علمت "العربي الجديد" أن تحركات يقودها النائب في البرلمان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (حكومي)، محمد أنور عصمت السادات، داخل المجلس، لعقد جلسات استماع مع شخصيات سياسية ونشطاء ومعتقلين سابقين، من أجل إعداد قائمة جديدة بأسماء معتقلين سياسيين مرشحين للحصول على عفو رئاسي أو إخلاء سبيل بأي طريقة أخرى.
رسائل مصرية للغرب بشأن تطور بملف حقوق الإنسان
وقالت مصادر من داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان، لـ"العربي الجديد"، إن السادات اقترح فكرة تشكيل لجنة من أعضاء المجلس، تتكون من رئيسة المجلس مشيرة خطاب، والناشط السياسي جورج إسحاق، بالإضافة إلى السادات.
وأوضحت المصادر أن الاقتراح جاء بإيعاز من الأجهزة الأمنية السيادية من أجل إيصال رسالة إلى الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، مفادها وجود تطور بملف حقوق الإنسان في البلاد، وهو الملف الذي طالما وجهت الإدارة الأميركية انتقادات لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأنه.
وأضافت المصادر أن "إعادة الحديث عمّا يسمى بالانفراجة السياسية هدفها أيضاً التقليل من حالة الاحتقان الشعبي، بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها مصر، والتي أدت إلى غلاء المعيشة ومعاناة المواطنين، وقد استغل النظام الحرب الروسية على أوكرانيا للادعاء بأنها هي السبب في ذلك. هذا بالإضافة إلى الأولوية القصوى للنظام، وهي مغازلة واشنطن بملف حقوق الإنسان".
إعادة الحديث عن "الانفراجة السياسية" هدفها مخاطبة الغرب وكذلك التقليل من حالة الاحتقان الشعبي
وكانت مشيرة خطاب قد شاركت، في 15 مارس/ آذار الماضي، في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي وحقوق الإنسان بمجلس الشيوخ لعرض ما يسمى بـ"الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، ضمن وفد ضم نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان السفير محمود كارم ومحمد أنور السادات وإسماعيل عبد الرحمن وأنس جعفر، أعضاء المجلس، والسفير أحمد إسماعيل مستشار المجلس للشؤون الدولية.
وقد شارك أعضاء لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي في مجلس الشيوخ ولجان أخرى في الاجتماع.
وفي ما يتعلق بالانتقادات التي توجه إلى ملف حقوق الإنسان، قالت خطاب إنه "لا توجد دولة لا يتم توجيه انتقادات لها، ومصر ليست لديها ما تخشاه أو تخاف منه، ولسنا في خندق".
وتابعت "مصر هي التي قامت طواعية بإعلان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تمثل نقلة نوعية في البلاد، ورفعت سقف الطموحات، وما أعقبها من تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي بالغة الأهمية في مجال حقوق الإنسان، إلى جانب أن مصر تتعامل بشفافية مع هذا الأمر".
جلسة حول حرية الصحافة في مصر وقوائم بأسماء صحافيين معتقلين
وأعلنت لجنة "الحقوق المدنية والسياسية في المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الأربعاء الماضي، عقد جلسة لعدد من الصحف والمواقع الإخبارية والحزبية تحت عنوان "حرية الصحافة... حرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات"، وذلك ضمن خطة عمل اللجنة التي سبق لها أن عقدت لقاءً مع منظمات حقوقية وأحزاب سياسية.
وقال بيان للمجلس إن الجلسة "شهدت مناقشة عدد من الموضوعات الأساسية ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات، وطبيعة الأدوار المتوقع القيام بها على الصعيد العام، خاصة في سياق العمل على رفع هامش الحريات في البلاد وتعزيز الممارسات الديمقراطية المنشودة".
وعقدت الجلسة برئاسة النائب محمد أنور السادات، وبحضور رئيسة المجلس مشيرة خطاب وعدد من ممثلي الصحف الخاصة والحزبية والمواقع الصحافية المحجوبة، وأعضاء بمجلس نقابة الصحافيين، وصحافيين من المفرج عنهم أخيراً، بينهم إسراء عبد الفتاح.
وقال عضو مجلس نقابة الصحافيين هشام يونس، في تصريحات له، إن جلسة الاستماع تطرقت إلى قضايا الحريات الصحافية وحرية التعبير بشكل عام.
وأضاف أن الحاضرين تحدثوا عن ضرورة حل أزمة حجب المواقع الصحافية، وأكدوا أن عدداً من السياسات الحالية لا يليق بتاريخ مصر وإعلامها. كما طالبوا بتعديل القوانين المنظمة للمهنة، والتي لا تسمح بحرية إصدار الصحف والمواقع، وتضع عوائق مالية كبيرة في طريق ذلك.
وتابع يونس قائلا إنه "جرى الحديث أيضاً عن الصحافيين المحبوسين؛ سواء نقابيين أو غير نقابيين، وجرى تقديم قائمة بنحو 27 اسماً من هؤلاء بين صحافيين ومدونين ونشطاء".
تسليم قائمة بأسماء 330 من الصحافيين المحبوسين احتياطياً والمحكومين خلال جلسة حول حرية الصحافة
من جهتها، قالت إسراء عبد الفتاح إنهم "تحدثوا عن الحبس الاحتياطي وحجب المواقع الصحافية وشروط تقنيين أوضاع المواقع الإلكترونية"، مضيفة أنهم "سلموا قائمة بأسماء 330 من الصحافيين المحبوسين احتياطياً والمحكومين؛ نقابيين وغير نقابيين".
