سعت الحكومة الهندية، اليوم الإثنين، لتهدئة الغضب في الداخل والخارج، بعدما أدلى مسؤولان في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بتصريحات مسيئة للنبي محمد، بينما اعتقلت السلطات 38 شخصاً في أعمال شغب نشبت بسبب التصريحات في مدينة شمالي البلاد، فيما يجرى التخطيط لتنظيم احتجاج في وقت لاحق في مومباي.
وجاءت الاعتقالات في مدينة كانبور في إطار محاولات لاحتواء توتر ديني يتصاعد بين الحين والآخر في البلاد، وأججه إدلاء مسؤولين في الحزب الحاكم بتصريحات تسببت في غضب واسع النطاق بين المسلمين في الهند وفي الخارج.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الهندية إن بعض أبرز المسؤولين في الهند شاركوا في إدارة الأزمة الدبلوماسية التي نشبت مع دول مثل قطر والسعودية وعمان والإمارات وإيران، التي طالبت الحكومة باعتذار لسماحها بصدور مثل تلك التصريحات.
وخلال مطلع الأسبوع، جرى استدعاء الدبلوماسيين الهنود في دول الخليج والدول الإسلامية المجاورة، للاحتجاج على تصريحات مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا.
وأكدت وزارة الخارجية الهندية، في بيان، أن التغريدات والتصريحات المسيئة لا تعكس بأي حال وجهة نظر الحكومة. وقال أريندام باجتشي، وهو متحدث باسم الحكومة: " اتُخِذ إجراء قوي بالفعل بحق الفردين من المؤسسات المعنية... من المؤسف أن أمانة منظمة التعاون الإسلامي اختارت مرة أخرى إصدار تصريحات مضللة".
وأوقف الحزب متحدثه عن العمل، وفصل مسؤولاً آخر أمس الأحد، بسبب إيذائهما مشاعر أقلية دينية في البلاد.
استنكار عربي وإسلامي
قدّمت خمس دول عربية على الأقل احتجاجات رسمية إلى الهند، كما ردّت باكستان وأفغانستان بقوة، اليوم الإثنين، على التعليقات التي أدلى بها متحدثان بارزان باسم حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وأمس، أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها واستنكارها الشديدين لإساءة مسؤول في الحزب الحاكم بالهند إلى النبي محمد والمسلمين. ودعت "المجتمع الدولي، لا سيما آليات الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للممارسات التي تستهدف المسلمين في الهند".
وفي السياق، اتهم متحدث الخارجية الهندية إسلام أباد بـ"الانخراط في دعاية مقلقة ومحاولة إثارة التنافر الطائفي في الهند"، على خلفية إدانتها إدلاء مسؤول بالحزب الحاكم في الهند بتصريحات مسيئة للنبي محمد.
وكان رئيس وزراء باكستان شهباز شريف أعرب، صباح اليوم، عن انزعاجه من "تصاعد العنف الطائفي والكراهية ضد المسلمين في الهند". وقال إن الهند بقيادة رئيس وزرائها ناريندا مودي "تقوم مرارا وتكرارا بانتهاك الحريات الدينية وتضطهد المسلمين"، مطالبا العالم "بالانتباه لما تفعله الهند وتوبيخها".
واستدعت كل من الكويت وقطر وإيران السفير الهندي لديها، للاحتجاج على التصريحات التي أدلى بها مسؤول وحدة الإعلام في حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم في دلهي، نافين كومار جيندال، على تويتر، وأساء خلالها للنبي محمد.
وطالبت حركة طالبان في أفغانستان، الإثنين، الحكومة الهندية باتخاذ إجراءات بحق المتعصبين ضد الدين الإسلامي.
جاء ذلك في تصريحات لمتحدث طالبان ذبيح الله مجاهد، أدان خلالها التصريحات المسيئة للنبي، وقال مجاهد على تويتر: "ندين بشدة استخدام أحد مسؤولي الحزب الحاكم في الهند كلمات مهينة لنبي الإسلام".
The Islamic Emirate of Afghanistan strongly condemns the use of derogatory words against the Prophet of Islam (Peace be upon him)by an official of the ruling party in India. 1/2
— Zabihullah (..ذبـــــیح الله م ) (@Zabehulah_M33) June 6, 2022
وأضاف: "نحث الحكومة الهندية على عدم السماح لمثل هؤلاء المتعصبين بإهانة الدين الإسلامي المقدس وإثارة مشاعر المسلمين".
We urge the Indian government not to allow such fanatics to insult the holy religion of Islam and provoke the feelings of Muslims.2/2
— Zabihullah (..ذبـــــیح الله م ) (@Zabehulah_M33) June 6, 2022
وتصاعدت حدة الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت دعوات لمقاطعة البضائع الهندية في بعض الدول العربية.
وطالبت حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الاسلامية والمعارضة في الجزائر، وزارة الخارجية باستدعاء السفير الهندي، واتخاذ موقف بشأن التصريحات المسيئة للنبي من طرف المتحدِّث باسم الحزب الحاكم في الهند، وتقديم احتجاج رسمي على هذه التوجهات والممارسات المسيئة لمشاعر جميع المسلمين في العالم".
عنف ضد المسلمين
وتأتي التصريحات المثيرة للجدل عقب أعمال العنف المتزايدة التي استهدفت الأقلية المسلمة في الهند على يد قوميين هندوس، شجعهم صمت مودي المنتظم عن مثل هذه الهجمات منذ انتخابه لأول مرة عام 2014.
وعلى مدار سنوات، كان المسلمون الهنود مستهدفين في كل مظاهر حياتهم تقريباً، من طعامهم وملابسهم إلى الزيجات بين الأديان.
وحذرت منظمات حقوقية، مثل "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، من أن الهجمات قد تتصاعد. كما اتهمت هذه المنظمات حزب مودي الحاكم بالتجاهل، وفي بعض الأحيان بتمكين خطاب الكراهية ضد المسلمين، الذين يشكلون 14 بالمائة من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، لكنهم ما زالوا كثيرين بما يكفي ليكونوا ثاني أكبر عدد من المسلمين في أي دولة.
وينفي حزب مودي هذه الاتهامات، لكن مسلمي الهند يقولون إن الهجمات ضدهم وضد عقيدتهم أصبحت "بلا هوادة".
ويتزايد الغضب منذ الأسبوع الماضي، بعدما أدلى المتحدثان نوبور شارما ونافين جندال بتصريحات اعتبرت إهانة للنبي محمد. ولم يتخذ حزب مودي أي إجراء ضدهما حتى يوم الأحد، عندما بدأت موجة من الغضب الدبلوماسي المفاجئ باستدعاء قطر والكويت سفيري الهند لديهما للاحتجاج.
(العربي الجديد، وكالات)