انتخابات الكويت: انتصار للقبائل وخسارة للحكومة والليبراليين والمرأة

07 ديسمبر 2020
بلغت نسبة التغيير في البرلمان 60 في المائة (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

قلبت الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الكويت أول من أمس السبت، صورة المشهد السياسي في البلاد، مع تسجيل مفاجآت كبيرة، بسقوط 22 نائباً، ووصول 21 نائباً جديداً لم يسبق لهم دخول مجلس الأمة من قبل، لتبلغ نسبة التغيير في الانتخابات الـ60 في المائة من مقاعد البرلمان الخمسين، وفقاً للإحصائيات، مع احتساب عدد النواب الذين أحجموا عن المشاركة في الانتخابات خوفاً من سقوطهم. وسجلت القبائل الانتصارات الأكبر في هذا الاستحقاق، الأول في عهد الأمير الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح، بحصولها على 29 مقعداً من أصل 50، لتوجه ضربة إلى مرسوم "الصوت الواحد" الذي أُقر عام 2012 واعتُبر أنه يستهدف تفتيت سيطرة القبائل الكبرى على الانتخابات وإعطاء فرصة للقبائل الصغيرة. في المقابل، حصل المرشحون الشيعة على 5 مقاعد، وحققت المعارضة السلفية المستقلة انتصارات هامة، على الرغم من فشل النائب السابق محمد هايف المطيري، الذي يعد أحد رموزها، في المحافظة على مقعده، بينما غاب الحضور النسائي تماماً عن البرلمان.

سجلت القبائل الانتصارات الأكبر في هذا الاستحقاق

لكن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات كان الحكومة الكويتية، التي فقدت الأغلبية المريحة لها داخل البرلمان، إذ فشل النواب الموالون لها، مثل خالد الشطي وصفاء الهاشم وأحمد نبيل الفضل وعمر الطبطبائي وخلف دميثير وعسكر العنزي وحمود الخضير، في الحصول على مقعد برلماني. وحققت القبائل الكبيرة انتصارات كاسحة بحصولها على 29 مقعداً، وكان أبرزها قبيلة العوازم التي حازت 7 مقاعد، فيما حازت قبيلة مطير 6 مقاعد، وقبيلة العجمان 4 مقاعد. ويفتح ذلك مجال التساؤل عن نجاعة مرسوم "الصوت الواحد"، الذي أُقر عام 2012 بهدف "منح الأقليات فرصاً بالمشاركة السياسية"، وفقاً لحكم المحكمة الدستورية الذي حصّن هذا المرسوم في عام 2013.

وحصل النائب السابق، المنتمي إلى الطائفة الشيعية، المعارض حسن جوهر، على المركز الأول في الدائرة الأولى بـ5853 صوتاً، فيما حصل رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم على المركز الأول في الدائرة الثانية بـ5311 صوتاً. وحلّ النائب عبد الكريم الكندري أولاً في الدائرة الثالثة بـ5484 صوتاً، وحصل النائب السابق المعارض شعيب المويزري على المركز الأول في الدائرة الرابعة بـ6059 صوتاً، وحمدان العازمي على المركز الأول في الدائرة الخامسة بـ8297 صوتاً.
وحصلت "الحركة الدستورية الإسلامية"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، على 3 مقاعد لمرشحيها أسامة الشاهين في الدائرة الأولى، وحمد المطر في الدائرة الثانية، وعبد العزيز الصقعبي في الدائرة الثالثة. فيما نجح السلفيون المستقلون المنتمون إلى القبائل في الحصول على 4 مقاعد في البرلمان، فحصل أسامة المناور، الذي يوصف بأنه محامي الجماعات الإسلامية، على مقعد في الدائرة الثالثة، وفايز غنام المطيري على مقعد في الدائرة الرابعة، وبدر الداهوم، الذي يتوقع أن يقوم بدور ريادي في قيادة كتلة المعارضة داخل البرلمان، إضافة إلى صالح ذياب المطيري، على مقعدين في الدائرة الخامسة. وعلى الرغم من الانتصارات المهمة التي حققها السلفيون، إلا أنهم فقدوا مقعداً مهماً لزعيم تيار السلفيين المستقلين، محمد هايف المطيري، الذي حصل على المركز الـ11 في الدائرة الرابعة، متخلفاً بمركز واحد عن النجاح.

