لولا وبولسونارو إلى الدورة الثانية: أنصار المرشحين الخاسرين يحددون هوية الرئيس البرازيلي المقبل

04 أكتوبر 2022
قال لولا إن لديه فرصة لمواجهة منافسه بمناظرة جديدة (رودريغو باييفا/Getty)
+ الخط -

لم تتنفس البرازيل، أمس الإثنين، الصعداء، بعد انتهاء الدورة الأولى من انتخاباتها الرئاسية التي أجريت أول من أمس الأحد، ولا انخفضت فيها حدّة الاستقطاب والاحتقان السياسي، بعدما أظهرت نتائج الدورة الأولى تقارباً بين المرشح المتصدر الرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس الحالي اليميني المتطرف جايير بولسونارو، بعدما كانت استطلاعات الرأي تتنبأ طوال أشهر بتقدم لولا بفارق كبير على منافسه، قد يمكنه من تجنب الذهاب إلى الدورة الثانية.

وإذ تقدم لولا على بولسونارو بفارق ضئيل، بحصوله على 47.91 في المائة من الأصوات، مقابل 43.65 في المائة للرئيس الحالي، فإن أمام البرازيل حوالي 4 أسابيع أخرى ستكون حافلة بالتحشيد السياسي والانتخابي، لا سيما بالنسبة لبولسونارو، الذي أثبتت نتائج الأحد صلابة قاعدته الشعبية، فيما لم يتمكن "العمّال" من اختراق معاقل المحافظين في جنوب البلاد.

وإذ تتجه الأنظار إلى الدورة الثانية في 30 أكتوبر، أكد السباق المحموم على الرئاسة في البرازيل، إلى حدّ الآن، حدّة الانقسام والاستقطاب السياسيين في البلاد، اللذين غذّاهما بولسونارو طوال 4 سنوات، وصراعات المصالح التي ستلقي بظلالها على تحالفات اللحظة الأخيرة، فيما لا يبدو "العمّال" البرازيلي مسترجعاً كل عافيته الشعبية حتى الآن، بعد سنوات طويلة من الفضائح والهزائم والنكسات.

النتائج أظهرت مدى صلابة القاعدة الشعبية لبولسونارو

في غضون ذلك، سجّلت النتائج أيضاً مفارقة بالنسبة إلى بولسونارو، الذي نجح في إيصال الكثير من المرشحين الذين دعمهم إلى مجلس الشيوخ وكنواب فيدراليين أو حكّام ولايات، والذين منهم من يجددون ولاياتهم، من دون تمكنه هو من تصدر السباق.

لولا يتقدم على بولسونارو بالدورة الأولى

وتصدّر الرئيس اليساري الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في البرازيل التي جرت الأحد، متقدماً على الرئيس اليميني المتطرف المنتهية ولايته جايير بولسونارو، لكن تقدمه جاء أقلّ مما توقعته استطلاعات الرأي، ما يحتم إجراء دورة ثانية في 30 أكتوبر. وأعلنت المحكمة الانتخابية العليا النتائج، أمس، بعد فرز 97,3 في المائة من الأصوات، في الدورة الأولى التي شهدت مشاركة كثيفة للبرازيليين. وهنّأ رئيس المحكمة العليا ألكسندر موراييس البلاد على إجرائها "انتخابات آمنة، وهادئة، ومتجانسة، وسلمية".

وظلّ بولسونارو، قبل الدورة الأولى وبعدها، يشكّك بالنظام الانتخابي، والاقتراع الإلكتروني، متحدثاً عن ضرورة حصول "انتخابات نظيفة"، ومهدداً بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات إذا لم تأت لصالحه. في المقابل، يحذّر حزب العمّال، ومعه سياسيون من أحزاب أخرى، من مستوى الكراهية التي تسود اليوم في البرازيل، نتيجة الخطاب التحريضي لبولسونارو، وحجم التراجع على مستوى الاقتصاد والبيئة والسياسة الخارجية، الذي أصيبت به البرازيل في عهده.

وكان آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "داتالوفها"، يوم السبت الماضي، قد توقّع فوز لولا بحصوله على 50 في المائة من الأصوات مقابل 36 في المائة لبولسونارو، لكن الفارق الذي تقلّص كثيراً مع صدور النتائج، كشف عن صلابة قاعدة الرئيس الحالي، أو "جيشه" الانتخابي كما يسمّيه، بعدما دعا مراراً إلى عدم الركون إلى الاستطلاعات، أو سوء تقدير قوته الشعبية، المرتكزة على المحافظين في الجنوب والعسكر.

