أثار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عاصفة من ردود الفعل في إسرائيل، بعد لقاء مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت اليوم الأحد، اتهم خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن بمساعدة حماس، مضيفاً أن الوضع سيكون مختلفاً لو كان دونالد ترامب هو الرئيس.
واتهم الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس ورئيس المعارضة الاسرائيلية يائير لبيد المتطرف بن غفير بأنه "يسبب ضرراً كبيراً لإسرائيل في علاقاتها الخارجية ويمسّ بأمنها".
وعلّق الوزير في "كابينت الحرب" بيني غانتس على كلام بن غفير قائلاً: "يجوز أن تكون هناك خلافات حتى مع أكبر وأهم حليف لنا، لكن يجب أن تكون في الدوائر المناسبة، وليس بتصريحات غير مسؤولة في وسائل الإعلام، التي تضر بإسرائيل، والعلاقات الاستراتيجية لدولة إسرائيل وأمن الدولة والمجهود الحربي في هذا الوقت". وأضاف: "على رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) أن يأمر وزير الأمن القومي بالانضباط، الذي بدلاً من التعامل مع قضايا الأمن الداخلي يلحق أضراراً جسيمة بعلاقات إسرائيل الخارجية".
وهاجم زعيم المعارضة يائير لبيد وزير الأمن القومي بسبب تصريحاته، قائلاً: "المقابلة التي أجراها بن غفير مع صحيفة "وول ستريت جورنال" هجوم مباشر على مكانة إسرائيل الدولية، وعلى المجهود الحربي، وتضر بأمن إسرائيل، وفوق كل شيء، تثبت أنه لا يفهم شيئاً في السياسة الخارجية. كنت لأدعو رئيس الوزراء إلى كبح جماحه، لكن نتنياهو ليس لديه سيطرة على المتطرفين في حكومته".
وهاجم بن غفير سياسة الرئيس بايدن في ما يتعلق بالحرب على غزة، في أول مقابلة له مع وسائل إعلام أجنبية منذ دخوله الحكومة.
وفي حواره مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال بن غفير إن إدارة بايدن "تضرّ بالمجهود الحربي الإسرائيلي"، مبدياً اعتقاده بأن "الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب كان سيمنح إسرائيل حرية أكبر للقضاء على حماس". وأضاف: "بدلاً من تقديم الدعم الكامل لنا، ينشغل بايدن بتقديم المساعدات الإنسانية لغزة والوقود الذي يذهب إلى حماس. لو كان ترامب في السلطة، لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفًا تمامًا".
وأشار التقرير بإسهاب إلى القوة المتنامية لوزير الأمن القومي في أوساط الجمهور الإسرائيلي، فضلًا عن تحديه المتزايد لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو.
وكرر بن غفير موقفه بأنه سيعارض أي اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، يشمل إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، أو أي خطة لإنهاء الحرب في غزة قبل "هزيمة حماس بشكل نهائي".
وأوضح نتنياهو الأسبوع الماضي أن هاتين القضيتين تشكلان خطاً أحمر بالنسبة إلى إسرائيل. وقال بن غفير إن "نتنياهو الآن على مفترق طرق، وعليه أن يختار الاتجاه الذي ينوي أن يسلكه".
ونقل التقرير عن مصدر في المعارضة لم يسمّه قوله: "في كل مرة يفتح بن غفير فمه، يخلق مواجهة تجعل من الصعب علينا خوض الحرب وإعادة المختطفين إلى الديار".
وأشار المصدر ذاته إلى وجود علاقة بين تصريحات بن غفير وتفكير الولايات المتحدة وبريطانيا الآن في الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد، على الرغم من معارضة إسرائيل لهذه الخطوة.
وكرر بن غفير في اللقاء خططه لـ"تشجيع السكان الفلسطينيين في غزة على المغادرة طوعاً إلى بلدان أخرى حول العالم، من خلال تقديم حوافز اقتصادية لهم".
