انعقد في العاصمة الأميركية واشنطن، اليوم الثلاثاء، الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة الأميركية في دورته السادسة على التوالي، لمناقشة آفاق التعاون المشترك بين البلدين، وتعزيز مضامينه، وذلك برئاسة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وقال آل ثاني أمام الجلسة الافتتاحية للحوار، إن قطر لا تعتبر الولايات المتحدة حليفاً مقرباً فحسب، بل شريكاً وصديقاً أيضاً، مضيفاً أنه "منذ حوارنا الأخير، واجهنا تحديات وأزمات لم يسبق لها مثيل، كانت بمثابة اختبار لنا وبعضها للأسف مستمر، غير أن اتصالاتنا المشتركة، والتي تقوم على الثقة والشفافية والتواصل بشأن هذه الصراعات، كانت عاملاً رئيسياً في خلق جبهة متماسكة وتحقيق نتائج إيجابية".
وتطرّق رئيس الوزراء القطري إلى الوضع في غزة، قائلاً "في الآونة الأخيرة، في غزة، عملنا بلا كلال مع أصدقائنا في الولايات المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين لوضع حد للحرب، ونحن متفقان على ضرورة وقفها، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية.. ونأمل في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يضع حداً لإراقة الدماء نهائياً".
وفي سياق آخر، لفت إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تزداد قوة مع الزيادة الملحوظة في التجارة الثنائية، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لا تزال شريكاً تجارياً رئيسياً ومستثمراً أجنبياً مباشراً في دولة قطر.
وأوضح، وفق ما نشرته الخارجية القطرية، أن حوار هذا العام يتضمن جلسات جديدة لتأكيد المشهد المتغير للتحديات والتعاون العالمي، بما في ذلك التكنولوجيا الناشئة، وتخطيط السياسات الاستراتيجية، والاتصالات الاستراتيجية، مضيفاً أنه "مع مشاركة الولايات المتحدة في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2026 إلى جانب كندا والمكسيك، يشرفنا أيضاً مشاركة تجاربنا وتبادل الأفكار حول كأس العالم، ولا سيما بشأن خلق بيئة آمنة وشاملة للمشجعين المحليين والأجانب".
وأعرب عن ثقته في أن إطلاق الحوار الاستراتيجي السادس سيسفر عن نتائج إيجابية ملموسة للبلدين الصديقين، معرباً عن شكره لجميع المشاركين على جهودهم في التحضير لهذا الحوار.
وفي منشور على حسابه على منصة "إكس"، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري: "افتتحت اليوم الحوار الإستراتيجي السادس بين دولة قطر والولايات المتحدة مع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي. ساهمت الشراكة بين بلدينا في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية، وتعززت من خلال العمل المشترك في مجالات الاستثمار، والاقتصاد، والطاقة، والدفاع، ومكافحة الإرهاب، وغيرها".
افتتحت اليوم الحوار الاستراتيجي السادس بين دولة قطر والولايات المتحدة مع @SecBlinken وزير الخارجية الأمريكي، ساهمت الشراكة بين بلدينا في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية وتعززت من خلال العمل المشترك في مجالات الاستثمار والاقتصاد والطاقة والدفاع ومكافحة الإرهاب وغيرها. pic.twitter.com/Sh44b4ffw7
— محمد بن عبدالرحمن (@MBA_AlThani_) March 5, 2024
تأكيد على استمرارية الشراكة
واتفقت قطر والولايات المتحدة في الحوار، على تعزيز التعاون الدفاعي الثنائي بين البلدين، وشددتا على أهمية استمرار الشراكة والتعاون في القضايا الرئيسية، وتعزيز أحدث المرافق الدفاعية، ومكافحة الإرهاب ومصادر تمويله، وتوسيع التجارة والاستثمار، وتعزيز التعاون التعليمي والثقافي.
ووفق بيان مشترك للبلدين، عززت الحكومتان تعاونهما وشراكتهما الأمنية الوثيقة بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي الحالية بينهما، وأكدتا من جديد التزامهما بتعزيز السلام، والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتنمية الشراكة الدفاعية الدائمة بينهما.