ويتيح تنظيم دورة ثانية لبولسونارو تعبئة مؤيديه والتقاط أنفاسه، فيما يضع الوقت المتبقي لولا أمام تحدي تعديل خطابه، ورسم وتوسيع تحالفاته، لا سيما مع المرشحين من السباق بعد الدورة الأولى، ومواصلة تفنيد ما يصفه بأكاذيب الرئيس اليميني المتطرف.

8 ملايين شخص يقرّرون اسم الرئيس المقبل

وتنافس 11 مرشحاً في الانتخابات الرئاسية البرازيلية في دورتها الأولى، وحصل المرشحون التسعة الباقون على نسبة مئوية اقتطعت من حصّة المرشحين المتصدرين. وحلّت سيمون تيبيت (الحركة الديمقراطية البرازيلية) في المركز الثالث بحصولها على 4.2 في المائة من الأصوات، فيما جاء سيرو غوميز (حزب العمال الديمقراطي) رابعاً (3 في المائة)، وقال غوميز إنه سيؤجل إعلان اسم المرشح الذي سيجيّر له أصواته في الدورة الثانية.

وقالت برونا سانتوس، من "برازيل إنستيتوت"، إن "ناخبي سيمون تيبيت وسيرو غوميز، البالغ عددهم نحو ثمانية ملايين شخص، سيقررون من سيكون الرئيس المقبل".

وتعليقاً على نتائج الدورة الأولى، رأى أريلتون فريريس، مدير معهد "أوبينيا" ومقرّه مدينة كوريتيبا، في حديث لوكالة "أسوشييتد برس"، أن النتائج تشكّل "هزيمة للوسط الديمقراطي، الذي يرى ناخبيه يهاجرون إلى معسكر بولسونارو، في سيناريو محموم بالاستقطاب".

وبحسب رافاييل كورتيز، المراقب في شركة "تنداسياس كونسولتوري" للاستشارات، في حديثه لـ"أسوشييتد برس"، فإن بولسونارو قد تمكن من اكتساح جميع مناطق الجنوب الشرقي من البرازيل، التي تضمّ القاعدة الصلبة للمحافظين، بما فيها ولايات ساو باولو وريو دي جانيرو وميناس جيراييس ذات الكثافة السكّانية العالية. ورأى كورتيز أن الاستطلاعات لم تتمكن من رصد النمو السكاني في هذه المناطق، ولا نمو قاعدة المحافظين.

أريلتون فريريس: النتائج تشكّل هزيمة للوسط الديمقراطي، الذي يرى ناخبيه يهاجرون إلى معسكر بولسونارو

وكان بولسونارو يشير دائماً في مهرجاناته إلى الحشود الغفيرة التي كانت تسجلّها، مؤكداً عدم ثقته في استطلاعات الرأي. وقال الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته، الذي شهدت البلاد في عهده تأجيجاً للخطاب التحريضي، واختبارات "ديمقراطية" شكّلت تهديداً للمؤسسات الدستورية، بالإضافة إلى أسوأ موجة صحية تعرضت لها مع انتشار كورونا، بعد صدور النتائج: "أعرف أن هناك حاجة للتغيير، لكن بعض التغيير قد يكون للأسوأ"، مهولاً من إمكانية وصول اليسار إلى الحكم.

من جهته، أكد لولا أنه متحمس لأسابيع إضافية من الحملات الانتخابية، وفرصة مواجهة بولسونارو في مناظرة وجهاً لوجه، و"إجراء مقارنات بين البرازيل التي بناها والبرازيل التي بنيناها خلال عهدنا".

وأعرب نارا بافاو، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الفدرالية في مدينة برنامبوكو، عن اعتقاده بأن ما حصل "هو أن الناس بدّلت اختياراتها بشكل استراتيجي عشية الانتخابات، وفضلّت بولسونارو".

وامتد الارتياح في معسكر اليمين، أمس، إلى نتائج حكّام الولايات والمقاعد في الكونغرس، لا سيما بالنسبة للمرشحين الذين دعمهم بولسونارو. إذ بقي كلاوديو كاسترو، وهو وزيره السابق للبنى التحتية، حاكماً لريو دي جانيرو، فيما فاز سيرجيو مورو، القاضي الذي تمكن من سجن لولا حوالي سنتين بقضية فساد، ووزير العدل السابق المعيّن من قبل بولسونارو، من انتزاع مقعد في مجلس الشيوخ. علماً أن الحزب الليبرالي الذي ترشح بولسونارو باسمه سيتخطى حزب لولا، ليصبح أكبر حزب في الشيوخ. وسيصبح الحزبان أكبر حزبين في الغرفة السفلى بالكونغرس، النواب.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)

 

المساهمون