اليمن: عام للنسيان

07 ديسمبر 2021
بات المواطن اليمني فريسة لتوليفة من الأزمات (فرانس برس)
+ الخط -

عام 2021 طحن اليمنيين وسحق كلّ ملامح حياتهم، كما لم يفعل عام قبله. حتى أنّ 2020، الذي جلب للعالم فيروس كورونا، وقضّ مضاجع دول عظمى وأنهك إمبراطوريات مالية، كان رؤوفاً باليمن، ولم يشكّل تهديداً وجودياً لحياتهم البائسة كما فعل خلفه.

لم يحمل 2021 لليمنيين أي ذكرى طيبة يمكن أن تحتفظ بها الذاكرة ربما، وإذا ما تم توجيه سؤال لكافة السكان من دون استثناء، عن أبرز الإنجازات التي حققوها خلال هذا العام الموحش، سيكون الإنجاز الوحيد والبطولي هو: البقاء على قيد الحياة.
على مدار الأشهر الماضية، كان المواطن اليمني فريسة لتوليفة سامة من الأزمات. استعرت الحرب العسكرية، وانهار الاقتصاد بشكل مريع، فيما كانت السلطات الحاكمة وأطراف النزاع تتعامى عن القيام بدورها وتترك الشعب يواجه مصيره بنفسه.

هذا العام، بلغ التوحش الحوثي ذروته في سبيل الظفر بمدينة مأرب. طوّرت جماعة الحوثيين سلوكها الإجرامي تماماً كما فعل فيروس كورونا، ولم تعد طلقات الرصاص أو قذائف الهاون أدوات منفردة للجريمة، بل صواريخ بالستية يتم إطلاقها بشكل جماعي كما حصل في هجوم الأحد الماضي.

خلال الأشهر الماضية، كان أكثر من 120 ألف نسمة من أهالي مأرب على موعد مع رحلات شتات قاسية. شرّدت المليشيا سكان مديريات جنوب مأرب بشكل متكرر حتى ضاقت عليهم الأرض إثر موجات نزوح متلاحقة. ما إن يلتقط الأهالي أنفاسهم، ويرتضون بمخيمات مهترئة في صحارى قاحلة كوطن بديل، حتى تلاحقهم النيران وتجبرهم على النزوح مجدداً والبحث عن ملاذ آمن.

وبما أنّ مدينة مأرب ما زالت في خطر حقيقي مع اقتراب المعارك منها، لم يكن أمام المئات من الأسر سوى الفرار نحو صحارى العبر ومديريات القطن في حضرموت، كما تحدثت تقارير حقوقية.

كان عام الفقد بامتياز. فقد الريال قيمته وفقدت الأسر لقمة العيش، وفقد المسؤولون حاسة النطق بشكل متعمد، تماماً كما فقدت الدولة وظيفتها الأساسية منذ بداية الحرب حتى دخلت في غيبوبة طويلة الأمد.

استقبل اليمنيون 2021 والعملة الوطنية تترنح بعض الشيء عند 650 أمام الدولار الواحد، ولا أحد يعرف كيف ستكون النهايات المشؤومة بعد أن كسر الدولار حاجز 1700 ريال مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي، وماذا ستضم وجبات الأسر المعدومة مستقبلاً بعد أن بلغ سعر رغيف الخبز 75 ريالاً قابلة للزيادة، بعد أن كان بـ10 ريالات قبل الحرب.

أبسط أساسيات الحياة أصبحت بعيدة المنال، ولا يُعرف ما سيكون مصير ملايين الأطفال الذين باتوا يعانون من معدلات تقزّم هي الأعلى على مستوى العالم حسب منظمة اليونيسف، وإلى أي قاع سينزلق اليمن أكثر من القاع الذي يعيشه حالياً، في ظل سياسة التجويع الممنهجة التي يتّبعها أمراء الحرب.

مستقبل قاتم ينتظر اليمن أكثر مما جلبه 2021. صراع يحتدم وأطراف تنشب مخالبها على جثة نافقة، ولا تجد حرجاً في المقامرة بحياة الملايين من أجل تحقيق انتصارات سياسية.

وبين هذا وذاك، مواطن يغلي من الداخل وليس بمقدوره ترجمة الغضب على أرض الواقع أو القيام بثورة جياع ضد حكومة كسيحة ومثيرة للشفقة. لا تحفظ من أبجديات عملها سوى الجوار وتسوّل منح عاجلة من دون أن تقوم بأي مهمة منوطة بها سواء بشكل عاجل أو بالخطوة البطيئة.

المساهمون