وقالت الصحيفة إن "المسارات المختلفة تمثل خياراً صارخاً أمام نتنياهو، الذي يخاطر الآن بزيادة العزلة الدولية لإسرائيل إذا واصل الحرب، أو يحتمل أن يفقد السلطة إذا سحب بن غفير المشرعين الستة من "حزب القوة اليهودية" الذي يتزعمه من الائتلاف الحاكم".
وقال يوهانان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث مقره القدس المحتلة: "يتمتع بن غفير بنفوذ كبير على نتنياهو.. آخر ما يحتاجه نتنياهو هو إجراء انتخابات مبكرة، وبن غفير يعرف ذلك".
ورأت الصحيفة أن بن غفير، البالغ من العمر 47 عامًا، يتمتع بموهبة "تصدر عناوين الأخبار". ويعتبره منتقدوه محرضًا خطيرًا مستعدًا لإثارة صراع أوسع مع الفلسطينيين لتنمية قاعدة دعمه الشخصية. وأبعد من ذلك، يقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن تصريحاته التي تدعو إسرائيل إلى احتلال غزة "تجعل من الصعب عليهم عرض قضيتهم في العواصم الأجنبية".
واعتبرت الصحيفة أن نهج بن غفير الداعي إلى إنشاء مستوطنات إسرائيلية داخل قطاع غزة "صار يكتسب شعبية" بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقالت الصحيفة: "في عام 2021، توسّط نتنياهو، الذي كان معزولًا سياسيًا ويواجه تهمًا بالفساد، في اتحاد بين حزب بن غفير والحزب الصهيوني الديني الذي يتزعمه زميله اليميني ووزير المالية الحالي، بتسلئيل سموتريتش، لتعزيز الدعم. في ذلك الوقت، قال نتنياهو إن بن غفير مؤهل ليكون نائبًا في البرلمان، ولكن ليس لوظيفة حكومية مؤثرة. ولم يوضح السبب، ولكن حتى تلك اللحظة كان يُنظر إلى بن غفير على نطاق واسع على أنه متطرف".
وتابعت : "الآن، في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير هو الحزب اليميني الوحيد في ائتلاف نتنياهو الذي لا ينزف الدعم. وتظهر استطلاعات الرأي أن الحزب سيفوز بثمانية أو تسعة مقاعد في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المؤلف من 120 مقعداً إذا أجريت الانتخابات الآن، بدلاً من ستة مقاعد يملكها في الوقت الحاضر".
ووفقًا للصحيفة، لن يحلّ حزب بن غفير محل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، والذي يشغل 32 مقعدًا، لكن دعم الليكود انخفض إلى ما بين 19 و27 مقعدًا في الأسابيع الأخيرة. ويقول محللون إن نتنياهو وبن غفير يتصارعان الآن للحصول على دعم اليمين قبل أي انتخابات مبكرة.
وقالت الصحيفة: "يوم الثلاثاء الماضي، بعد ظهور تقارير عن صفقة رهائن قد تشمل إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين، كتب بن غفير على وسائل التواصل الاجتماعي أنه "سيطيح الحكومة إذا تمت الموافقة عليها". وبعد ساعات، ظهر نتنياهو في مستوطنة دينية في الضفة الغربية ليعلن أنه سيعارض بالمثل أي صفقة من هذا القبيل، على الرغم من أنه ظل هادئًا إلى حد كبير حتى الآن بشأن المفاوضات بشأن الرهائن".
وتعليقًا على ذلك، قال دور هارلاب، عضو اللجنة المركزية لحزب الليكود، إنه "بينما يبدو أحيانًا أن نتنياهو يتفاعل مع تصريحات بن غفير، إلا أنه في الواقع يتفاعل مع المشاعر المتغيرة بين الناخبين اليمينيين"، بحسب الصحيفة.
وقال بن غفير إنه "ليس في عجلة من أمره لسحب البساط من تحت نتنياهو"، مضيفًا أن "النتيجة المحتملة ستكون تولي حكومة يسار الوسط السلطة، وأن حياته المهنية في بدايتها"، وختم حديثه بالقول: "سأذهب بعيدًا".