انتخابات بنكهة السلاح

05 اغسطس 2021
لا حصر للجان التي شكلها عقيلة صالح لدراسة مقترح الميزانية (جلال مورشيدي/الأناضول)
+ الخط -

بعد مرور أشهر عدة على عرقلة مجلس النواب بقيادة عقيلة صالح لمقترح الحكومة للميزانية، يبدو أنّ ملامح قبولها قد بدأت في الظهور أخيراً، لكن لماذا؟ فالمثل العربي السائر على الألسن يقول "إذا فهم السبب بطل العجب"، وعجائب صناع أزمة ليبيا لا تنتهي.
لا حصر للجان التي شكلها عقيلة صالح لدراسة مقترح الميزانية وللتشاور مع الحكومة بشأن بنودها وكيفية صرفها، وسط اعتراضات لم تنته، وتصريحات ومواقف لم تنقطع عن وسائل الإعلام، حتى بعد أن راجعها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وقدمها في شكل مقترح للمرة الثانية تجاوباً مع أسباب التحفظ التي أبدتها لجان صالح، وكانت تلك الأسباب تتمحور حول حجم الميزانية الكبير البالغ 98 مليار دينار (21.7 مليار دولار). وعلى الرغم من تقليصها إلى 93 مليار دينار في المقترح الثاني، إلا أنها لاقت الاعتراضات ذاتها، لكن في المرة الثانية ظهر تصريح صريح على لسان صالح عند زيارته لمقر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، العسكري في الرجمة، عندما قال "ليس كل ما يُطلب يُعطى، النواب لديهم مطلب واضح، وهو أن تكون للمؤسسة العسكرية (مليشيات حفتر) ميزانية مقدرة ومحترمة تستطيع أن تنفّذ من خلالها مهامها".

وعلى الرغم من ذكره لأسباب أخرى تتعلّق أيضاً بحجم الميزانية والغموض الذي يكتنف بعض أبوابها، إلا أنّ تصريحه هذا وفي ضيافة حفتر، بدا أنه لبّ الأمر وموضوعه. فبعد أيام من ذلك التصريح، ظهرت تصريحات على لسان أنصار صالح تشير إلى أنّ الميزانية يمكن تمريرها في أي لحظة، فما الذي جرى؟

الذي جرى أن صالح أعلن بشكل مفاجئ، خلال جلسة مجلس النواب الخاصة بمناقشة مشروع قانون الانتخابات الإثنين الماضي، أنه علّق بند مناقشة مقترح الميزانية من جدول أعمال تلك الجلسة بطلب من الحكومة، كونها بصدد مراجعة الميزانية، وظنّ أغلب المتابعين أنها ستتقلص إلى أقل من 93 مليارا. لكن المفاجئ أنها ارتفعت لتصل إلى 111 مليارا، بحسب تصريح للمتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، مشيراً في تصريح تلفزيوني أخيراً وبلهجة مخففة تدفع إلى الدهشة، إلى أنّ الجلسة الخاصة بالتصويت على مشروع الميزانية ستحدد قريباً.

لقد استجاب الدبيبة لمطالب أنصار حفتر، ومنهم عقيلة، وخصص أموالاً لمليشيات اللواء المتقاعد، وبكل تأكيد خصص للمجموعات المسلحة في غرب ليبيا أموالاً أيضاً، وفهم كل متابع الآن لماذا كان بند مناقشة مقترح الميزانية برفقة بند قانون الانتخابات في جدول أعمال واحد في جلسات مجلس النواب!

والسؤال الآن، أي انتخابات مع عودة تنشيط ملف السلاح والمسلحين؟ وهل كانت ورقة قانون الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية وسيلة للضغط، أم على علاقة بإعادة توزيع مناطق النفود والتمركز فيها، لضمان مواقع مهمة في المرحلة السياسية المقبلة؟