خرجت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، صباح أمس الإثنين، عن رصانتها المعهودة، متندرة على الإدارة الأميركية في عجزها عن تحديد مصير زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أبو بكر البغدادي. وتجلّى ذلك في مقال لأحد كتابها، إذ قال: "لم يعرف أحد (في الإدارة الأميركية) من أين جاء البغدادي بالضبط، ولم يعرف أحد لماذا اختير لقيادة الدولة الإسلامية، والآن، لا أحد يعرف هل هو حي أم ميت".
جاء هذا التهكم عقب غارات أميركية، قيل إنها استهدفت قادة ميدانيين لتنظيم "داعش" أثناء اجتماع سري كانوا يعقدونه، ولم تتمكن الإدارة الأميركية من معرفة نتائج تلك الغارات، التي تمّت خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ففي الوقت الذي أشارت فيه بعض المصادر إلى أن البغدادي مصاب، فإن مصادر أخرى تقول إن إصابته خطرة، في حين تمضي تقارير أخرى أبعد من ذلك قائلة إنه قُتل.
في المقابل، يقول الكاتب في "واشنطن بوست"، تيرينس ماكوي، ساخراً من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، "إن الأفظع من ذلك أن القادة الأميركيين لا يستطيعون أن يؤكدوا ما إذا كان البغدادي حاضراً في الاجتماع أثناء الغارات أم لا".
ويرى المحامي الأميركي والمحلل السياسي، ميكلوس رادفاني، الذي سبق أن عمل في البيت الأبيض مع رؤساء جمهوريين، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "الغموض في مصير خليفة (زعيم تنظيم القاعدة الراحل) أسامة بن لادن، يعكس الغموض القاتل لاستراتيجية إدارة أوباما الديمقراطية، في حرب قال أوباما إنه يشنها على مضض، ولا يريد أصلاً أن يخوضها".
ورداً على سؤال لـ "العربي الجديد" عن رؤيته لاستراتيجية أوباما في الحرب على "داعش"، وماذا يخطط الرئيس الأميركي بالنسبة للعراق سياسياً وعسكرياً، قال رادفاني: "خطط أوباما سابقاً وحالياً ومستقبلاً لم ولن تتغير، واستراتيجيته واحدة وهي الهروب".
وأضاف "لا أعتقد بأن لدى أوباما خطة أصلاً، لأن الخطط التي قدّمها له العسكريون المحترفون تطالبه بإجازة إرسال عددٍ كافٍ من الجنود لتحقيق انتصار على الأرض، ولكنه يعاند ويكابر ويعتقد أنه سيحقق انتصاراً عبر جهاز تحكّم عن بعد (ريموت كونترول)، وهذا ما لم يحدث في الماضي ولن يحدث في المستقبل".
وعلى النقيض مما يقوله الجمهوريون ومؤيدوهم، فإن أوباما ذاته سُئل في مقابلة أجراها معه الصحافي الأميركي بوب شيفر لمحطة "سي بي إس نيوز"، ماذا يعني قراره بمضاعفة حجم القوة الأميركية في العراق، بعد أن كان قد أعلن عند توجيه أوامره بشن غارات جوية قبل أشهر بأنه لن يرسل قوات برية إلى العراق، فكانت إجابة أوباما واضحة: "في الواقع، هذا يشير إلى مرحلة جديدة".
وتابع قائلاً: "في المرحلة الأولى تم تشكيل حكومة عراقية تشمل كل المكونات وتحظى بصدقية وبعد أن تحقق لنا ذلك، لم يعد هدفنا هو وقف تقدم قوات داعش أو زحفهم عن طريق الضربات الجوية، لقد دخلنا مرحلة جديدة تتطلب قوات برية تدفع بقوات داعش إلى الخلف". لكن أوباما استدرك سريعاً بالقول: "قوات برية عراقية تدفع بقوات داعش إلى الخلف".
وسأله المُحاور "هل سيشارك الجنود الأميركيون في المعارك؟"، أجاب أوباما متلعثماً: "لا... الشيء الذي لم يتغير في استراتيجيتنا هو أن قواتنا لن تشارك في القتال". وأضاف "ما نفعله هو أننا لدينا أربعة مراكز تدريب (في العراق) مع أعضاء من دول التحالف. الأمر الذي يتيح لنا الفرصة لجلب مجندين عراقيين، وبعض من القبائل السنّية التي لا تزال تناهض داعش، ومنحهم التدريب المناسب، المعدات المناسبة، ومساعدتهم في رسم الاستراتيجيات ومساعدتهم لوجيستياً وتوفير الغطاء الجوي لهم، وما لن نفعله هو أن يقاتل جنودنا نيابة عنهم".
ورداً على سؤال آخر عما إذا كان ينبغي على الأميركيين أن يتوقعوا إرسال المزيد من الجنود إلى العراق لتنفيذ هذه الخطط، بدا أوباما متناقضاً في إجابته، إذ قال: "أبداً لن أقول أبداً... إنني كقائد أعلى للقوات المسلّحة لا يجب أن أستبعد أي خيار، ولكني أستطيع أن أقول إن القادة العسكريين الذي طلبوا إرسال المزيد من الجنود تتضمن خططهم، الإشارة إلى أننا في الأشهر المقبلة قد نشهد تناقصاً في أعداد الجنود الأميركيين الذين سنحتاجهم هناك، إذ إننا الآن نرى أعضاء في التحالف قد بدأوا يشاركون معنا بجهد في التدريب وتقديم المساعدات الأخرى".
وعما حدث يوم الانتخابات النصفية، أجاب أوباما ضاحكاً: "لقد هُزمنا". وعلّق شيفر على ذلك، مشيرا إلى أن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، يُحمّل أوباما المسؤولية ويقول إن "شعبية الرئيس هبطت إلى أقل من 40 في المائة فماذا نفعل؟".
وأضاف المحاور إنه "بعد أن استمع إلى ما قاله الزعيم الديمقراطي الذي يفترض أنه صديق لأوباما، تذكّر مقولة شهيرة للرئيس الأميركي الراحل هاري ترومان مضمونها: إذا أردت صديقاً في واشنطن، فاحصل على كلب".
ورداً على ذلك قال أوباما "هناك مقولة شهيرة أخرى لهاري ترومان مضمونها: كلما تقاعس رئيس الحزب وأعضاؤه عن العمل فإن اللوم سيصل إلى عتبة باب مكتبي... لن يتحمل اللوم غيري".
وبعد ذلك رفض أوباما التعليق على رسالة قيل إنه وجهها إلى إيران من أجل التعاون ضد عدو مشترك هو "داعش"، مكرراً كذلك رفضه الربط بين المفاوضات مع إيران بشأن مشروعها النووي والحاجة إلى تجيير نفوذها في العراق وسورية لصالح التحالف الدولي ضد "داعش".