بدأت في العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت، أعمال المؤتمر الإقليمي الذي يشارك به قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية 10 دول عربية وإقليمية وغربية، إلى جانب ممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، على أن يستمر ليوم واحد.
ورحب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خلال كلمته بافتتاح المؤتمر، بالزعماء والوفود المشاركة، مؤكدا أن "المؤتمر يجسد رؤية العراق لإقامة أفضل العلاقات، وقد تعهدنا أمام الشعب باستعادة دور الريادة للعراق".
وأعرب الكاظمي عن أمله بـ"تحقيق مشتركات اقتصادية في المؤتمر، وقد لمسنا جدية دولية في دعم الاستثمار في العراق، وفتحنا الباب لاستقبال الشركات الاستثمارية، ونسعى لتفعيل المشاريع وإعادة الحياة لجميع مدن العراق"، مؤكدا "طموحنا كبير في إعادة إعمار العراق".
وتابع قائلاً "طلبنا من المجتمع الدولي دعم الانتخابات المبكرة في العراق، وقد تلقينا دعما دوليا لإجرائها"، مشددا على أنه "لا عودة للمسارات غير الديمقراطية". وأكد "رفض العراق استخدام أراضيه كساحة للصراعات".
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عبر في كلمة له، عن سعادته بمشاركته بمؤتمر بغداد، وقال "أحيي رؤساء الدول والحكومات بمشاركتهم في المؤتمر الذي يبين الشراكات وتحقيق السلام في المنطقة".
وأكد أن "مؤتمر بغداد يدل على وجود رغبة لتعزيز التفاهم والعلاقات"، مؤكداً أن "باريس وبغداد، تواصلان التنسيق المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، وأننا ملتزمون بدعم القوات العراقية".
وبشأن إجراء الانتخابات العراقية، أكد الرئيس الفرنسي، أن "منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي سيراقبان الانتخابات لضمان نزاهتها وشفافيتها"، مشيراً إلى أن "إجراء الانتخابات في موعدها المحدد نصر للعراق". مؤكدا التزام بلاده بـ"دعم الدول التي تحارب الإرهاب".
فيما أعرب العاهل الأردني عبد الله الثاني عن دعمه للعراق وضرورة مساعدته، معتبرا أن دعم العراق من الأولويات.
كما شدد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال المؤتمر نفسه، على أهمية العراق في كونه مؤهلا للقيام بدور فاعل في المنطقة، داعيا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم للعراق، كما جدد التأكيد على دعم بلاده لجهود العراق في مكافحة الإرهاب.
بدوره، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن يكون مؤتمر بغداد الحالي مرحلة لتدشين مرحلة جديدة في العراق، مثنيا على خطوات الحكومة العراقية الأخيرة في مواجهة التحديات الاقتصادية بالبلاد.
رئيس الوزراء الكويتي صباح خالد الحمد الصباح قال في كلمة له إن العراق أحد الركائز الأمنية والاقتصادية في المنطقة. وأضاف أن العراق "وعلى الرغم من الأوضاع الصعبة والتحديات الأمنية الكبيرة، إلا أنه استطاع وبإرادة شعبه تجاوزها والتغلب على الجزء الأعظم منها، والدليل تواجدنا الآن في بغداد والتي كان لها نصيب كبير من هجمات الجماعات الإرهابية، وعلينا ترسيخ مقومات سيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية".
وشدد على أن بلاده عازمه على مواصلة دعم العراق، مشيداً بوفاء الأخير بالتزاماته المتعلقة بقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بالمفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية، وتحديدا الأرشيف الوطني، مقدما شكره للعراق على جهودهم التي بذلت في هذا الملف، معربا عن تطلعه لنهاية الملف الإنساني بأقرب وقت ممكن.
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في كلمته، على أنه "إذا لم يكن العراق مستقرا فالمنطقة لن تتمكن من تحقيق الاستقرار، وسنواصل تقديم الدعم إلى العراق لتحقيق الاستقرار".
وأضاف أوغلو أن تركيا مستعدة لتولي مشاريع اقتصادية وتجارية لدعم العراق، مستعرضا جانبا من تلك المشاريع في نينوى والموصل وميناء الفاو في البصرة.
