحرير المخطوفين".

المساهمون