طالب الفريق النيابي لحزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، الأربعاء، باستدعاء وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وذلك في فصل جديد من فصول المواجهة بينهما، على بعد أشهر قليلة من الانتخابات المقررة الصيف المقبل.
ووجه رئيس فريق "العدالة والتنمية" بمجلس النواب، مصطفى الإبراهيمي، طلباً إلى رئيس اللجنة النيابية، من أجل عقد اجتماع بحضور وزير الداخلية، لمناقشة أثر المذكرات والدوريات والمناشير الصادرة عن الوزارة على التدبير الحر واختصاصات الجماعات الترابية (مجالس قروية وبلدية وجهوية).
وأكد رئيس فريق العدالة والتنمية، في الطلب الذي اطلع "العربي الجديد " على نسخة منه، على ضرورة احترام اختصاصات الجماعات الترابية والقوانين التنظيمية المنظمة لها، خاصة في ما يتعلق بإعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات، وترشيد نفقاتها بحسب الأولويات الضرورية، أخذاً بعين الاعتبار إكراهات الموارد التي فرضتها الجائحة.
وجه رئيس فريق "العدالة والتنمية" بمجلس النواب، مصطفى الإبراهيمي، طلبا إلى رئيس اللجنة النيابية، من أجل عقد اجتماع بحضور وزير الداخلية، لمناقشة أثر المذكرات والدوريات والمناشير الصادرة عن الوزارة على التدبير الحر واختصاصات الجماعات الترابية ( مجالس قروية وبلدية وجهوية)
وكان موضوع احترام اختصاصات الجماعات الترابية موضوع سجال بين الحزب ووزارة الداخلية، خاصة بعد إصدار الوزارة، في 22 إبريل/ نيسان الماضي، دورية بمنع عقد دورات مجالس الجماعات بمبرر تفشي فيروس كورونا الجديد، وهو المنع الذي أثار جدلا سياسيا وقانونيا، قبل أن تتراجع عنه الوزارة في 12 يونيو/ حزيران الماضي. فيما كان لافتا، خلال الأشهر الماضية، توتر العلاقات بين منتخبي الحزب وعدد من رجال السلطة التابعين لوزارة الداخلية، كان آخرها الصراع الحاد بين محمد اليعقوبي، والي جهة الرباط سلا القنيطرة، والعمدة محمد صديقي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، وذلك بسبب إحداث مرائب تحت أرضية بشارع محمد الخامس وسط العاصمة، وشركة للتنمية المحلية لتدبير المساحات الخضراء.
كذلك اشتكى قياديون في العدالة والتنمية من توتر العلاقات بين منتخبي الحزب والسلطات على مستوى مدينة شفشاون، ومما يعتبرونه مساندة السلطة المحلية الولائية لـ"البلوكاج" ( الانحباس) الذي يعرفه مجلس جهة درعة تافيلالت، جراء رفض الأغلبية والمعارضة التصويت على مشاريع تنموية تخدم المواطنين الذين يعانون كثيرا في أفقر منطقة بالمغرب.
وبحسب مصدر من الفريق النيابي، طلب عدم ذكر اسمه، فإن طلب استدعاء وزير الداخلية إلى اللجنة يأتي "في سياق إثارة الحزب للاستهداف السياسي والإداري لمنتخبيه في القيام بمهامهم الانتدابية وأدوارهم التنموية"، مشيرا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن هذا الاستهداف أدى إلى تعطيل مصالح المواطنين، وتوقيف البرامج التنموية للجماعات انطلاقا من الهاجس الانتخابي.
ويأتي طلب استدعاء وزير الداخلية بعد 3 أيام عن تعبير المجلس الوطني للحزب الإسلامي، إثر انتهاء دورته العادية المنعقدة يومي السبت والأحد الماضيين، عن "استهجانه لبعض العقليات الإدارية المعرقلة للتدبير المحلي، والمحكومة بثقافة متجاوزة، لم تنخرط بعد في روح دستور 2011، ولم تتشبع بمقتضيات القوانين التنظيمية الجديدة، وعلى رأسها مبدأ التدبير الحر الذي يعتبر مبدأ دستوريا راسخا".
وجدد أعضاء المجلس الوطني "عزم مؤسسات الحزب على الاستمرار في النضال ضد الفساد والاستبداد، وتشبث أعضائه بمواصلة أداء مهامهم السياسية والتمثيلية على أفضل الوجوه الممكنة رغم حجم الإكراهات والتحديات، وفي مواجهة حملات التبخيس والتشويش"، داعين الجميع إلى "ضرورة التعاطي مع الانتظارات والمطالب الاجتماعية بمنطق التعاون والحكمة والإنصات، بما يدعم الثقة والاستقرار السياسي والاجتماعي اللازمين لكل عملية تنموية حقيقية".
وفيما يبدو أن الصراع بين الحزب الإسلامي والداخلية مقبل على جولات أخرى مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والجهوية والتشريعية صيف السنة الحالية، يرى بعض المراقبين أن تشكي قيادة الحزب الإسلامي من "استهداف" منتخبيه من قبل وزارة الداخلية يدخل في سياق استراتيجية الحزب القائمة على لعب دور "الضحية" و"المظلومية" استعدادا للانتخابات القادمة.
ووفق أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، فإن "إثارة معركة الاختصاص من قبل العدالة والتنمية في مواجهة وزارة الداخلية يدخل في سياق تسخينات الحملة الانتخابية، ومحاولة التنصل من تقديم أعضائه في المجالس الترابية لحصيلة عملهم للمواطنين، وتبرير إخفاقهم في تدبيرها بالمظلومية"، معتبرا أن الحزب يحاول من خلال معركته مع وزارة الداخلية تحميل المسؤولية للدولة في إخفاقهم، والضغط على الوزارة التي ستشرف على الانتخابات القادمة.
وأوضح لزرق، في حديث مع "العربي الجديد "، أن اختيار "العدالة والتنمية" توقيت الاحتجاج في سنة انتخابية بامتياز يثير أكثر من علامة استفهام، لافتا إلى أن "احتجاج الحزب وجب أن يوجه إلى رئيس الحكومة باعتبار وزير الداخلية يعمل تحت إشرافه، وفق النص الدستوري".