وفي هذا السياق، أكد الجانبان الأهمية الاستراتيجية لقاعدة العديد الجوية في قطر لتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي، والترقيات المستقبلية للقاعدة لزيادة الكفاءة والاستدامة. كما ناقشت الوفود آخر التطورات في التعاون العسكري، وتحديداً في المبيعات العسكرية الأجنبية، والعقيدة العسكرية، وتطوير الاستخبارات.
وسلطت الولايات المتحدة وقطر الضوء على شراكتهما الأمنية الثنائية القوية، معربتين عن الرغبة في بناء تعاون وقدرات أكبر في مجال الطيران، وأمن الحدود، وتبادل المعلومات، ومكافحة التطرف العنيف، ومكافحة الإرهاب ومصادر تمويله. وأعربت الولايات المتحدة عن تقديرها للتنسيق القوي والمستمر لمكافحة الإرهاب بين البلدين.
وناقش الحوار الاستراتيجي السادس الأولويات الرئيسية، بما في ذلك فنزويلا، وغزة، وأفغانستان، والمساعدات الإنسانية العالمية، والتنمية، والقرن الأفريقي، واليمن، وأوكرانيا. وأعرب الوزير بلينكن عن تقديره العميق لقيادة قطر المستمرة في المنطقة، بما في ذلك جهود الوساطة المهمة لتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، وتأمين إطلاق سراح الرهائن، بما في ذلك المواطنين الأميركيين، الذين تحتجزهم حماس.
كما ناقش الحوار التحديات في أفغانستان، والعمل الجماعي الاستثنائي بين البلدين بشأن نقل آلاف الأفراد المؤهلين من أفغانستان إلى الولايات المتحدة، عبر قطر. وأعربت الولايات المتحدة عن امتنانها لدعم قطر المستمر في مجال حماية المصالح الأميركية في أفغانستان.
وأشار البيان المشترك إلى أن البلدين أعربا عن قلقهما بشأن عدم الاستقرار في القرن الأفريقي، وتدهور الوضع الإنساني، واستمرار القتال في السودان. وأكد الجانبان التزامهما بتعزيز التسوية السياسية عن طريق التفاوض للصراع اليمني، مع إدانتهما للهجمات غير القانونية والمزعزعة للاستقرار على الشحن التجاري في البحر الأحمر.
وفي ما يتعلق بلبنان، أكد الجانبان ضرورة الضغط على الزعماء اللبنانيين لإنهاء المأزق الرئاسي، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وفي ما يتعلق بأوكرانيا، أعربت الولايات المتحدة عن تقديرها العميق لتعهد قطر بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار، فضلاً عن نجاحها أخيراً في التوسط في اتفاق للمّ شمل أطفال أوكرانيين مع أسرهم.
ويهدف الحوار الاستراتيجي الذي تأسس عام 2018، إلى التنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الصحة، والمساعدات الإنسانية، والتنمية الدولية، وحقوق الإنسان، والتعاون الإقليمي، وتغير المناخ، والتجارة، والاستثمار، والثقافة، والتعليم.
ومثّل الحوار الاستراتيجي بين دولة قطر والولايات المتحدة منذ انطلاقته في عام 2018، علامة فارقة في تاريخ الشراكة القوية بين البلدين، فقد شكلت مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي جرى إبرامها على مدار السنوات الخمس الماضية، دفعة قوية للشراكة التاريخية بين البلدين، والتي تشمل كل المجالات، وتجاوزت الشراكة الاقتصادية بين الدوحة وواشنطن 200 مليار دولار في مجالات التجارة والاستثمار.
وناقشت جلسات الحوار الاستراتيجي القطري - الأميركي التي عُقدت بالدوحة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، ولا سيما تطورات الأوضاع في فلسطين، ومفاوضات العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، الملف النووي الإيراني، تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، أمن الغذاء وأمن الطاقة، والتعاون في مجال حقوق الإنسان.
وتربط قطر والولايات المتحدة شراكة اقتصادية قوية، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام 2021 نحو 18.4 مليار ريال (5.05 مليارات دولار)، فيما بلغ حجم التجارة بين البلدين في نهاية الربع الثالث من العام 2022 نحو 16.7 مليار ريال (4.6 مليارات دولار).