المنفي يسعى لحشد دعم جزائري لمشروع إنقاذ الانتخابات الليبية

13 أكتوبر 2022
المنفي تحدث عن أهمية القاعدة الدستورية لإنجاز الانتخابات(Getty)
+ الخط -

أنهى رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، محمد المنفي، اليوم الخميس زيارة للعاصمة الجزائرية، أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وفيما لم يكشف عن عنوانها ومضمونها حتى الآن، كشفت مصادر محلية عن سعي المنفي للحصول على دعم جزائري لمشروع إنقاذ الانتخابات الليبية، إذ يستعد المجلس الرئاسي لحشد أكبر قدر من المواقف العربية لدعمه. 

وحتى الساعة، لم يصدر أي بيان أو تصريحات بشأن أسباب وفحوى زيارة المنفي للجزائر، باستثناء عدة صور تظهر مشاهد استقباله واجتماعه مع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ومن ثم توديعه، نشرها المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.


 
أما الجانب الجزائري، فقد نقل تصريحات المنفي، في مؤتمر صحافي مشترك مع تبون، متحدثاً عن أهمية القاعدة الدستورية لإنجاز الانتخابات، وفاعلية الدور الجزائري في حشد موقف عربي موحد لدعم إجراء الانتخابات في أقرب فرصة. 

دعم حشد دولي

وركزت تصريحات المنفي في العديد من المناسبات على ضرورة إجراء الانتخابات المؤجلة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي الماضي، وضرورة توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على القاعدة الدستورية للانتخابات، ملمحاً في عديد المرات بإمكانية توليه هذه المهمة وإصدار القاعدة الدستورية، وهو ما أكد المجلسان، النواب والأعلى للدولة، على رفضه، والتأكيد على عدم امتلاك المجلس الرئاسي لصلاحيات إصدارها. 

وعلى الرغم من الرفض المحلي لدور المجلس الرئاسي، إلا أن مصادر مقربة منه أكدت استمرار سعيه لحشد الدعم الخارجي للتعزيز دوره، مشيرة إلى أن المنفي أبدى استعداده للقيام بمهمة إصدار القاعدة الدستورية للانتخابات لعدد من مسؤولي العواصم الدولية أثناء لقائه بهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر/أيلول الماضي. 

تفاصيل مبادرة المنفي

وإذ يؤكد أحد المصادر، وهو دبلوماسي ليبي رفيع، لـ"العربي الجديد"، أن المجلس الرئاسي يسعى لممارسة مهامه الرئاسية في إطار محاولته استعادة دوره المهمش من قبل الأطراف الليبية، كاشفاً أن المنفي أبلغ الرئيس الجزائري برغبته في طرح مشروع قاعدة دستورية على القادة العرب على هامش مشاركته في القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر بداية الشهر المقبل.

وبحسب المصدر، فإن المنفي "طلب من الجزائر ضرورة دعم مشروعه لإقناع أكبر عدد من العواصم العربية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الجانب الجزائري أبدى ترحيبه بأي خطوات في اتجاه إجراء الانتخابات، لكنه أبدى في المقابل مخاوفه من عدم تجاوب أطراف ليبية محلية مع المشروع". 

وشرح المنفي في الجزائر رؤيته الخاصة للقاعدة الدستورية، بحسب ذات الدبلوماسي الليبي الذي أكد أنها "لا تختلف عن الكثير من المبادرات السابقة، خصوصاً التي تسمح للجميع بالترشح للانتخابات الرئاسية دون أي شروط، لكن الجديد فيها طلب إشراف عربي وأفريقي على عملية إجراء الانتخابات من خلال جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي". 

زيارة "غير محسوبة"

وقلل الدبلوماسي من أهمية مشروع المنفي، موضحاً أن "الأخير يسعى للفت أنظار الفاعلين الدوليين إلى أهمية دوره من زاوية ملف الانتخابات الذي يعد الأهم لدى العاصمة المهتمة بالملف الليبي".
 
وقال "يريد المنفي أن يظهر بمظهر الطرف الليبي المحايد والوحيد القادر على انجاز الاستحقاق الانتخابي كونه ليس خصماً لأي طرف من الأطراف المتصارعة والتي أفشلت في السابق تنفيذ الانتخابات". 

