انتخابات الكونغرس: أخبار مقلقة للديمقراطيين

29 أكتوبر 2022
بدأ التصويت المبكر في عدد كبير من الولايات (شيب سموديفيلا/Getty)
+ الخط -

تتسارع الأنباء غير السارة للحزب الديمقراطي الأميركي، كلّما اقترب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس، المقررة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي يتخوف اثنان من أصل كل ثلاثة مواطنين أميركيين، من أن تلحقها أعمال عنف، قد يقوم بها "المتطرفون"، في إشارة إلى اليمين المتطرف الأميركي، اعتراضاً على نتائج التصويت إذا لم تأت خصوصاً لصالح المرشحين المدعومين من الرئيس السابق دونالد ترامب.

وما كشفه استطلاع لـ"رويترز/ إيبسوس"، في 26 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، عن هذه المخاوف، يضاهيه استمرار تراجع الرئيس جو بايدن في استطلاعات الرأي، وصولاً إلى 39 في المائة أخيراً، بحسب الاستطلاع ذاته، ولا يُسعفه خروج الحزب الديمقراطي قليلاً، أخيراً، من التشبث بمسألة الإجهاض كأولوية لخطابه الانتخابي، وهي مسألة لم تعد تقف على رأس اهتمامات الناخبين الأميركيين، المشغولين بارتفاع معدل الجريمة وغلاء المعيشة.

يشكّل الجمهوريون خطراً هذه المرة على ولايات ديمقراطية

لكن تقليل الحزب الديمقراطي من الحديث عن حقّ الإجهاض، لم تقابله سياسة هجومية على الحزب المنافس، بقدر ما اكتفى الديمقراطيون، قبل أقل من أسبوعين على الاستحقاق، بالدفاع عن أنفسهم في وجه الهجمات المتلاحقة التي يوجهها إليهم الجمهوريون.

قلق في "الولايات الزرقاء"

وتظهر الوقائع على الأرض، مع اقتراب يوم الانتخاب، جُملة أمور. أولاً، وهو ما يؤكده متابعون رغم حدّة المنافسة، عودة الوضع إلى "مسار طبيعي"، حين يفوز الحزب المنافس للرئيس عادةً في منتصف ولايته. وثانياً، الخطر الذي يشكّله الجمهوريون هذه المرة، على "ولايات زرقاء" (معروفة بتأييد الديمقراطيين)، فيما يبدو الديمقراطيون في الطريق إلى خسارة ولايات متأرجحة، كان فاز فيها ترامب في 2016، وبايدن في 2020. أما الأمر الثالث، فهو حدّة التحشيد ضد "اليسار" من قبل المحافظين، وما يستتبعه من "مخاوف على الديمقراطية" هذه المرة، بعد صدور النتائج، التي قد تكون أشدّ وطأة من اقتحام الكونغرس من قبل أنصار ترامب في يناير/كانون الثاني 2021.

ويتوجه بايدن إلى ولاية ديلاوير (وسط)، في عطلة نهاية هذا الأسبوع، للإدلاء بصوته مبكراً في الانتخابات النصفية. وكان الرئيس الأسبق باراك أوباما، وزوجته ميشيل، قد صوّتا مبكراً أيضاً في 17 أكتوبر الحالي، في شيكاغو، في ظلّ حملة ديمقراطية قوية، للتشجيع على التصويت المبكر، والذي يصبّ عادة لصالح الديمقراطيين. رغم ذلك، توقع بايدن، بداية الأسبوع الحالي، تصويتاً متأخراً، ربما خلال الأسبوع المقبل، واصفاً من مقر الحزب في واشنطن الانتخابات المرتقبة بأنها "مصيرية"، و"إحدى أهم المحطات الانتخابية طوال حياتنا، والتي ستحدد الشكل الذي ستكون عليه البلاد".

