الوضع الأمني في بنغازي يضع حكومة الدبيبة أمام أول امتحان

16 مارس 2021
تردّي الوضع الأمني في بنغازي (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الملف الأمني برز سريعاً إلى سطح التحديات التي تواجه السلطة التنفيذية الليبية الجديدة والفريق الحكومي، وتحديداً ما يتعلق بالفوضى الأمنية التي تعيشها مدينة بنغازي، وذلك في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لاستلام مهامها، اليوم الثلاثاء.

ووصل رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، اليوم الثلاثاء، إلى مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة طرابلس لاستلام السلطة بشكل رسمي. واستقبل رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج المنفي والدبيبة وبدأ مراسم تسليم السلطة.

وتأتي هذه المراسم في وقت أكدت فيه مصادر محلية من بنغازي إقدام مليشيات تابعة لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على غلق الطريق المؤدي إلى سلوق، الضاحية الغربية لبنغازي، لمنع انعقاد اجتماع قبلي موسع لقبائل شرق ليبيا. 

وهو ما أكده أيضاً الشيخ صالح البرغثي، أحد أعيان قبيلة البراغثة، موضحاً أن مشاورات تجرى في الوقت الحالي لتغيير مكان انعقاد الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده اليوم في سلوق. 

وعن سبب الاجتماع، قال البرغثي، لـ"العربي الجديد"، إن هدف الاجتماع إعلان تأييد القبائل لحكومة الوحدة الوطنية التي أدّت اليمين الدستورية أمام مجلس النواب في طبرق، وضرورة التحقيق في الانتهاكات التي طاولت مدينة بنغازي وأبناءها.

الدبيبة أمام تحدٍ
ويرى الناشط السياسي من بنغازي عقيلة الأطرش أن الدبيبة أمام تحدٍّ كبير بشأن الملف الأمني في بنغازي، خصوصاً أنه أكد في مناسبات سابقة أنه سيزور المدينة، متسائلاً: "كيف سيتجاوب الدبيبة مع الاحتقان الكبير في بنغازي ورغبة حفتر ومسلحيه في البقاء". 

ويرى أن زيارة خالد المشري إلى طبرق، يوم أمس، للمشاركة في جلسة مجلس النواب "قد تكون كسرت حاجز الخوف في الشرق الليبي وبينت أن حفتر لا يسيطر على الكثير من أجزاء الشرق الليبي، علاوة على المشهد الأمني في بنغازي الذي لم يعد يخفى على أحد". واعتبر أن الاجتماع القبلي المرتقب دلالة كبيرة على تغير المشهد في شرق البلاد ورغبة من المكونات القبلية في عدم بقاء حفتر. 
وبينما يرى الأطرش أن تراجع القبضة الأمنية لحفتر قد يساعد في حلحلة الملف العسكري القائم، إلا أنه يرى في المقابل أن "استمرار وجود حفتر في المشهد سيشكل عامل قلق واستمراراً للفوضى في بنغازي على الأقل، والحل لن يكون إلا بإزاحته، وهو ما سيكلف الدبيبة والسلطة الجديدة الكثير". 

 

فتح تحقيق في انتهاكات بنغازي
من جانبها دعت مكوّنات قبلية وسياسية وحقوقية، من شرق ليبيا، إلى فتح "تحقيق في كل الأعمال الإرهابية التي هزت بنغازي بصفة خاصة وبرقة بصفة عامة، وذكر بيان مشترك صادر عن مكونات برقة الاجتماعية والسياسية، مساء أمس، أن بنغازي شهدت جرائم عدة، منها "اختطاف النائبة سهام سرقيوة والناشط الحقوقي أحمد الكوافي وتفجير الشهيدين ابريك اللواطي ومحمود موسى العبروقي واغتيال الناشطة حنان البرعص". 

وأضاف البيان أن "مجموعات مسلحة أيضاً تهجمت على النساء الآمنات في بيوتهن ببنغازي"، واصفاً تلك الهجمات بـ"العار والكارثة"، وداعياً إلى ضرورة الكشف عن جميع السجون السرية في برقة ومعرفة مصير كل المختطفين ومعاقبة من قاموا بالخطف "أو أمروا به"، كذلك طالبوا بضرورة "إخراج الكتائب والتشكيلات المسلحة من بنغازي وتسلّم وزارة الداخلية تأمين المدينة".

كذلك، شدد البيان على ضرورة إجراء مصالحة وطنية "ودعم عودة المهجرين في الداخل والخارج وإطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت عليهم أي إدانة". 


 

حفتر يتلافى مطالب القبائل
وفي محاولة لتلافي توسع مطالب القبائل، أعلنت قيادة حفتر  في بيان لها أمس الاثنين، عقد لقاء، أخيراً، بوفد من "أعيان ومشايخ وحكماء مختلف تركيبات قبيلة العواقير"، وناقش اللقاء "سير الأمور المعيشية في مدينة بنغازي وضواحيها، وعلى رأسها المواضيع الأمنية".

