تستضيف العاصمة المغربية الرباط، ابتداءً من اليوم الخميس، جولة حاسمة من الحوار بين وفدي مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة، للحسم في خلافاتهما حول قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والقاعدة الدستورية.
وكشفت مصادر ليبية متابعة للحوار الليبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الوفدين سيحاولان التوصل إلى اتفاق واضح على القوانين الانتخابية التي ستعتمدها المفوضية العليا للانتخابات في الانتخابات الليبية الرئاسية والتشريعية المقبلة، وكذا الأساس الدستوري الذي ينظم المعايير القانونية للعملية الانتخابية.
ولفتت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها، إلى أنّ النقاشات في الجولة الجديدة من الحوار ستنصبّ على عدد من النقاط الخلافية، من أبرزها شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، حيث يشترط المجلس الأعلى للدولة ألّا يكون المترشح من أفراد المؤسسة العسكرية، أو أن يكون قد مضى على الأقل مدة عامين على انتهاء خدمته، فيما يتيح مجلس النواب للعسكري وأي مسؤول مدني حالي الترشح للانتخابات الرئاسية، شرط التوقف عن عمله قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، كما يحق له العودة إلى منصبه حال عدم انتخابه.
من جهته، قال النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة عمر بوشاح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الجولة الجديدة للحوار الليبي بين مجلسي الدولة والنواب "تأتي في سياق تهيئة القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، وذلك وفقاً للاتفاق السياسي من أجل إنجاز الانتخابات الليبية في موعدها"، مضيفاً أنّ "النيات لدى مجلس الدولة جادة للتوافق والاتفاق (...) أتمنى أن نتجاوز كل الخلافات والمصالح المفصلة على أشخاص وأن نصل إلى وفاق وطني كبير".
وكشف بوشاح الذي يقود وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي في جولة الحوار، أنّ "الجولة ستناقش كل المقترحات، وبناءً عليها تتضح نقاط الخلاف والاتفاق"، مشيداً بدور المغرب "الإيجابي" في دعم الاستقرار في ليبيا واحتضان جولات الحوار الليبي.
وسبق أن احتضن المغرب 5 جولات من الحوار الليبي بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في مدينتي بوزنيقة وطنجة، وتمّ خلالها الاتفاق على آلية تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة الـ 15 من الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات عام 2015.
وتأتي الجولة الجديدة من الحوار الليبي في وقت يتشبث فيه المغرب بضرورة التزام الفرقاء الليبيين إجراء انتخابات الرئاسية والتشريعية الليبية في موعدها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك لحسم مسألة الشرعية.
ويسعى المغرب لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأفرقاء الليبيين من خلال فتح الحوار بينهم وتوفير الأجواء لذلك، إذ يرى المغرب أنّ الحل لا يمكن إلا أن يكون ليبيّاً، وأنه لن تُتجاوَز الصعاب إلا بالحوار الهادئ وتغليب المصالح الليبية.
وشهدت العاصمة المغربية، خلال الأسابيع الماضية، حراكاً لافتاً تمثل باستقبال وزير الخارجية ناصر بوريطة لكل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والمبعوث الأممي يان كوبيش، وقبلهم نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي.
وكانت الخارجية المغربية قد أعلنت "دعم المملكة لكل فرص التواصل والحوار بين الأفرقاء الليبيين من أجل إرساء السلام والاستقرار في البلاد"، مؤكدة أنّ اللقاءات التي تستضيفها الرباط حول الملف الليبي تدخل "في إطار الجهود التي تبذلها المملكة بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، لأجل الاستمرار في مواكبة الحوار الليبي والمساهمة في حل الأزمة".
المنفي يزور ألمانيا لبحث إخراج المرتزقة وحشد الدعم السياسي
في الأثناء، يتوجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى العاصمة الألمانية، اليوم الخميس، في زيارة رسمية لألمانيا هي الأولى منذ توليه منصبه الرئاسي، للقاء مسؤولين ألمان على رأسهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
ووفقاً للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، فإنّ المنفي سيناقش في ألمانيا مستجدات مخرجات مؤتمري برلين، ومن بينها الجهود الدولية في ملف إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، بالإضافة للدعم الدولي للعملية السياسية والانتخابية في بلاده.
