المبادرة الكويتية من 12 بنداً: بوادر خلاف داخلي لبناني

24 يناير 2022
رفض وزير خارجية لبنان وضع المبادرة في إطار فرض الشروط (حسام شبارو/ الأناضول)
+ الخط -

في زيارة لم تكن الأوساط اللبنانية الرسمية محاطة بجدول أعمالها ومضمونها، حمل وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، في زيارته إلى بيروت، رسالة إلى المسؤولين اللبنانيين تتضمن "إجراءات وأفكاراً" لإعادة بناء الثقة بين دول خليجية ولبنان.

وأكد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب في تصريح لقناة "NBN" التابعة لرئيس البرلمان نبيه بري، مساء الأحد، أن "المبادرة الكويتية تتضمن 12 بنداً لاقت دعماً من قبل دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية ودولية معنية بالشأن اللبناني"، مضيفًا: "نحن مسرورون جداً بالمبادرة".

ورفض بو حبيب وضع المبادرة في إطار فرض الشروط، مؤكدًا أنها تأتي في إطار "التفاهم والأفكار" التي تطرق إليها الوزير الكويتي في تصريحاته الإعلامية بعد اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، فيما أشار إلى أن الرئيس اللبناني ميشال عون قد يدعو لاجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي للاتفاق على الردّ بطريقةٍ ما، تمهيدًا لتسليمه الرد مكتوبًا خلال زيارته إلى الكويت في التاسع والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني الحالي المخصصة للمشاركة باجتماع وزراء الخارجية العرب الذي تستضيفه الكويت وترأسه.

ولخص وزير خارجية الكويت أبرز الأفكار والإجراءات المطروحة في "عدم تدخل لبنان بالشؤون الداخلية للدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وألا يكون لبنان منصة عدوان لفظي أو فعلي تجاه أي دولة كانت، وأن تكون المنافذ كلها بأيدي السلطات الرسمية في لبنان مع اتخاذ آليات لضمان عدم مرور شحنات المخدرات والكبتاغون إلى الكويت والمنطقة على أن تبسط الدولة نفوذها ليكون لبنان أكثر أماناً وازدهاراً".

وقالت مصادر في قصر بعبدا الجمهوري، لـ"العربي الجديد"، إن "المبادرة الكويتية تتضمن بنوداً مرتبطة بضرورة التزام لبنان باتفاقية الطائف والقرارات الدولية، والنأي بالنفس عن الصراعات الخارجية"، مشيرة إلى أن "الوزير الكويتي لاقى ترحيباً من جانب الرئيس عون بهذه الأفكار التي لطالما دعا إليها وحرص على قيام أفضل العلاقات مع الدول الخليجية والعربية والخارج عامة، ولا سيما في هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان والتي تتطلب دعماً للخروج من الانهيار المعيشي والاقتصادي".

من جهته، حرص مصدر مقرب من ميقاتي على عدم وضع الأفكار الكويتية في إطار الشروط التي تملى على لبنان، وأكد خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن "النقاط التي طرحت هي أصلاً واردة في البيان الوزاري لحكومة ميقاتي والذي شدد خلاله على ضرورة النأي بالنفس وقيام أفضل العلاقات مع الدول العربية وخاصة الخليجية كما والخارجية عامةً، سواء للعامل التاريخي أو لحاجة لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى لوقوف أشقائه إلى جانبه والذي يقتضي في المقابل عدم التصويب والهجوم على هذه الدول، عدا عن البنود المرتبطة بضرورة الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني واحترام المواثيق الدولية التي وقع عليها لبنان".

ولفت المصدر إلى أن "الأجوبة كلها سيحملها وزير الخارجية اللبناني عند زيارته الكويت، كما سيكون هناك زيارة للرئيس ميقاتي إلى دولة الكويت لم يحدد موعدها بعد".

في المقابل، لم تتلقف أوساط "حزب الله" المبادرة التي حملها وزير الخارجية الكويتي التي بدا واضحاً أنها تحظى بضوء أخضر سعودي وتتضمن البنود التي تريد المملكة من لبنان الالتزام بها كشروط مسبقة لفك العزلة التي فرضت عليه بعد تفاقم التوترات والإجراءات التي اتخذتها 4 دول خليجية: البحرين والكويت والسعودية والامارات عقب تصريحات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي.

وقال نائب في الحزب فضل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، إن "المبادرة الكويتية تحمل في طياتها شروطاً وتهديدات وكأنها تملي على لبنان ما يجب أن يقوم به وإلا سيكون هناك تداعيات في حال عدم التطبيق".

وأضاف أن "موقف (حزب الله) واضح من التدخلات الخارجية في لبنان، وأن عنصر الضغط الذي يمارس عليه من بعض دول الخليج على رأسها السعودية إلى جانب الأميركيين والذي يأتي بالدرجة الأولى في إطار المعركة ضد الحزب ولا سيما على مقربة من الانتخابات النيابية التي يعول عليها بعض دول الخارج لضرب الحزب وتغيير المعادلة السياسية وإرساء سياستها التي تريدها في لبنان والمنطقة".

ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، بشأن ما إذا كانت المبادرة الكويتية بمثابة شروط محددة قدمت للمسؤولين اللبنانيين، أكد النائب قاسم هاشم عضو كتلة "التنمية والتحرير" (يرأسها رئيس مجلس النواب)، أن "المبادرة تحمل أفكاراً سبق أن أعلن عن بعضها وزير الخارجية الكويتي ولا يمكن وضعها بأي إطار، فهي رؤية حملها الصباح بدفع ومباركة خليجية أوروبية أميركية على أن تطرح على المسؤولين اللبنانيين".

وأضاف: "صاحب المبادرة يطرح ما لديه وبدورنا علينا أن نناقشها ونقدم الأجوبة عليها، ولكل مجموعة أو جهة دولية أن تطرح ما تراه مناسباً مع رؤيتها ومقاربتها للملفات ومنها الملف اللبناني، ونحن سنتعاطى معها انطلاقاً من المعايير التي نلتزم بها".

وكانت الأزمة تفجرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب تصريحات صادرة عن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي خلال مشاركته في أحد البرامج قبل تعيينه وزيرا في حكومة نجيب ميقاتي، انتقد فيها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، واعتبر أن جماعة الحوثيين تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات. 

وعقب ذلك قررت السعودية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول سحب سفيرها من لبنان ووقف كلّ الصادرات اللبنانية إلى أراضيها. كما لجأت الكويت والبحرين إلى الخطوة نفسها، فضلاً عن الإمارات التي قررت سحب دبلوماسييها من لبنان. وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي استقال قرداحي من الحكومة مستبقاً بذلك الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي شملت السعودية وأسفرت عن اجتماع ثلاثي عبر الهاتف ضم الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي وميقاتي، ما عدّ يومها خطوة أولى على طريق محاولة حل الأزمة  بين لبنان وعدد من الدول الخليجية.

المساهمون