وشدد على أن بلاده لن تقبل بوجود جماعة حزب العمال الكردستاني في العراق "ونقدم مساعدة للعراق في محاربة هذا التنظيم الإرهابي"، مؤكدا على مواصلة دعم المؤسسات العراقية، ومعبرا عن أمله بأن يكون المؤتمر بادرة خير ومرحلة تعاون جديدة إقليمية.
بدوره، شدد فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في كلمته على أن بلاده تتطلع لتعزيز التعاون مع العراق على مختلف الأصعدة، معلنا عن أن بلاده مستمرة بدعم بغداد، بما فيها مشاريع الربط الكهربائي ومشروع إعادة إعمار المدن العراقية، ورصد 300 مليون دولار للصندوق الاستثماري العراقي السعودي.
واعتبر بن فرحان أن المنطقة واستقرارها يستلزمان عراقاً آمناً مستقرا مرتبطا بعمقه العربي وجواره الإسلامي، مبيناً أن المملكة "تضافر الجهود الدولية لدعم العراق ومكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله والتنسيق مع العراق في هذا الإطار".
وأكد أن بلاده تنظر بعين التفاؤل نحو قدرة العراقيين في رسم مستقبل يتناسب مع مكانة العراق. وعقد عدد من قادة وممثلي الدول عدة لقاءات جانبية، قبل دخولهم قاعة الاجتماعات الكبرى في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
في سياق متصل، أوضح وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان في كلمة له أن "العراق الجديد بحاجة إلى إعادة إعمار وتدعيم الأمور المحلية وتقوية علاقات التعاون في المنطقة، لذلك فإن الجمهورية الإسلامية تدعم وحدة واستقلال العراق ورفع مكانته الإقليمية والدولية، وتعلن استعدادها لدعم ذلك".
وهاجم عبد اللهيان الولايات المتحدة بالقول إنها لا تجلب الخير والسلام إلى المنطقة، متحدثا عن اغتيال زعيم "فيلق القدس"، السابق قاسم سليماني العام الماضي، داعيا إلى عدم تدخل الدول الأجنبية في شؤون المنطقة.
كما جدد تأكيده على أهمية خروج القوات العسكرية والأجنبية من المنطقة، وأن بلاده "تنتهج سياسة تعتمد على تنمية العلاقات مع الإقليم وجيرانها".
وقال مسؤول في اللجنة التحضيرية لـ"العربي الجديد"، إنه "تمت إضافة محور جديد على جدول الأعمال، وهو لقاءات الوفود المرافقة لقادة تلك الدول لبحث ملفات ذات أبعاد اقتصادية وتجارية مع العراقيين، في توجه يظهر حرص بغداد على تحقيق أهداف مباشرة من المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود".
وتشارك دول السعودية والكويت والأردن وإيران وتركيا ضمن محور دول جوار العراق، وجرى استبعاد مشاركة نظام بشار الأسد، في توجه أكده مسؤول عراقي في بغداد بأنه بناء على رغبة دول عدة مشتركة في المؤتمر، كما تشارك دول قطر ومصر والإمارات وفرنسا بالمؤتمر بصفة رئيسة.
ووفقا للترتيب الزمني لوصول قادة الدول المشاركة، فقد كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول الواصلين إلى بغداد ليلة أمس الجمعة، تبعه وفد الكويت برئاسة رئيس الوزراء الشيخ خالد الحمد الصباح، ثم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تلاه الوفد القطري برئاسة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ثم الوفد الإيراني الذي يمثله وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ثم الوفد الأردني برئاسة العاهل الأردني عبد الله الثاني.
وبعد ذلك، وصل الوفد الإماراتي برئاسة رئيس الوزراء الإماراتي محمد بن راشد، أعقبه وصول الوفد التركي برئاسة وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، وأخيرا الوفد السعودي برئاسة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، كما وصل أمين عام مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، كما سيلتحق سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالمؤتمر.
وأجرت الوفود المشاركة عدة لقاءات ثنائية على هامش وصولهم إلى القصر الحكومي، وجرت برعاية اللجنة التحضيرية العراقية للمؤتمر، وبعضها شارك فيها الرئيس العراقي برهم صالح.