الميديا التونسية والإرهاب: كي لا يقع الإعلاميون في الفخ

04 مايو 2015
مسيرة تونس للتنديد بهجمات متحف باردو
+ الخط -

أصدر مركز تونس لحرية الصحافة، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تقريراً حول "الميديا التونسية والإرهاب". يأتي التقرير وفق ما صرح مدير المركز، محمود الذوادي، لـ "العربي الجديد": "في إطار برنامج يهدف إلى تعزيز قدرات الصحافيين في مجال التنظيم الذاتي والأخلاقيات المهنية".

أشرف على التقرير، الدكتور الصادق الحمامي، وشارك في عملية الرصد والتحليل أكثر من عشرين صحافياً من مختلف وسائل الإعلام التونسية. يرى فيه الحمامي محاولة لدراسة علاقة الميديا بالإرهاب فهذه العلاقة: "مركبة، فالإرهابيون يحتاجون الميديا لتحويل الأعمال الإرهابية إلى مشهد وحدث يستقطب الجميع والرأي العام".

ويضيف الحمامي: "عملياً تمثل الميديا بالنسبة للإرهابيين "شريكاً" في العملية الإرهابية ذاتها، لأن الميديا تعمل على نقل الترهيب من المكان المحدود الذي تحدث فيه العملية إلى المدى الواسع. فالميديا إذن في استراتيجية الإرهابي وسيط العمل الإرهابي".

انطلاقاً من هذه المعطيات طرح التقرير أسئلة عدة، منها: أي دور للميديا في الحدّ من هذه الآثار الجانبية في نقلهم للعمليات الإرهابية حتى لا يسقطوا في استراتيجية الإرهابيين؟

يضم التقرير عشر توصيات، تُمَكن الصحافي من تجنب السقوط في فخ الإرهابيين، ومن أهم هذه التوصيات أن يلتزم الصحافي بكشف الحقيقة من دون المساس بحياة الأفراد، سواء أكانوا رهائن أم أمنيين أم عسكريين أم شهود عيان أم صحافيين. وأن يتحرى الصحافي أثناء التغطية من المصطلحات المستخدمة في توصيف منفذي العمليات الإرهابية، مع مراعاة مقتضيات الحياة الخاصة للمشتبه بهم. ومراعاة قرينة البراءة. كما على الصحافي أن يمتنع عن بث صور صادمة احتراماً لمبدأ الكرامة الإنسانية، ويلتزم بعدم كشف هويات الأشخاص وصورهم حماية لهم.

قرأ أيضاً: تونس: الإعلام بين الإرهاب وحقوق الإنسان]

رصد التقرير، التغطية الإخبارية لعملية باردو وفي الفترة الممتدة من 18 إلى 25 مارس/ آذار 2015، وقد توصل التقرير من خلال عملية الرصد إلى عدة أخطاء كان قد وقع فيها الإعلاميون أثناء تغطيتهم لأحداث باردو. ومنها عدم اعتماد توصيف دقيق للإرهابيين، فأحياناً يوصفون بالإرهابيين وأخرى بخفافيش الظلام والوحوش والأشباح... كذلك اختلف توصيف العملية في حدّ ذاتها من عملية نوعية إلى عملية جبانة، إلى كارثة في تونس وهي أوصاف تحمل في أغلبها شحنة عاطفية لا تتماشى مع مثل هذه الأحداث. التغطية الإخبارية لعملية "باردو" سقطت في خطأ عدم اعتماد قرينة البراءة، حيث يتم نسب تهم إلى بعض الأشخاص من دون انتظار الحسم القضائي في اتهامهم أو تبرئتهم.

وتوصل التقرير إلى أن أغلب التغطيات انساقت إلى ضغط الجمهور المتلقي، وكأن الصحافي يعمل وهو يخشى اتهامه بتبييض الإرهاب. لذلك يلجأ في أغلب الأحيان إلى خطاب يحاول قدر الإمكان تخليصه من هذه التهمة المفترضة. كما بدا واضحاً في هذه التغطية الإخبارية، عدم الحياد عند الصحافيين، إذ يختلط في أغلب الأحيان الخبر مع التعليق.

أورد التقرير نتائج تقييم الصحافيين التونسيين لتغطية وسائل الإعلام التونسية للعمليات الإرهابية، وقد شارك في عملية التقييم 190 صحافياً منهم 99 صحافياً و91 صحافية. وتوصل التقييم إلى أن 26.84 بالمائة من الصحافيين المستجوبين يرون أن الصحافي التونسي، لا يلتزم بالحياد في تغطيته للعمليات الإرهابية، كذلك رأى 72.11 بالمائة من المستجوبين أن الصحافيين يرتكبون خطأ مهنياً عند تخليهم عن الحياد وذهب 55.26 بالمائة من المستجوبين أن الصحافيين التونسيين يرجحون كفة الإثارة الإعلامية على حساب مهنيتهم.

قرأ أيضاً: تونس: الحريات والحقوق في مهبّ "مكافحة الإرهاب" اليوم]

التقرير الذي أصدره مركز تونس لحرية الصحافة جاء ثرياً بالأرقام والاستنتاجات التي قد تكون بداية لعملية إصلاح مهمة للأخطاء التي يرتكبها الصحافيون التونسيون أثناء تغطيتهم للأحداث الإرهابية.

المساهمون