اللاجئون السوريون الحلقة الأضعف

30 يونيو 2024
لاجئون سوريون في هاتاي، 1 يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- على الرغم من عدم تحقيق حل سياسي للقضية السورية بموجب القرارات الأممية، تتجه العديد من الدول لتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد، معتبرةً ذلك أمراً واقعاً ومشروطاً بتحقيق مصالحها الخاصة مثل مكافحة المخدرات وإجراء تغييرات أمنية وعسكرية شكلية.
- تركيا، كلاعب رئيسي وداعم للمعارضة، تبدأ بتطبيع العلاقات مع النظام السوري شريطة التعاون ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بينما تسعى بعض دول الاتحاد الأوروبي لإنشاء مناطق آمنة لإعادة اللاجئين السوريين.
- مسار التطبيع العربي والدولي مع نظام الأسد لم يأت نتيجة تحسن الأوضاع بل استمرار الجرائم ضد الإنسانية، مما دفع الدول المطبعة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد اللاجئين السوريين لدفعهم للعودة أو الهجرة لبلدان أخرى، مع تزايد الحملات العنصرية ضدهم.

توازياً مع عجز المجتمع الدولي عن فرض حل سياسي للقضية السورية بموجب القرارات الأممية الناظمة لهذا الحل، تتوالى الإجراءات والتصريحات من قبل العديد من مسؤولي الدول التي يبدو أنها سلّمت بوجوب التعامل مع نظام بشار الأسد أمراً واقعاً، وفق وضعه الحالي، وتطبيع العلاقات معه بشرط تحقيق بعض المتطلبات الخاصة بمصالح تلك الدول.

وقد بدأ مسار التطبيع مع النظام من العديد من الدول العربية، التي أعادته إلى جامعة الدول العربية وفتحت أبواب التطبيع معه، على أمل فك ارتباطه ولو جزئياً بإيران، ومقابل تعاونه في مكافحة المخدرات التي تصنع في سورية وتعبر تهريباً إلى تلك الدول. طبعاً بالإضافة إلى إجراء تغييرات شكلية على مستوى الأمن والجيش.

وانتقل بعدها تفعيل مسار التطبيع إلى تركيا، اللاعب الأهم بين دول المنطقة، والداعم والحاضن الأبرز للمعارضة. وبدأت أنقرة تطرح إعادة العلاقات مع النظام في دمشق بشرط تعاونه معها في إبعاد خطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" عن حدودها الجنوبية، لدرجة أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان طرح على النظام فكرة التعاون مع المعارضة لمواجهة خطر "قسد"، وكأن مشكلة السوريين هي وجود "قسد" وليس النظام.

وامتدت موجة التطبيع لتشمل بعض دول الاتحاد الأوروبي التي بدأت تطرح مشاريع لإنشاء مناطق آمنة لدى النظام من أجل إعادة اللاجئين السوريين إليها.

وعلى الرغم من أن مسار التطبيع العربي والدولي مع نظام الأسد لم يأت بسبب زوال الأسباب التي دفعت الدول المطبعة إلى قطع علاقاتها معه، بل على العكس ارتكب النظام مئات الجرائم بحق السوريين، والتي يرقى معظمها لجرائم ضد الإنسانية خلال الفترة اللاحقة للقطيعة معه، إلا أن الدول المطبعة اتجهت لاتخاذ إجراءات بحق اللاجئين الذين هجّرهم النظام وارتكب جرائم بحقهم كأولى خطوات التطبيع.

عدة دول عربية بدأت باتخاذ إجراءات صارمة بحق اللاجئين السوريين بهدف التضييق عليهم ودفعهم للعودة إلى سورية أو متابعة رحلة اللجوء لبلدان أخرى. في المقابل، بدأت بعض الدول الأوروبية تتشدد في قبول طلبات لجوء السوريين، فيما تروّج دول أخرى لمناطق سيطرة النظام كمناطق آمنة يمكن إعادة اللاجئين إليها، رغم التقارير الحقوقية التي تتحدث عن عمليات اعتقال وانتهاكات ارتكبت بمن ضاقت بهم السبل وعادوا إلى تلك المناطق.

أما تركيا التي تؤوي العدد الأكبر من اللاجئين السوريين فقد عمدت توازياً مع الترويج لمصالحة مع النظام، إلى القيام بحملات أمنية في معظم الولايات التركية استهدفت خلالها اللاجئين، سواء من خلال ترحيل كل من يرتكب أية مخالفة، حتى وإن كانت مخالفة مرور أو من خلال التضييق عليهم، لدفعهم إلى مغادرة الأراضي التركية؛ إما بالعودة للداخل السوري أو الهرب غرباً باتجاه أوروبا. طبعاً هذا عدا عن الحملات العنصرية التي يواجهها السوريون في معظم الدول التي لجأوا إليها، الأمر الذي يجعل من اللاجئين السوريين في تلك الدول الحلقة الأضعف، والضحية الأولى لسياسات المصالح مع نظام بشار الأسد.

المساهمون