وأفادت مصادر مقربة من المجلس الرئاسي لـ"العربي الجديد"، بأنّ الزيارة "تأتي في إطار سعي السلطات الليبية في أن يكون لها دور فاعل في الحراك الدولي الكبير الذي يشهده الملف الليبي في الآونة الأخيرة".
واستضافت البعثة الألمانية لدى الأمم المتحدة في مقرها في نيويورك، الأربعاء الماضي، لقاء دولياً أطلق المنفي خلاله مبادرة "عملية السلام الليبية"، وسط ترحيب المشاركين من بينهم وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، الذي أكد على دعم بلاده لجهود إحلال السلام في ليبيا. وأعلنت الخارجية الألمانية أن وزير خارجيتها هايكو ماس ترأس مع نظيّره الفرنسي جان إيف لودريان والإيطالي لويجي دي مايو، اجتماعاً بشأن ليبيا وذلك على هامش أعمال الدورة الـ 76 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأربعاء الماضي.
وشارك في الاجتماع الدول الأعضاء في مؤتمر برلين الثاني، حيث بحث الاجتماع "كيفية تعزيز العملية السياسية في ليبيا بمشاركة ممثلي الأمم المتحدة ومنظمات دولية"، فيما أشارت خارجية ألمانيا إلى أن الاجتماع يعد تمهيداً لمؤتمر دولي حول ليبيا تعتزم فرنسا استضافته في 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لبحث سبل دعم العملية السياسية والانتخابية في ليبيا ومناقشة خطط انسحاب جميع القوات والمرتزقة الأجانب.
وأجمعت عدة مصادر خلال حديث مع "العربي الجديد"، أنّ المنفي "يسعى لحشد دعم دولي كبير للمؤتمر الدولي الذي تعتزم ليبيا تنظميه في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في العاصمة طرابلس، مرجحة أنّ "نتائج زيارة المنفي لألمانيا سيكون لها أثر كبير في بناء جدول أعمال المؤتمر الذي يعد له المنفي وشركاؤه في السلطة الليبية".
وذكرت المصادر أنّ المنفي سيبلغ الجانب الألماني عن تفاصيل التقدم المحرز في ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، كما سيطالب ألمانيا باعتبارها أهم شركاء عملية السلام في ليبيا، بدعم مطالب الليبيين بشأن سرعة إنجاز اتفاق دولي بشأن مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.
وكان المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي قد قال عقب انتهاء الاجتماع الأول للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في العاصمة طرابلس، الثلاثاء الماضي، إن المنفي التقى محمد الحصان آمر الكتيبة 166 التابعة لمعسكر غرب ليبيا، والمكلفة بتأمين وحراسة طريق النهر الصناعي بمشاركة لواء طارق بن زياد التابعة لمعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في مكتبه في طرابلس.
وأكد المنفي أنّ تشكيل أول قوة ليبية مشتركة "يعتبر خطوة مهمة عمل عليها المجلس الرئاسي من أجل توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، ومن شأنها أن تبعث برسالة للجهات الدولية الفاعلة، مفادها أن الليبيين قادرون على التغلب على خلافاتهم، والعمل معا لبناء دولة موحدة"، بحسب ما نقل المكتب الإعلامي.
وأشادت السفارة الأميركية بمشاركة قائد القوات العسكرية الأميركية بأفريقيا (أفريكوم) الجنرال ستيفان تاونسند باجتماع اللجنة، واعتبرته "خطوة تاريخية في التقريب بين الليبيين، لا سيما في المجال الأمني"، وأكدت على استمرار دعمها لتسهيل التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية والمقاتلين، فضلاً عن التوحيد الكامل للمؤسسات العسكرية الليبية، حسبما نقلت الصفحة الرسمية للسفارة عبر "فيسبوك".
وكان تاونسند قد أجرى زيارة لطرابلس، الثلاثاء الماضي، والتقى خلالها المنفي ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، كما شارك في افتتاح اجتماع اللجنة العسكرية.