التقى الوسيط الأميركي الجديد في عملية التفاوض غير المباشر بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة آموس هوكستاين، اليوم الأربعاء، بعدد من المسؤولين اللبنانيين الكبار وبحث معهم ملفي الطاقة وترسيم الحدود.
والتقى هوكستاين، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري.
واستقبل عون، قبل ظهر اليوم، هوكستاين، الذي يعد أيضًا كبير مستشاري وزارة الخارجية الأميركية لأمن الطاقة، بحضور السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وعرض معه مسار عملية التفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الاسرائيلي والتوجهات المقبلة في هذا الملف، بحسب ما أفاد بيان الرئاسة اللبنانية.
الرئيس عون استقبل الوسيط الأميركي الجديد في عملية التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية السفير اموس هوكشتاين وعرض معه مستقبل عملية التفاوض pic.twitter.com/kvsapSwwUg
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 20, 2021
وقال المستشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، لـ"العربي الجديد"، إن "الجانبين بحثا مسار المفاوضات والتوجهات في المرحلة المقبلة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية"، مشيرًا إلى أن الرئيس عون أكد على ضرورة استئناف التفاوض غير المباشر وتعويله على دور الوسيط الأميركي الذي أكد أنه سيبذل جهده ويواصل اتصالاته بغية تكوين المعطيات الكاملة.
وعلى صعيد التغييرات التي ستطرأ على الوفد اللبناني المفاوض بعد إحالة رئيسه العميد الركن الطيار بسام ياسين إلى التقاعد، أكد شلالا أن "لا شيء رسميا بعد بخصوص هذا الموضوع".
من جهته، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أن لبنان أمام فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات في الناقورة (جنوب لبنان)، مع المساعي الأميركية الجديدة التي تبذل في هذا الإطار.
وبجسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان، فإن بري أكد خلال لقائه الوسط الأميركي أهمية استثناء لبنان من ضوابط "قانون قيصر" في موضوعي استجرار الغاز المصري والكهرباء من الأردن، مشيراً إلى أن هوكستاين عكس للرئيس بري أجواء تفاؤلية بالتقدم إيجاباً حول هذين العنوانين، كما جرى التأكيد على اتفاق الإطار الذي أعلن في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وفي سياق آخر، وقع بري، اليوم، القانون الرامي إلى تعديل قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب وأحاله إلى رئاسة مجلس الوزراء مع التأكيد على ضرورة استعجال إصداره، كما دعا إلى عقد اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب يوم الإثنين المقبل تمهيداً لعقد جلسة تشريعية.
وعلم "العربي الجديد" من مصدر عسكري مطلع على الملف، أن "الوفد اللبناني المفاوض دخل في إجازة منذ فترة"، مشيرًا إلى أن "الملف وعلى الرغم من أهميته والمكاسب الاقتصادية للبنان منه، إلا أنه ليس على رأس أولوية الاهتمامات عند المسؤولين السياسيين، وهو ما ينعكس سلباً على البلاد، ولا سيما أن العدو لا يضيع وقتاً أو فرصة لاستغلال الوضع المتوتر على الساحة اللبنانية الداخلية والصراعات المستمرة والمتجددة بينما هو يعتدي على حقوق لبنان النفطية وعلى مرأى من الجميع".
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد منح أخيرًا شركة "هاليبرتون" الأميركية عقداً للتنقيب عن النفط في منطقة تقع على الحدود البحرية المتنازع عليها، ما دفع لبنان إلى الطلب من مجلس الأمن "التأكد من أن أعمال تقييم التنقيب لا تقع في منطقة متنازع عليها بين لبنان والاحتلال، بغية تجنب أي اعتداء على حقوق وسيادة لبنان، إضافة إلى منع أي أعمال تنقيب مستقبلية في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين".
المسّ بالوفد اللبناني العسكري أو تغيير أعضائه سيكون بمثابة ضربة قوية ترتد سلباً على موقف لبنان في المفاوضات
ويقول الخبير في شؤون الطاقة الدولية رودي بارودي، لـ"العربي الجديد"، إن "أي بحث عبر الوسيط الأميركي في أي فكرة اقتصادية أو تجارية غير وارد قبل ترسيم الحدود بشكل محترف ورسمي، لكن في المقابل، يمكن الاتفاق مع شركة خاصة مستقلة لتنفيذ أعمال التنقيب في حال التثبت من وجود نفط أو غاز، وذلك كما حصل في حقل الخفجي المشترك بين الكويت والسعودية، على أن يأخذ كل طرف حصّته".
ويرى بارودي أنه "من المبكر الحديث عن أي خطوة طالما أن ترسيم الحدود البحرية لم ينجز"، مشيراً إلى أن "هناك حقوقا للبنان يجب أن يحصل عليها"، مؤكدًا أن "المطلوب اليوم تأمين الدعم الكامل للجيش اللبناني عند استئناف المفاوضات التي يجب أن تحكمها فقط الاتفاقيات الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي تصبّ في صالح لبنان وتعطيه حقه الكامل والعادل".
ويؤكد بارودي أن "الاجتهادات الدولية تعطي لبنان حقه، خصوصاً أن القرارات لا تقيم وزناً للجزر الصغيرة، ولا تعتبر قادرة على دفع أو إزاحة أي خط بحري واحد مقابل الخط الآخر، وبالتالي فإن الصخور والجزر الصغيرة لا تؤخذ بعين الاعتبار عند ترسيم الحدود، وهو ما يعطي لبنان مساحة هي من حقه ومعترف بها دولياً".
ويلفت الخبير الدولي إلى أن "لبنان عام 2010 اعتمد من أجل البدء بالترسيم 61 متراً في البحر بدءاً من رأس الناقورة جنوباً، أما العدو الإسرائيلي فقد اعتمد في العام الذي يليه 37 متراً في البحر"، مشيرًا إلى أن الطرفين "أخطآ في البدء بالترسيم من خط بحري (أوف شور)، وعليهما اعتماد خط الناقورة البري الفاصل، وبالتالي فإن الطرفين مجبران على ترسيم الحدود وتحديد خطوط جديدة"، فيما أكد أن "الموقف الأميركي لا يمكنه إلا اقتراح خط عادل ومنصف وتبعاً لقانون الأمم المتحدة للبحار، إذ لا يمكنه الالتفاف حوله".
ويرى بارودي أن "موقف لبنان قوي بحقوقه التي تحفظها له القوانين والاتفاقيات الدولية، بيد أنه ضعيف على مستوى الداخل نتيجة الصراع والمناكفات السياسية التي تحرم اللبنانيين من فرص كثيرة وثروات هي حق لهم، وهو ما حرمهم سابقاً من خط الغاز العربي الذي كان من شأنه أن يحلّ أزمة الكهرباء".
ويشير إلى أن "المسّ بالوفد اللبناني العسكري أو تغيير أعضائه سيكون بمثابة ضربة قوية ترتد سلباً على موقف لبنان في المفاوضات وتلحق به خسائر جمّة بالنظر إلى أهمية ترسيم الحدود اقتصادياً".
وما زال الرئيس اللبناني يرفض منذ إبريل/نيسان الماضي التوقيع على تعديل المرسوم الذي يصحح حدود لبنان البحرية ومن شأنه أن يعطي البلاد الحق بالتفاوض على نسبة من حقوقه من حقل كاريش الذي يستثمره الاحتلال الإسرائيلي.