أثار حزب "النهج الديمقراطي" جدلاً حاداً في المغرب، بعد اتهامه لنشطاء أمازيغ بالاصطفاف مع الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.
وقد أصدر الحزب قبل أيامٍ بياناً يندد فيه بـ"موجة التصهين" في الحقل الثقافي الأمازيغي، ويتهم بعض النخب بدور سلبي. وفي مواجهة هذه الاتهامات، ردت الحركة الأمازيغية بقوة، مؤكدة التزامها القضايا الإنسانية وحلّ الدولتين.
وانتقد في بيان لمكتبه السياسي أصدره بمناسبة الاحتفاء بالسنة الأمازيغية الجديدة التي جرى الاحتفاء بها رسمياً لأول مرة في المغرب أول من أمس الأحد، قال حزب "النهج الديمقراطي" (يتبنى المرجعية الماركسية اللينينية) "موجة التصهين التي تجتاح عقول بعض الفاعلين المنتسبين إلى الحقل الثقافي الأمازيغي في ظل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني الغاشم المدعوم من طرف الإمبريالية الأميركية والأنظمة الرجعية".
واعتبر المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي المعارض أن تأخر تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لغة رسمية للمغرب، إلى جانب اللغة العربية، يكشف ما سمّاه "النيّات المبيتة للنظام السياسي في التنكر للهوية الوطنية للشعب المغربي، والالتفاف على مطلب رد الاعتبار للثقافة واللغة الأمازيغيّتين كمكون أساسي لهوية شعبنا، لتشمل إطلاق يد الرأسمال المحلي والأجنبي، بما فيه الصهيوني، للاستيلاء على أراضي الجموع عبر تهجير سكانها وتشريدهم".
واتهم الحزب بعض النخب الأمازيغية بـ"لعب دور سلبي يقوض النضالات"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "هذه النضالات تنتج نخباً شابة تقدمية، تتحدى عمليات التدجين وتتسم بالعصية، وهي هذه النخب التي ستكون القوة الدافعة والموحدة لقيادة التحركات نحو تحقيق المطالب التي رفعتها الأجيال الأمازيغية".
الحركة الأمازيغية ترد
وبينما طالب الحزب بإسقاط التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، أثارت اتهامات الحزب المعارض حفيظة العديد من الفعاليات الأمازيغية التي اعتبرتها "مجانية للصواب".
وفي السياق، قال رئيس "العصبة الأمازيغية لحقوق الانسان"، بوبكر أونغير، إن "التشويه والإساءة للحركة الأمازيغية انتقل إلى مجال آخر هو الربط التعسفي بين نضالها والحركة الصهيونية، رغم أن كل مبتدئ في العلوم السياسية والتاريخية يعرف بأن الصهيونية حركة معاصرة ولدت في رحم المنظومة الغربية في أوروبا في بدايات القرن العشرين مع تيودور هرتزل، وأن اليهود المغاربة الذين عاشوا في المغرب منذ قرون كانوا ضحية الترحيل القسري من طرف العصابات الصهيونية".
وأوضح أونغير، في حديث لـ"العربي الجديد "، أن "الحركة الأمازيغية تعتمد خطاباً يستمد جذوره وأساسياته من الحركة الحقوقية العالمية المبنية على مبادئ الحق والعدالة واحترام الكرامة الإنسانية"، وشدد على أنه "لا يمكن تبرير قتل الأبرياء والأطفال من أي انتماء ديني كان، سواء كانوا مسلمين أو يهوداً".
وأشار المتحدث إلى "إدانة الحركة الأمازيغية للقتل الممنهج وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من طرف إسرائيل، كما تدين ما تقوم به السلطات السورية ضد الشعب السوري الأعزل، وكل أعمال القتل والذبح على الهوية والدين واللغة في أي بقاع العالم". وتابع: "خطاب الحركة الأمازيغية خطاب حقوقي إنساني أممي لا يمكن أن يدعم ممارسات وسياسات إسرائيل الانتقامية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وهي تناشد، في الوقت نفسه، كل القوى الدولية ومجلس الأمن الدولي الإسراع بإيجاد حل دائم وشامل للقضية الفلسطينية يقوم على أساس قيام الدولتين: دولة إسرائيل آمنة مستقرة، إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة قادرة على حماية شعبها وأراضيها'.
تشويه سمعة
إلى ذلك، اعتبر أونغير أن ربط الحركة الأمازيغية بالحركة الصهيونية الهدف منه "تشويه سمعة حركة نضالية ثقافية وحقوقية استطاعت الصمود في المجتمع، واستطاعت تطوير خطابها ليكون له صيت شعبي متزايد، عكس الخطابات السياسية التي ذبلت وتراجع صيتها وصوتها بفعل أرثوذوكسية الخطاب السياسي وبفعل ارتباطه بالتطورات الخارجية وبالمرجعيات عبر الوطنية أكثر من استجابته لمتطلبات الواقع المغربي الميداني المعاش".
وبخصوص موقف الحركة الأمازيغية من التطبيع، قال: "في الحركة نرى أن التطبيع عملية تهمّ الدول والحكومات ولا دخل للحركات الحقوقية والثقافية بها، لأن الدول لها منطق الضرورات، ونحن كحركة مدنية نعمل بمنطق الحرية، إذ إن الحركة الأمازيغية منفتحة على كل الشعوب، ومستعدة لتقاسم الخبرات والاستفادة من كل الثقافات والهويات وتاريخ الشعوب، جميع الشعوب. وعلى هذا الأساس، فنحن لا نعادي أي شعب من الشعوب، ولا نطالب بإبادته أو محوه من الخريطة الإنسانية، بل نحن مع التسامح والتثاقف والإيمان بالآخر المختلف عنا".
مسيرات مليونية
ويشارك المغاربة بفعاليات تضامنية مع غزة بشكل شبه يومي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان من أبرزها المسيرة المليونية التي نُظمت في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالعاصمة الرباط.
وتحولت المسيرات والوقفات التي ينظمها المغاربة منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" إلى مصدر قلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ بدأ الإعلام العبري بوصف هذه المسيرات بأنها "معاداة للسامية".