وأشارت عبد الفتاح إلى أنه "جرى على هامش اللقاء إعداد قائمة بالصحافيين المحبوسين وأماكن حبسهم، حتى يساعد المجلس القومي أعضاء النقابة على زيارتهم والاطلاع على أحوالهم داخل السجون".
أما الصحافية شيماء سامي التي شاركت أيضاً في الجلسة، فقالت على صفحتها بموقع "فيسبوك" إن الجلسة "شملت الحديث عن ثلاثة محاور رئيسية، وتعد الخطوة الأولى لعدد من الخطوات المقبلة لحلحلة المشاكل التي تواجه حرية الصحافة".
وأوضحت أن "قضية الحبس الاحتياطي للصحافيين كانت على رأس المحاور التي جرى بحثها، يليها حجب المواقع الصحافية والتضييق عليها. أما الملف الثالث، فتطرق إلى كل ما يخص التشريعات المتعلقة بحرية الصحافة".
ولفتت إلى أنه "جرى تسليم قائمة بحوالي 30 اسماً من الصحافيين المحبوسين (محكومين أو محبوسين احتياطياً؛ نقابيين أو غير نقابيين)، وكان تركيز الحضور بشكل كبير على قضية الزملاء من سجناء الرأي، سواء مدونين وصحافيين مستقلين أو نقابيين".
وقالت إنه "في خطوة مهمة على هامش الجلسة، التقيت أنا والزميلة الصحافية إسراء عبد الفتاح بالسفيرة مشيرة خطاب لمناقشة ضرورة الإفراج الفوري عن كل من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي القانونية، وكذلك النظر في قضية الحبس الاحتياطي لكافة سجناء الرأي على أثر تدوينة أو كلمة".
وتابعت "لقد كانت السيدة خطاب في غاية التفهم للموقف من كل جوانبه، وأبدت كامل استعدادها للمساعدة والدعم والتواصل مع الجهات المعنية لإنهاء هذا الملف في أقرب فرصة ممكنة، واستعادة سجناء الرأي حريتهم".
مصدر: الانفراجة السياسية لا تحتاج إلى لجان، بقدر ما تحتاج إلى مجرد تطبيق القانون
تشكيك بحدوث انفراجة سياسية
من جهته، قلل ناشط حقوقي بارز، فضل عدم ذكر اسمه، من جدوى التحركات التي يقوم بها المجلس القومي لحقوق الإنسان في ما يتعلق بملف المعتقلين السياسيين.
وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدى النظام في إحداث انفراجة سياسية، كما يتم الترويج له، فإنه لا يحتاج إلى كل هذه اللجان والجلسات واللقاءات".
وأضاف "القضية شديدة الوضوح والبساطة، وترتكز على مبدأ واحد، وهو أن كل من تجاوز مدد الحبس الاحتياطي القانونية يتم الإفراج عنه فوراً من دون تأخر، وكل من يعاني ظروفاً إنسانية سيئة داخل السجن، يتم النظر إليه ومعالجة ذلك، بحسب القانون". وأكد أن هذه الغاية "لا تحتاج إلى لجان، بقدر ما تحتاج إلى مجرد تطبيق القانون".
وقال المصدر إن ما يؤكد "عدم وجود إرادة سياسية حقيقية للإفراج عن المعتقلين السياسيين، ومعالجة ظروف السجن السيئة، هو ما يتعرض له المعتقلون داخل السجون، مثل أحمد دومة الذي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام قبل أيام، وحذرت أسرته من أن حياته معرضة للخطر في السجن".
محاولات للإفراج عن أحمد دومة وعلاء عبد الفتاح
من جهتها، قالت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، إنه في ما يتعلق بملف الناشط أحمد دومة المسجون منذ عام 2013، فإن بعض القيادات الصحافية النقابية السابقة تحدثت في قضيته مع أحد المسؤولين الكبار بالدولة، من أجل إقناعه بالتدخل للإفراج عنه، لكن المسؤول رفض ذلك متحججاً بأن قضية دومة في يد القضاء، ولا يجوز له التدخل فيها.
وأيدت محكمة النقض المصرية، في 4 يوليو/تموز 2020، حكماً بمعاقبة دومة بالسجن المشدد مدة 15 عاماً في قضية "أحداث مجلس الوزراء"، التي تعود وقائعها إلى شهر ديسمبر/كانون الأول 2011، عندما وقعت مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن المصرية.
ورفضت محكمة النقض طعن المتهم ليصبح حكم إدانته نهائياً وباتاً ولا يجوز الطعن فيه بأي وجه من الوجوه.
رفض مسؤول كبير التدخل للإفراج عن أحمد دومة وعلاء عبد الفتاح
كذلك، قالت المصادر إن "حديث النقابيين والصحافيين مع المسؤول الكبير دار أيضاً حول الناشط علاء عبد الفتاح، لكن المسؤول أكد كذلك عدم وجود أي فرصة للإفراج عنه، وأنه سيحصل قريباً على حكم جديد بالسجن".
وحكمت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بسجن علاء عبد الفتاح خمس سنوات بعد إدانته بـ"نشر أخبار كاذبة"، كما حكمت على المدون محمد إبراهيم والمحامي محمد الباقر بالسجن أربع سنوات بناءً على التهمة نفسها. وصدرت الأحكام عن محكمة استثنائية لا يجوز الطعن فيها.