انتحال اسم فلسطين في ضيافة الأسد

21 أكتوبر 2022
وفد "حماس" والفصائل الفلسطينية في دمشق الأربعاء (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

الحديث عن "حميمية ودفء" لقاء وفد فصائلي فلسطيني مع رأس النظام السوري بشار الأسد، في الوقت الذي يدفع فيه الشعب الفلسطيني أثماناً دامية لعربدة الاحتلال الإسرائيلي ورعايته لجماعات الإرهاب الاستيطاني، بالتأكيد لا يُعبّر سوى عن الحشد المتأنق في ضيافة من دمّر المدن وقتل الشعب وهجره، ولم يوفر الفلسطينيين ومخيماتهم.

إذا كان البعض طيلة السنوات الماضية تردد في إخراج المكتوم من أسئلة الواقع المأساوي للفصائل الفلسطينية، وعن استخفاف المتسلطين بأهمية الشوارع العربية كعمق حقيقي لقضية فلسطين، فإن "المؤتمر الصحافي" بعد اللقاء كشف مرة أخرى بؤس الخيارات.

عودة حركة "حماس" إلى حضن دمشق (بمعية تنظيمات تحولت إلى أوراق في جيب النظام) استدعت من دون لعثمة التبرؤ من التصرفات الفردية (مواقف تأييد الثورة السورية)، أي عملياً الاعتذار وقبول الاتهامات التي وجهت إلى "حماس" عن مشاركتها في ما يسمى "المؤامرة على سورية".

بين كل جملة وأخرى، أمعن هؤلاء، كما العادة، في حشر اسم فلسطين، بسياق تمجيد مبتذل لمستبد لا يستطيع تأمين رغيف خبز وماء وحياة كريمة لشعبه.

والرسالة الحمساوية المباشرة، ومن رافقها إلى "بيت الطاعة"، تقول: نحن نعتذر من "سيادتكم" على تأييدنا السابق لحرية وكرامة الإنسان العربي.

ولعل وصلات الردح بحق حركة "حماس" على قنوات نظام دمشق، حتى أيام قليلة قبل "اللقاء الدافئ"، كاستمرار لخطاب عنجهية "أشباه الرجال"، تشفع لبعض العاتبين والمنتقدين من السوريين والفلسطينيين في أسئلتهم الكثيرة: إذا كانت الدولة الصهيونية شكّلت رأس حربة المؤامرة والحرب على سورية، فمتى سمعوا اشتباكاً من طرف "الجيش الباسل" معها؟ أم أنهم يرون أن مجزرة "حفرة التضامن"، ودكّ المخيمات، كما المدن والقرى السورية، مجرد "أكاذيب"؟ 

وإذا كانت المواقف تقاس، فهل سنسمع قريباً من "الثوريين"، أن كل ما جرى منذ شتاء 2010، من تونس إلى مصر وليبيا واليمن، يستحق أيضاً "الاعتذار"، مثلاً على سقوط حسني مبارك في القاهرة، بعد فرحهم تحت عنوان "سقط نظام كامب ديفيد"، في 2011؟

في الحقيقة، فلسطين التي تعيش لثمانية عقود كل أنواع العذابات والاضطهاد، لا تشبه الظهور الموسمي لفصائل البيانات والمكاتب، بل تشبه الشاب عدي التميمي، الذي لم يتجرأ نظام دمشق على السماح منذ 1974 لمن في سنّه بإطلاق رصاصة واحدة صوب المحتلين، من جهة الجولان والقنيطرة "المحررة".

وببساطة شديدة، الناس باتت تشعر بغثيان متراكم من انتحال اسم فلسطين لتمجيد وشرعنة المستبدين وتوابعهم.