أعلن رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) أستاذ القانون عبيد الوسمي، اليوم الأربعاء، عن تقديم طلب عقد اجتماع عاجل لمكتب المجلس للنظر في التحفظ على صناديق اقتراع الانتخابات النيابية، التي جرت أخيراً في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، تمهيداً لفتحها وإعادة فرز الأصوات والتحقق من سلامة المحاضر والكشوفات المودعة داخل الصناديق، ودعوة مرشحي كافة الدوائر الانتخابية لحضور هذه الإجراءات وفق جدول زمني محدد.
وتقدم الوسمي بطلب رسمي، انتشرت نسخة منه على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى مكتب المجلس لإصدار قرار لاتخاذ إجراءات من ستة بنود "بشكل فوري"، تتعلق بـ"التحفظ على صناديق الاقتراع الموجودة بمجلس الأمة"، وذلك "تمهيداً لفتحها وإعادة فرز الأوراق والمحاضر والمستندات التي يوجب القانون تضمينها هذه الصناديق".
كما تضمّن الطلب دعوة كافة مرشحي الانتخابات الأخيرة في الدوائر الانتخابية الخمس وفق جدول زمني يبدأ من يوم الخميس القادم وحتى يوم الثلاثاء الذي يليه، ويُخصص كل يوم لدائرة واحدة باستثناء يوم الجمعة، لحضور "إجراءات فتح وإعادة فرز الصناديق والتحقق من سلامة المحاضر والأوراق المودعة هذه الصناديق والكشوفات ووثائق الجنسية الممنوحة قبل يوم الاقتراع".
وتُعتبر خطوة الوسمي مناورة جديدة في الحرب الدائرة بين معسكر رئيس البرلمان مرزوق الغانم ومعسكر المعارضة، نحو إطالة عمر مجلس 2020، خاصة أن الحكومة أمام مأزق قانوني لحلّ البرلمان، كون المحكمة الدستورية استندت في حكمها الصادر في 19 مارس/آذار الماضي القاضي بإبطال انتخابات مجلس الأمة الأخيرة إلى سابقة جديدة، باعتبار الحكومة لم تتعامل مُطلقاً مع البرلمان المنتخب في سبتمبر/أيلول 2022، وبالتالي ليس ثمة ما يستدعي أن يرفع مرسوم الحل إلى القيادة السياسية، واعتبرت ذلك كافياً لأن يترتب عنه حكمها بإبطال مرسوم الحل، ما يترك خيار الإبطال مجدداً لما استندت إليه المحكمة خياراً متاحاً.
وعلى الرغم من فشل الغانم في عقد أولى جلسات المجلس مطلع الشهر الحالي، بعد عودته بحكم المحكمة الدستورية، واضطراره إلى رفعها لعدم اكتمال النصاب، بعدما حضر إليها 22 نائباً من أصل 50، لكن ينتظر البرلمان عقد جلسته المقبلة، الثلاثاء المقبل، طالما لم يدخل إعلان أمير الكويت حلّ البرلمان موضع التنفيذ الفعلي، حيث يُنتظر أن يُعلن رسمياً عن صدوره بمرسوم أميري، وهو ما يُتوقع أن يستغله الغانم لمناورة أخرى ضد خصومه، من أجل الضغط على رئيس الحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح لحضور الجلسة، وبالتالي تحقيق مكسب سياسي وفرض التعامل مع عودة مجلس 2020 على أنه أمر واقع.
وتعيش الكويت منذ إصدار المحكمة الدستورية حكمها، في 19 مارس/ آذار الماضي، القاضي بإبطال انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، بسبب بطلان مرسوم حلّ البرلمان السابق، وبطلان الدعوة إلى الانتخابات، وبعودة مجلس 2020 المنحلّ، حالة من التوتر في المشهد السياسي، بعدما جاء الحكم مفاجئاً لتوقعات الشارع الكويتي.
وعلى خلاف حالة التفاؤل التي صاحبت أجواء الانتخابات الأخيرة، والضمانات التي منحها أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عبر خطابه الذي تلاه نيابةً عنه وليّ العهد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في 22 يونيو/حزيران الماضي، والذي أعلن فيه إنهاء فصول الأزمة السياسية الممتدة بين البرلمان والحكومة وبدء فصل جديد في العلاقات بينهما، بحلّ مجلس الأمة وتكليف رئيس جديد للحكومة والدعوة إلى انتخابات عامة، وتأكيده على إجرائها بعد إعداد الترتيبات القانونية اللازمة لها.
وتباينت ردود الأفعال على حكم المحكمة الدستورية بدايةً، ولكنها تمايزت لاحقاً بموقفين رئيسيين، الأول موقف المعسكر الذي ينتمي إليه الوسمي بقيادة رئيس مجلس 2020 مرزوق الغانم، مع عدد من أعضاء المجلس، أبرزهم نائبه أحمد الشحومي، وعقدوا أكثر من مؤتمر صحافي شددوا من خلاله على ألا تُجرى انتخابات جديدة إلا بعد إقرار حزمة من القوانين تضمن سلامتها من الناحية القانونية.
بينما كان الموقف الآخر لمعسكر المعارضة، بزعامة النائب محمد المطير، الذي كان أطاح برئيس الحكومة السابق، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وقاد إلى حلّ البرلمان، والذي يرفض عودة مجلس 2020، ويرفض التعامل معه أو مع رئيسه الغانم، واتخذت المعارضة عدة خطوات تصعيدية نحو حلّه من جديد، وهو ما تحقق بعد أن استجاب أخيراً أمير الكويت إلى مطالبهم بإعلانه إعادة حلّ المجلس العائد بحكم المحكمة الدستورية.
وأعلن وليّ عهد الكويت، في 17 إبريل/نيسان الحالي، في كلمة وجهها إلى المواطنين الكويتيين بمناسبة الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، نيابةً عن أمير البلاد، "الانتصار للإرادة الشعبية" بحلّ مجلس 2020، العائد بحكم من المحكمة الدستورية، والدعوة إلى انتخابات عامة في الأشهر المقبلة.
وأُعلن عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد النواف، في 9 إبريل/نيسان الحالي، مكونة من 14 وزيراً اشتملت على تغيير ستة وزراء، وجُددت الثقة بثمانية آخرين، بلا مفاجآت كبيرة سوى مغادرة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان، ووزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبد الوهاب الرشيد، واللذين اعُتبرا عنصري تأزيم من قِبل المعارضة، في خطوة فُسّرت بأنها للتقارب مع المعارضة.