لكن الدبلوماسي الليبي في الوقت ذاته عبر عن خشيته من أن تكون زيارة المنفي للجزائر "غير محسوبة، ويمكن أن تفسر في سياق دعم الجزائر لسلطات طرابلس".
 
وأوضح المتحدث "هذا ما حدث، فالكثير من المراقبين رأوا أن تزامن زيارة المنفي للجزائر مع تصاعد الخلافات الإقليمية حول مذكرة التفاهم في الاستثمار النفطي الموقعة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة يمكن أن يكون لها صلة بالأمر، خصوصاً أن مصر المختلفة مع الجزائر في الملف الليبي، وهي من الأطراف المعارضة لمذكرة التفاهم بقوة". 

تصدعات في الجبهة الشرقية

وأشار مراقبون للشأن الليبي إلى تزامن آخر يتعلق بزيارة غير معلنة أجراها رئيس المخابرات العامة في مصر اللواء عباس كامل لشرق ليبيا، التقى خلالها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
 
ويرى الباحث في الشأن السياسي مالك هراسة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن زيارة كامل تأتي في سياق مساعي القاهرة لإعادة ترتيب أوراقها في المشهد الليبي بناء على المستجدات الإقليمية.

ولم تعلن القاهرة ولا قيادة حفتر عن الزيارة، لكن وسائل إعلام مقربة من حفتر نشرت أخباراً بشأنها دون أي تفاصيل. في حين، اعتبر هراسة أن حديث وسائل الإعلام المقربة من حفتر عن الزيارة يأتي في سياق الخصومات المحلية.

وقال هراسة "كل ما حدث أن معسكر حفتر الذي يبدو أنه طُلب منه عدم الإعلان عن الزيارة سرب من خلال وسائل إعلامه خبراً مقتضباً عن الزيارة لإرسال رسالة محلية مفادها بأن حفتر لا يزال فاعلاً ويحظى بدعم مصر". 

خلاف مصري تركي

ويفصل هراسة رأيه، في حديث لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "الجبهة الشرقية في ليبيا تشهد تصدعات منذ فترة طويلة، والشخصيات التي رافقت المنفي في زيارته للجزائر دليل على ذلك، مثل صالح همة مقرر مجلس النواب وزياد دغيم وهما من أكبر الشخصيات التي كانت تشكل ثقلاً لقرارات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قبل أن يصدر الأخير قراراً بإسقاط عضويتهما النيابية".
 
وتابع حديثه "القاهرة تعمل على استغلال ردة فعل قادة شرق ليبيا من مذكرة التفاهم التركية لإعادة توحيد مواقف الجبهة الشرقية في مواجهة عودة التوغل التركي في إطار محاولاتها في كامل المنطقة عرقلة تنفيذ المذكرة". 

وحول تزامن زيارة كامل للشرق الليبي مع زيارة المنفي للجزائر، علق هراسة بالقول "الخلاف المعلن هو مصري تركي وليس في الملف الليبي فقط بل في ملفات أخرى أيضاً، أما في الجانبين المصري والجزائري فهناك مواقف ثابتة تتقاطع أحياناً وتختلف أحياناً أخرى لكنها لا ترقى لمستوى الصراع بينهما"، مضيفاً "لا أعتقد أن زيارة المنفي للجزائر سيكون لها تأثير على اختلاف مواقف البلدين في الملف الليبي". 

وفي خضم الخلافات الإقليمية حول مذكرة التفاهم التركية الموقعة مع حكومة الدبيبة، مطلع الشهر الحالي، أكد هراسة وجود ممانعة أميركية أوروبية لزيادة تصاعدها واتجاهاً للتهدئة للحد من أن تكون الأزمة الليبية عنواناً لصراع إقليمي جديد.

وقال "التصعيد لن يتجاوز التصريحات والبيانات، فهناك عواصم أوروبية إلى جانب واشنطن لن تسمح بالتصعيد أكثر، فالمنطقة لا تحتمل المزيد من المواجهات مع وجود مواجهة مع روسيا وأخرى مع إيران، وحتى تركيا لن تتمكن من تنفيذ اتفاقها مع حكومة الدبيبة". لذلك رجح هراسة بأن تلقى مساعي المنفي لإحياء ملف الانتخابات وإعلانه الاستعداد لإصدار قاعدة دستورية قبولاً ودعماً دولياً كعامل مساعد لتجاوز أجواء التوتر الحالية.