ونقلت القيادة عن حفتر تعهّده بتدخل قواته "لضبط الأمن، وسيتم الضرب بيدٍ من حديد كل مَن تسوّل له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن".

وأضافت أن حفتر أصدر "تعليماته المباشرة بشأن تعزيز ضبط الأمن ومنع المظاهر كافة التي تساعد على الخروقات الأمنية كسير المركبات دون لوحات معدنية، وكذلك بالزجاج المعتم، وألا تتم أي عملية اعتقال إلا من طريق الجهات القضائية المخولة بذلك، وأن يكون الاحتجاز داخل سجون الدولة المختصة عسكرية أو مدنية".

لكن الشيخ صالح البرغثي، أحد أعيان قبيلة البراغثة، أكد أن زعماء قبليين يسعون إلى توسيع دائرة المشاركة في بيان مرتقب للمطالب بفتح تحقيق موسع في أسباب الفوضى الأمنية التي تعيشها بنغازي. 

الفريق الحكومي يصل إلى طرابلس

من جهة أخرى وصل قادة السلطة التنفيذية الليبية الجديدة والفريق الحكومي، ليل أمس الاثنين، إلى العاصمة طرابلس، استعداداً لمباشرة مهامهم، إذ اقتصرت جلسة مجلس النواب، أمس، على مراسم أداء اليمين الدستورية للحكومة، من دون أن تناقش البند المتعلق بتضمين خريطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي.
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب في طبرق، عبد الله بليحق، إن رئاسة المجلس كلّفت اللجنة الدستورية إعداد مقترح لتضمين خريطة الطريق. غير أنه لفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن اللجنة الدستورية لا تزال تنتظر المجلس ليحدد جلسة خاصة بالأمر. 

واستدرك قائلاً إن المجلس سيخصص قبل ذلك جلسة لمناقشة اعتماد ميزانية موحدة للبلاد حتى تتمكن الحكومة من مباشرة مهامها، موضحاً أنه استحقاق عاجل. 

وفي مؤشر على رغبة الحكومة الجديدة في البدء بحسم ملفات عدة شائكة، تمهيداً لمباشرة أعمالها، أصدر الدبيبة قرارات تتّصل بملفات الفساد، منها حل اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا، وتجميد حسابات المؤسسات والهيئات الحكومية.
كذلك ناقش الديبية خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، مساء أمس الاثنين، بمدينة سرت، "مسألة إخراج القوات الأجنبية ودعم اللجنة بكل ما يلزم لدعم مسار توحيد الجيش الليبي". 

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، فإن "اجتماع الدبيبة مع لجنة 5 + 5 بحث الاحتياجات اللازمة لعمل اللجنة"، وكذلك "تطورات عملية فتح الطريق الساحلي وخطة التأمين بعد فتح الطريق". 

وأرجأت لجنة 5 + 5 إعلان نتائج اجتماعها، أمس، الذي شارك فيه الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، على أن تعلن اللجنة اليوم الثلاثاء في بيان خاص مجريات الاجتماع الذي انتهى، أمس.

ترحيب دولي
وفور أداء الحكومة الجديدة، أمس الاثنين، اليمين الدستورية، بمشاركة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، وعدد من سفراء الدول والبعثات الدبلوماسية، سارعت سفارات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والدنمارك وبريطانيا إلى الترحيب بالخطوة. 

وعبّر السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن ارتياحه لأداء حكومة الوحدة الوطنية اليمين وتولي مهام عملها رسمياً.

وقال، في تغريدة على "تويتر"، إن الحكومة الجديدة "ستوفر فرصة تاريخية لليبيا لاستعادة سيادتها من التدخل الأجنبي وتأمين الطريق نحو الاستقرار والديمقراطية". 

وأكد دعم بلاده للحكومة في تلبية الاحتياجات الملحة للسكان والتحضير للانتخابات الوطنية في ديسمبر/ كانون الأول المقبل. 

بدوره، اعتبر السفير البريطاني في ليبيا، نيكولاس هوبتون، أداء الحكومة اليمين الدستورية "خطوة مهمة على طريق توحيد المؤسسات الليبية"، معرباً عن تطلع بلاده إلى العمل مع الحكومة لتحقيق الاستقرار والسلام في ليبيا.

أما السفارة الكندية في ليبيا، فدعت الحكومة الجديدة إلى "اتخاذ إجراءات سريعة للتحضير للانتخابات واستعادة الخدمات الأساسية وبدء المصالحة الوطنية".

من جهتها، هنّأت السفيرة الفرنسية في ليبيا، بياتريس دو هيلين، الدبيبة بتولي مهامه وحكومته، مؤكدة استعداد بلادها لدعم الحكومة الجديدة. أما السفيرة الدنماركية في ليبيا، جولي بروزان يورجنسن، فقد أعربت عن أملها في أن تحقق الحكومة الجديدة المصالحة والسلام.
وقالت، في تغريدة على "تويتر": "هذا يوم تاريخي بعد أداء اليمين للحكومة الجديدة في ليبيا". 

المساهمون