اللاجئون ضحايا النظام السوري والمجتمع الدولي

15 سبتمبر 2024
نازحون سوريون في لبنان، مايو 2024 (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعقيدات القضية السورية تحولت إلى صراع مصالح بين الدول، مما منح النظام فرصة لارتكاب جرائم ضد السوريين دون تدخل دولي فعّال.
- الدول المتدخلة انقسمت بين داعمة للنظام وأخرى تدعم مطالب السوريين بالكلام فقط، مما حول القضية السياسية إلى ملفات إنسانية.
- التطبيع مع النظام خلق مضاعفات خطيرة على اللاجئين، والأمم المتحدة متهمة بالمشاركة في عمليات ترحيل جماعي وقسري للسوريين، مما يعرضهم لمخاطر جسيمة.

التعقيدات التي رافقت القضية السورية منذ بداية الثورة وتحوّلها تدريجياً إلى صراع مصالح بين الدول المتدخلة بالشأن السوري، على حساب دعم ثورة محقة لشعب يطالب بالتغيير السياسي وإقامة دولة خالية من الاستبداد، منحت النظام الفرصة لارتكاب المزيد من الجرائم بحق السوريين من قتل واعتقال وتهجير، من دون أن يكون لدى المجتمع الدولي أي إرادة سياسية لإيقاف هذا الإجرام ودعم التغيير الذي ينشده السوريون. وانقسمت الدول المتدخّلة في سورية إلى قسمين؛ الأول دعم النظام في حربه ضد السوريين مقابل التحكّم بمقدرات البلاد وقرارات النظام، فيما القسم الأكبر دعم مطالب السوريين بالتغيير من خلال مواقف كلامية لم ترقَ إلى مستوى التأثير على النظام. وبدلاً من التعاطي مع مشكلة السوريين كقضية سياسية تحتاج حلاً لأسبابها، راحت تلك الدول تتعامل مع النتائج الإنسانية لتلك المشكلة، وتبعتها المنظمات الدولية ولاحقاً الأمم المتحدة، فتحوّل الملف السياسي السوري إلى مجموعة ملفات إنسانية، منها ما يبحث موضوع اللجوء وتداعياته، ومنها ما يبحث قضية المعتقلين والمغيبين قسراً والقتلى تحت التعذيب، ومنها ما يبحث سبل إيصال المساعدات للمتضررين من جرائم النظام.

وتحوّلت تلك الملفات إلى عبء على الدول التي تموّلها، وبات اللاجئون السوريون يشكّلون عبئاً على الدول المضيفة، وأصبحت آثار الحرب التي يشنّها النظام على السوريين تؤثر على الأمن الإقليمي لدول الجوار التي غزاها النظام بالمخدرات. وبهذا انتقلت الدول إلى مرحلة أخرى من التعاطي مع النظام، وهي التطبيع وإعطاء الحوافز مقابل تنفيذ بعض المتطلبات الخاصة بمصالح كل دولة، الأمر الذي خلق مضاعفات خطيرة أثرت على أوضاع اللاجئين في الدول التي بدأت مسيرة التطبيع معه، من حملات تمييز عنصري إلى التضييق عليهم لدفعهم للعودة مرغمين إلى سورية بشكل يخالف القوانين الخاصة بحقوق الإنسان. كما استُخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه سمعتهم في بعض الدول.

وعلى الرغم من عدم مشروعية هذه الإجراءات أخلاقياً وإنسانياً، فهي قد تكون مبررة لدى الدول التي تحكمها بالدرجة الأولى مصالحها الخاصة وأمنها القومي، إلا أن الأمر المستهجن وغير المبرر هو أن تحذو الأمم المتحدة حذو تلك الدول بالترويج لوجود إشارات إيجابية من قبل النظام تشجع على إعادة اللاجئين إلى سورية، وأن تكون الأمم المتحدة شريكاً بعمليات ترحيل جماعي وقسري لآلاف السوريين من لبنان، على الرغم من عشرات التقارير من منظمات تتبع الأمم المتحدة نفسها والتي تؤكد خطورة هذه العمليات والمخاطر التي يتعرض لها المرحّلون إلى مناطق النظام والتي تصل إلى حدود القتل تحت التعذيب. هذا الأمر يضع الأمم المتحدة أمام مسؤولية الاشتراك في جرائم الترحيل وسدّ كل الأفق أمام اللاجئين السوريين الذين حُوِّلوا إلى أدوات للبازارات السياسية وللابتزاز في معظم الدول التي لجأوا إليها.

المساهمون