استمع إلى الملخص
- زيارة وزير الخارجية الياباني إلى أوكرانيا أسفرت عن اتفاق لتبادل المعلومات الأمنية وتعزيز التنسيق الدفاعي، مما يعكس قلق اليابان من توسع الصراع إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
- رغم التزام اليابان بضوابط صارمة لتصدير الأسلحة، قدمت بعض المعدات الدفاعية لأوكرانيا، مما يعكس التغيرات في بيئة الأمن القومي.
يبدو أن انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا في القتال إلى جانب الجيش الروسي، أعاد خلط الأوراق في ما يتعلق بالحسابات اليابانية في هذه الحرب. وقد طرحت تساؤلات حول ما إذا كان دعم اليابان الثابت لأوكرانيا يتعرض للاختبار، في الوقت الذي تعمل فيه بيونغ يانغ على تعميق تحالفها العسكري مع موسكو، وما إذا كانت طوكيو ستبدأ توريد الأسلحة إلى كييف. وقد عززت هذه الافتراضات زيارة لوزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا إلى كييف في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، التقى خلالها نظيره الأوكراني أندري سيبيغا، وناقش الجانبان، بحسب تقارير يابانية، مشاركة آلاف الجنود الكوريين الشماليين المنتشرين في روسيا لدعم جهودها الحربية. وأعرب إيوايا عن قلقه البالغ إزاء العلاقات العسكرية المتنامية بين بيونغ يانغ وموسكو مع انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا وتطرق إلى الحاجة لفرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، وطمأن أوكرانيا على الدعم القوي والمستمر من اليابان.
في المقابل، علّقت وسائل إعلام صينية على الزيارة، وقالت إن النتيجة الأكثر صخباً ربما كانت الاتفاق على البدء بتبادل المعلومات الأمنية السرية، وإطلاق حوار رفيع المستوى بين مسؤولي الخارجية والدفاع بهدف تعزيز التنسيق الدفاعي. ولفتت إلى أنه في اجتماع منفصل مع رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال، جدد إيوايا أيضاً التزام اليابان بتوفير المولدات والمعدات الأخرى لمساعدة أوكرانيا على تلبية احتياجاتها من الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء. وأشارت إلى أن هذه التطورات تثير تساؤلات حول إمكانية أن تمهد الطريق أمام اليابان لتزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها، في صد الهجمات الروسية.
جينغ وي: لدى اليابان معلومات مؤكدة بشأن أعداد القوات الكورية الشمالية المنخرطة بحرب أوكرانيا
قلق من انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا
بحسب تقديرات استخبارية من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأوكرانيا، فإنه في سياق انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا تم إرسال ما يصل إلى 12 ألف جندي كوري شمالي إلى روسيا، وذلك في أعقاب توقيع معاهدة استراتيجية شاملة بين موسكو وبيونغ يانغ في 19 يونيو/حزيران الحالي. كما أفاد مسؤولون أوكرانيون بوقوع مواجهات صغيرة النطاق مع قوات كورية شمالية في وقت سابق من الشهر الحالي في منطقة كورسك الروسية، حيث تسيطر قوات كييف على أراض منها منذ هجوم مفاجئ في السادس من أغسطس/آب الماضي.
وتعليقاً على انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا في إطار تحالف موسكو مع بيونغ يانغ وتداعيات ذلك على اليابان على وجه التحديد، قال المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث جينغ وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا شك في أن التقارب الروسي الكوري الشمالي، وما تحققه بيونغ يانغ من هذا التحالف، سواء في ما يتعلق بالحصول على تقنيات عسكرية روسية تخدم تطوير الترسانة العسكرية الكورية الشمالية، أو ما يتصل بدعم اقتصادها الهش، جميعها عوامل تثير مزيداً من المخاوف في شبه الجزيرة الكورية، وتدفع دولاً مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى البحث عن تعزيز علاقاتهم بالدول الغربية، تحديداً الولايات المتحدة، من أجل تثبيت حالة الردع والإبقاء على درجة من توازن القوى في المنطقة".
وأضاف: "في هذا الإطار يمكن تفسير توجه طوكيو إلى أوكرانيا والحديث عن تعاون أمني واستخباري بين البلدين". ولفت جينغ إلى أن الاتفاق بشأن تبادل المعلومات بين كييف وطوكيو "يشير إلى أن الأخيرة لديها معلومات مؤكدة بشأن أعداد القوات الكورية الشمالية المنخرطة بحرب أوكرانيا، وكذلك مهاراتهم القتالية، وهذا يساعد الجيش الأوكراني في عمليات التحليل والتصدي على جبهات مختلفة".
في المقابل، يوفر أيضاً هذا التعاون فرصة لطوكيو لتحذير حلفائها في الغرب وإثارة المخاوف من أن انخراط كوريا الشمالية بحرب أوكرانيا قد ينذر باتساع نطاق الصراع، من أوروبا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع ظهور تقارير عن تدفق التكنولوجيا العسكرية من موسكو إلى كوريا الشمالية. وبالتالي حث الغرب على العمل بحزم وجدية مع هذا الأمر، مع إعادة انتخاب دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة، وهو الذي قد ينتهج سياسة مرنة في التعامل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
لي يانغ: أستبعد أن تزوّد طوكيو كييف بأسلحة نوعية
ضوابط الدعم الياباني لأوكرانيا
من جهته، استبعد لي يانغ، الأستاذ في معهد تسيونغ كوان للدراسات والأبحاث ومقره هونغ كونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تُقدِم طوكيو على تزويد كييف بأسلحة نوعية ومؤثرة، وأرجع ذلك إلى ضوابط تتعلق بقانون تصدير الأسلحة الياباني الساري منذ 50 عاماً، ولفت إلى أنه في الوقت الحالي، تسمح طوكيو بتصدير المعدات العسكرية غير الفتاكة فقط، مثل السترات الواقية من الرصاص والمعدات العسكرية الخفيفة. وبموجب القانون، تحظر اليابان نقل الأسلحة الثقيلة إلى دول ثالثة تشارك في صراع نشط. غير أن تقارير غربية كانت قد ذكرت في وقت سابق، أن اليابان قدمت بالفعل معدات دفاعية لأوكرانيا، بما في ذلك مركبات عسكرية وطائرات من دون طيار، وهي خطوة غير مسبوقة بالنظر إلى ضوابط التصدير الصارمة التي تفرضها طوكيو. وفي تعليقه على ذلك، قال لي يانغ، إنه حتى هذه المعدات لا يمكن اعتبارها أسلحة فتاكة قادرة على تغيير المعادلة العسكرية على الأرض. وتوقع أن تستمر طوكيو بتزويد أوكرانيا بالأسلحة التقليدية، بما يخدم مصالحها الأمنية والسياسية، من دون أن تنخرط على نحو أكبر في الحرب.
يشار إلى أنه في أواخر العام الماضي وافقت السلطات اليابانية على تصدير أنظمة صواريخ باتريوت المنتجة محلياً إلى الولايات المتحدة، بعد تخفيف "المبادئ الثلاثة لنقل المعدات الدفاعية" (عدم تصدير الأسلحة للدول الشيوعية، والخضوع لقرارات الأمم المتحدة بحظر الأسلحة، وعدم التورط أو احتمالية التورط في أي صراعات دولية) التي تحكم صادرات الأسلحة. وأرجعت وسائل إعلام يابانية القرار في حينه إلى التغييرات التي تشهدها بيئة الأمن القومي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بفعل الحرب الروسية الأوكرانية.