وفشلت التيارات الوطنية والليبرالية والعلمانية في الحصول على أي مقعد في الانتخابات، فلم تنجح الحركة التقدمية، وهي حركة علمانية اشتراكية، في الحصول على مقعد عبر مرشحيها الاثنين، كذلك فشل التحالف الوطني، وهو تيار ديمقراطي ليبرالي، في الحصول على أي مقعد. وفشلت المرأة الكويتية في الحصول على مقعد برلماني، مع خسارة النائبة السابقة صفاء الهاشم مقعدها، كذلك فشلت المرشحتان شيخة الجاسم وعالية الخالد في الحصول على مراكز متقدمة.

وعن هذه الانتخابات، يقول الأكاديمي والكاتب السياسي الكويتي عبد الرحمن العجمي لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الانتخابات هي الأولى في العهد الجديد لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، لذلك إن نسبة المشاركة كانت عالية وتجاوزت الـ70 في المائة بحسب بعض الأرقام، لأن الناس تهدف إلى التغيير". ويرى العجمي أن المعارضة لم تحقق انتصاراً كاسحاً، فعدد المعارضين الأساسيين الذين وصفهم بـ"المعارضة الصلبة"، لا يزال يدور حول 10 نواب، فيما يصل عدد المعارضين المتذبذبين الذين يميلون إلى الحكومة في بعض المواقف، إلى 20 نائباً، ما يعني بحسب رأيه أن "عبور الوزراء للاستجوابات بات صعباً". لكنه يعتبر أن الحكومة هي التي هُزمت هزيمة كاسحة، نتيجة فشل كتلتها القوية التي كانت تعتمد عليها في التصويت وشطب الاستجوابات، في الحصول على مقاعد برلمانية.

فقدت الحكومة الأغلبية المريحة لها داخل البرلمان

ويشرح العجمي قائلاً: "في اللجنة التشريعية، كانت الحكومة تعتمد على النائب السابق خالد الشطي، الذي فشل في الانتخابات، أما في الضغط على النواب والرد عليهم، فكانت تعتمد على أحمد نبيل الفضل وعلي الدقباسي، وكلاهما فشل أيضاً، وفي صياغة بعض القوانين كانت تعتمد على عمر الطبطبائي وصفاء الهاشم، وكلاهما فشل في الانتخابات، وفي التصويتات كانت تعتمد على أصوات من سبق، إضافة إلى خلف دميثير وعسكر العنزي وحمود الخضير، وكلهم فشلوا، إنها هزيمة كبيرة للحكومة".

ومن المنتظر أن تساهم تركيبة مجلس الأمة الشعبوية، بوجود 29 نائباً قبلياً، في وقف تمرير عدد من القوانين المالية التي تُعتبر إصلاحية، وكانت تطمح الحكومة إلى تمريرها، وأهمها قانون الدين العام وقانون ضريبة القيمة المضافة، ما يعني دخول البلاد في حالة من السجال حول هذين القانونين. يذكر أن أمير الكويت قبِل استقالة الحكومة يوم أمس الاثنين، ودعا البرلمان الجديد إلى عقد جلسة افتتاحية في 15 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، على أن يُختار رئيس للبرلمان في هذه الجلسة الافتتاحية. وأعلن رئيس مجلس الأمة السابق، مرزوق الغانم، ترشيح نفسه لرئاسة البرلمان، كذلك أعلن وزير الإسكان السابق بدر الحميدي، ترشيح نفسه أيضاً، فيما لا يزال هناك خلاف بين المعارضة حول ترشيح شعيب المويزري للرئاسة أو دعم بدر الحميدي، في محاولة لإنهاء سيطرة الغانم على كرسي الرئاسة.

المساهمون