المجازر في غزة وقت المفاوضات: الاحتلال يتلاعب بالمشهد

10 اغسطس 2024
فلسطينيون يبكون شهداء القصف الإسرائيلي على دير البلح، 10 أغسطس 2024 (الأناضول)
+ الخط -

نتنياهو اعتاد التلاعب بالحالة السياسية والمشهد في أوقات المفاوضات

أبو سعدة: مجزرة التابعين تعزز فرضية عدم اهتمام بوقف الحرب

شراب: يجب أن يحصل تحوّل حقيقي في شكل المفاوضات وحسم وقف الحرب

اعتاد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إطار حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة للشهر الحادي عشر على التوالي التلاعب بالحالة السياسية والمشهد في أوقات المفاوضات مع حركة حماس وحتى أوقات الدعوة للمفاوضات. وباتت جولات التفاوض بالنسبة للفلسطينيين لا تحمل لهم جديداً في ضوء المجازر الإسرائيلية التي تطاول جميع المنشآت والبيوت والخيام ومناطق التواجد في القطاع، في الوقت الذي ما أن تبدأ فيه جولة حتى سرعان ما تنتهي دون نتيجة.

وبات الإعلان عن جولات التفاوض بالنسبة للفلسطينيين في غزة على وجه الخصوص مرتبطاً في عقلهم الباطن بمجازر جديدة إسرائيلية أو عمليات اغتيال تطاول قيادات بارزة في المستويين السياسي والعسكري لقوى المقاومة. ومع الإعلان الثلاثي الصادر عن قطر ومصر والولايات المتحدة لاستئناف التفاوض في 15 أغسطس/ آب الجاري جاءت مجزرة "الفجر" أو "التابعين"، اليوم السبت، كما أطلق عليها الفلسطينيون في غزة، والتي استشهد خلالها نحو 100 فلسطيني في إحدى مدارس النزوح بحي الدرج، استكمالاً لحرب الإبادة الإسرائيلية.

وترى شريحة واسعة من الفلسطينيين أنّ المفاوضات ما هي إلا غطاء لمجازر الاحتلال في الوقت الذي لم تنجح فيه الوساطات في أي من مراحل التفاوض في الضغط عليه لوضع حد لهذه المجازر. علاوة على ذلك، فإنّ الكثير من المجازر الإسرائيلية باتت ترتكب إما قبل أي جولة تفاوض أو خلال المراحل الحاسمة لها ما يعكس انطباعاً لدى الفلسطينيين بعدم جدية الاحتلال في الوصول إلى صفقة تنهي الحرب على غزة.

ويتزامن هذا كله مع مشاورات تجريها حركة حماس على المستوى الداخلي والفصائلي لتحديد الموقف من الاجتماعات المرتقبة الخميس المقبل من أجل استئناف المفاوضات التي توقفت في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران أواخر الشهر الماضي.

وتعيش المنطقة حالة من غياب الاستقرار وسط تصاعد وتيرة التهديدات سواء من قبل إيران بالرد على اغتيال هنية أو حزب الله اللبناني الذي يتوعد بالرد على اغتيال القيادي الكبير في صفوفه فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت يوماً واحداً قبل اغتيال هنية. وتترافق المجازر الإسرائيلية الجديدة مع إعلان واشنطن تسليم الاحتلال مجموعة جديدة من الأسلحة، ما يعكس دعماً لا محدوداً من قبلها لصالح تل أبيب التي يتهرب فيها نتنياهو من أي فرصة لإنهاء الحرب في غزة.

أبو سعدة: المجازر في غزة تعكس حجم الإبادة

تعليقاً على ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة إنّ "المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعكس حجم الإبادة التي يشنها الاحتلال على الفلسطينيين"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ الجرائم الإسرائيلية تتعارض مع القوانين الدولية والقوانين المتعلقة بالحرب لا سيما وأنّ غالبية الضحايا هم من المدنيين الأطفال والنساء وهو ما يتضح في الأرقام المعلنة.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أنّ "جريمة مدرسة التابعين تعزز فرضية أنّ نتنياهو غير مهتم بوقف إطلاق النار، وهو ما عبّر عنه قبل أيام في أحدث تصريحاته بأنّ وقف الحرب ما يزال بعيداً وأنه لا توجد في الأفق نهاية لهذه الحرب". ووفق أبو سعدة، فإنّ "تصريحات نتنياهو تتفق مع تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأنّ الحرب قد تستمر للأبد أو لسنوات طويلة، وبالتالي فإنّ نتنياهو غير معني بوقف الحرب أو صفقة تبادل، على حد تعبيره".

وفيما أكد على أنّ هذا الأمر واضح من خلال المجزرة الأخيرة أو حتى من خلال الشروط التي يضعها نتنياهو في طريق أي صفقة التبادل، أوضح أبو سعدة أنّ الإعلان الثلاثي الذي صدر عن قطر ومصر والولايات المتحدة "لا يبدو أنه يجد أذاناً صاغية لنتنياهو والإسرائيليين عموماً". ولفت إلى أنّ المجازر الإسرائيلية تعكس رغبة نتنياهو في التصعيد أكبر وعدم الاستجابة لهذا الإعلان بالإضافة لإمكانية وضعه شروطاً جديدة متعلقة بوقف إطلاق النار وإبرام الصفقة خلال الفترة المقبلة.

شراب: المفاوضات لم تحقق أي نتيجة

بدوره يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ناجي شراب أنّ المفاوضات التي انطلقت منذ اليوم الأول للحرب على غزة قبل 10 أشهر لم تحقق أي نتيجة وفي كل مرة كان نتنياهو يضع شروطاً جديدة. وقال شراب لـ"العربي الجديد" إنّ هناك مبادرات عدة طرحت أبرزها للرئيس الأميركي جو بايدن عدا عن إعلان المقاومة الفلسطينية عن موافقتها على الكثير من المبادرات وبالتالي المفاوضات باتت تعطي فرصة للاحتلال للاستمرار في العمل العسكري.

وأعرب المتحدث ذاته عن اعتقاده أنّ كل ذلك يقود إلى "نتيجة أنّ للحرب أهدافاً أخرى منها نكبة ثانية للفلسطينيين الذين نشأوا على النكبة الأولى عام 1948، والهدف مما يجري حالياً إغلاق الملف الفلسطيني تماماً وتدمير القطاع والنزوح التام من كل مكان"، مرجّحاً أنّ الاحتلال سيأخذ من تعيين يحيى السنوار خلفاً لهنية "مبرراً آخر لاستمرار الحرب، والمفاوضات تعني فرض إرادة القوة، وبالتالي الدول العربية مطالبة بأخذ مسار أقوى ولعب دور جوهري ومحوري ضاغط لإنهاء الحرب". ووفق أستاذ العلوم السياسية، فإنّ الاحتلال "معني بإغلاق ملف القضية الفلسطينية وهو ما يتطلب أن يكون هناك تحوّل حقيقي في شكل المفاوضات بحيث لا يتوقف على استضافة المفاوضات فقط، وإنما أن يكون هناك موقف حاسم"، وفق قوله.