لكن هذه التعبئة المتواصلة لقادة الحزب الديمقراطي، لا تخفي حماوة المعركة، وصعوبة النزال مع الحزب الجمهوري، ومع المرشحين خصوصاً الذين يدعمهم ترامب. وقال مخطِّط استراتيجي ديمقراطي، رفض الكشف عن اسمه، لصحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير نشر في 26 أكتوبر، إن هناك "اكتئاباً وانهياراً في الولايات الزرقاء" في ما خصّ انتخابات مجلس النواب، مشيراً خصوصاً إلى المعارك الدائرة في نيويورك وأوريغون وكاليفورنيا، حيث المعارك "متقاربة أكثر من العادة". وتحدث بعض الديمقراطيين عن "تعب" في "الولايات الزرقاء"، حيث كانت قيود كورونا أشد، وعن سأم من هيمنة الحزب الواحد، وقلق من تنامي العنف والجريمة، ومستوى الحياة، في مدن كبرى مثل بورتلاند في أوريغون، أو مدينتي نيويورك وسان فرانسيسكو.

تعبئة "جيش" من اليمين

في غضون ذلك، يعمل نشطاء يمينيون مؤثرون ممن يدعمون مزاعم ترامب بشأن التزوير الانتخابي، على تعبئة "جيش" من المراقبين لانتخابات منتصف الولاية، في خطوة يحذّر محلّلون من أنها قد تؤدي إلى فوضى وترهيب وأعمال عنف. ومن بين هؤلاء النشطاء، شخصيات حاولت قلب نتائج انتخابات عام 2020، على غرار مستشار ترامب السابق ستيف بانون، وهم يستخدمون التضليل الإعلامي سلاحاً، مع ما يعرف بنزعة "إنكار الانتخابات"، لتشجيع آلاف الأشخاص على التسجيل للانخراط في العملية الانتخابية بصفة مراقبين.

يعمل نشطاء يمينيون ممن يدعمون ترامب، على تعبئة "جيش" من المراقبين لانتخابات منتصف الولاية

وجعلت التعبئة من انتخابات منتصف الولاية، أكبر اختبار للنظام الديمقراطي الأميركي منذ تأكيد ترامب من دون أي دليل أن الانتخابات سُرقت منه. ومع تصاعد نزعة إنكار الانتخابات، تواجه الولايات المتحدة خطر التحول إلى ما وصفته المؤرخة روث بين غايت بـ"الاستبداد الانتخابي" في حديثها لـ"فرانس برس".

وحذّرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا، جينيفر ماكوي، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، من "موسم انتخابي تسوده الفوضى"، قد ينجم عن "دعوة بانون المبكرة لمن ينكرون الانتخابات لتسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيمها أو مراقبتها، مع ما يرافق ذلك من تضليل إعلامي يشكك في نزاهة نظام التصويت". وأضافت ماكوي: "يمكن أن نشهد ارتباكاً هائلاً، إذ قد يُمنع ناخبون من التصويت كما قد تُقدّم طعون كثيرة خلال عملية الفرز، لأن هؤلاء العاملين الجدد في تنظيم الانتخابات والمراقبين الحزبيين سيطعنون في النتائج التي لا تعجبهم".

كما نقلت "فرانس برس" عن المحللة في "مركز برينان للعدالة" ميكيلا بانديثاراتني، قولها إنه "من خلال التوجيهات المشحونة والغامضة في آن، والترويج غير المبرر لطيف التزوير واسع النطاق، يمكن أن يؤدي الجهد غير المسبوق الذي يُبذل لتشكيل "جيش من المواطنين"، إلى التأثير على الناخبين وترهيبهم، وإلى طعون جماعية في أهلية ناخبين وخروق أمنية للانتخابات وأشكال أخرى من خرق القوانين في نوفمبر المقبل".

والأسبوع الماضي، أعربت السلطات الانتخابية في ولاية أريزونا عن قلقها الشديد حيال سلامة الناخبين، بعدما رُصد شخصان مسلّحان يرتديان زيّاً عسكرياً، وهما يراقبان صندوقاً لجمع البطاقات الانتخابية المرسلة بالبريد. ونُشر النبأ بعدما تقدّم ناخبان على الأقل في أريزونا بشكويين رسميتين بشأن تعرّضهما للترهيب.

وقال المحلل في "مؤسسة هوفر" لاري دايمند، لوكالة "فرانس برس"، إن انخراط "متطرفين مؤيدين لترامب ممن ينكرون نزاهة انتخابات عام 2020 بصفة مراقبين للانتخابات، من شأنه ترهيب بعض الناخبين؛ على سبيل المثال، ذوو البشرة السوداء أو أشخاص من دوائر ذات كثافة ناخبين ديمقراطيين. إنه أمر قد يشكل تهديداً لنزاهة الانتخابات".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون