الكويت: حبس الناشط السياسي مساعد القريفة وسط تنديد نواب ونشطاء

24 ابريل 2024
مساعد القريفة (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النيابة العامة في الكويت تقرر حبس الناشط السياسي مساعد القريفة 21 يومًا بتهمة "التطاول على مسند الإمارة" استنادًا إلى تسجيلات من وسائل التواصل الاجتماعي.
- اعتقال القريفة يثير استنكارًا واسعًا من أعضاء البرلمان وناشطين، ويُعيد ذكريات الاعتقالات خلال الحراك الاحتجاجي قبل عقد، مع تحذيرات من عودة هذا النهج.
- تضامن واسع من الشارع السياسي والقوى السياسية مع القريفة، معبرين عن ذلك بوقفات احتجاجية وتصريحات تطالب بالحرية له واحترام الضمانات الدستورية.

قررت النيابة العامة في الكويت، اليوم الأربعاء، حبس الناشط السياسي والمرشح السابق لانتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، التي أُجريت أخيراً في 4 إبريل/ نيسان الجاري، مساعد القريفة، لمدة 21 يوماً وإحالته إلى السجن المركزي، على ذمة التحقيق في قضية "أمن دولة" على خلفية ما تضمّنه خطابه في الندوة السياسية خلال موسم الانتخابات.

وقالت النيابة العامة على منصة إكس، إنها أمرت "بحبس مواطن حبساً احتياطياً لاتهامه بالتطاول على مسند الإمارة في ندوة أقامها بمقره الانتخابي حين ترشحه لانتخابات مجلس الأمة لعام 2024"، مُضيفة أنها "استجوبت المتهم وواجهته بالتسجيلات المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي، وجارٍ استكمال إجراءات التحقيق".

وكان مساعد القريفة قد تحدث خلال ندوته الانتخابية عن "الفرصة الأخيرة" لأسرة الحكم (آل الصباح) في إدارة حكومة دولة الكويت، بسبب سوء نهجها في الإدارة، مُحذراً من استمرار ذات النهج في المرحلة المُقبلة، رغم تشديده على أنّ للأسرة الحاكمة في ذرية الشيخ مبارك الصباح "بيعة في أعناقنا"، وهو ما يُرجح توجيه تهمة "التطاول على مسند الإمارة" إلى القريفة، على خلفية هذا الجزء من الخطاب، والذي بحسب مصادر "العربي الجديد" أنكر التهم الموجهة إليه كافة خلال التحقيق معه في النيابة العامة.

واعتقل جهاز أمن الدولة القريفة، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، وهو ما أثار حفيظة عدد واسع من أعضاء البرلمان، الذين استنكروا اعتقاله من دون استدعائه، ووصفوا الخطوة بـ"التعسف" في استخدام القانون، "على الرغم من كونه معروف الهوية والمكان، ولا يُخشى من هربه إلى خارج البلاد، على اعتبار أن قضيته سياسية وليست جنائية"، كما قال عدد من النوّاب.

وندد النوّاب وعدد من الناشطين السياسين بإجراءات جهاز أمن الدولة ضد القريفة، التي اعتبروها "بوليسية"، بينما كان يمكن استدعاؤه هاتفياً أو بخطاب رسمي، وهو "الإجراء القانوني"، بحسب وصفهم. وحذر هؤلاء من عودة نهج الاعتقالات الذي تزامن مع الحراك الاحتجاجي المعارض قبل عقد من الزمن.

وقال النائب عبد الكريم الكندري على "إكس": "ما حصل مع الناشط السياسي مساعد القريفة قد يحصل مع أي شخص آخر"، مضيفاً: "مواطن كويتي معلوم المسكن يكفي أن يُطلب للحضور رسمياً للنيابة لمواجهته بأي اتهام بدلاً من إلقاء القبض عليه على طريقة "زوّار الليل"، التي لا تليق بدولة الدستور والقانون".

أما النائب عبد الله الأنبعي، فوصف اعتقال مساعد القريفة بـ"الممارسات البوليسية" المرفوضة في دولة القانون والمؤسسات، مستنكراً "التعسف باستخدام السلطة لأغراض التصفيات السياسية"، التي لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وفق تعبيره.

من جهته، قال النائب السابق، المحامي فيصل اليحيى، إن "نهج الاعتقالات والملاحقات السياسية كلّف الدولة والمجتمع الكثير، وهو نهج فاشل بلا أفق، لأنه يحاول أن يقفز على أزمة سوء الإدارة باستعراضه للقوة، وافتعاله أزمة جديدة يُعمّق بها المشكلة ويزيدها تعقيداً"، وطالب بـ"الحرية لمساعد القريفة، والكرامة للشعب الكويتي".

من جانبه، لوّح النائب أنور الفكر بتقديمه استجواباً إلى وزير الداخلية على خلفية اعتقال القريفة، بقوله "صدورنا ضاقت من سياساتكم.. وزير الداخلية استعد"، مُضيفاً: "في الوقت الذي يجب أن تستنفر أجهزة الدولة بعد فشلها في تشغيل ميناء مبارك كقضية قومية ووجودية، وتنهض لتغيير سياساتها ونهجها، نجدها للأسف على طمام المرحوم، وبعيدة كل البعد عن واقع الناس بعودتها لنهج الملاحقات الأمنية".

ومع تصاعد موجة استنكار الشارع السياسي الكويتي لإجراءات القبض على مساعد القريفة، أصدرت وزارة الداخلية بياناً، ظهر اليوم الأربعاء، وضّحت من خلاله أنها قامت بـ"ضبط وإحضار أحد المواطنين وفق الأطر القانونية السليمة"، وذلك "بناءً على قرار صادر من النيابة العامة"، وشددت على أنها "تقوم بتنفيذ القرارات الصادرة من الجهات المختصة في عمليات الضبط وفق القانون".

وعلّق موكل القريفة، المحامي محمد منور، على بيان الداخلية، معتبراً أنها "خالفت بشكل غير مسبوق الأطر القانونية والإنسانية في التعامل مع موكلي مساعد القريفة، حيث تم تغيير ملابسه المدنية التي ضُبط بها وأُجبر بالمخالفة للقانون على ارتداء بدلة السجن عند مثوله للتحقيق، رغم أنه غير مسجون ولم يصدر بعد قرار من النيابة بحبسه احتياطياً، وهو مسلك فيه مساس بكرامة المتهم وحقوقه".

ونُقل مساعد القريفة، بحسب الصحافي عيّاد الحربي، من جهاز أمن الدولة إلى مبنى النيابة العامة "وهو مكبل بالأصفاد وببدلة السجن من العاشرة صباحاً"، ودام التحقيق معه حتى ساعة متأخرة من عصر اليوم الأربعاء، قبل أن تصدر النيابة قرارها بحبسه احتياطياً مدة 21 يوماً، وإحالته إلى السجن المركزي على ذمة التحقيق.

وشارك عدد من القوى السياسية، من بينها "المنبر الديمقراطي الكويتي"، و"الحركة التقدمية الكويتية" في وقفة دعا إليها، مساء اليوم، "مشروع الشباب الإصلاحي" في ديوانه (ملحق متصل بالبيوت يتجمع فيه الرجال)، وذلك للتعبير عن رفض الاعتقال التعسفي وللمطالبة بحرية المعتقل.

ويُعتبر القريفة واحداً من أبرز قادة الشباب في الحراك الاحتجاجي المعارض قبل عشرة أعوام. وتقلّد المعتقل خلال ذلك الحراك منصب عضو المكتب السياسي في "ائتلاف المعارضة" عام 2014، وهو التجمع الذي ضمّ تحت مظلته القوى السياسية المُعارضة في الكويت احتجاجاً على "مرسوم الضرورة" (مرسوم أميري في غياب البرلمان) صدر عام 2012، وقلل بموجبه أمير الكويت الأسبق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح النظام الانتخابي من الإدلاء بأربعة أصوات لأربعة مرشحين في كل دائرة انتخابية، إلى صوت واحد لمرشح واحد فقط في الدائرة. وقاد الائتلاف تجمعات احتجاجية عدة ضد نظام الانتخابات الجديد، كما كان من بين ما تمخّض عن الائتلاف إصداره مسودة لتعديل الدستور الكويتي، اشتملت على تعديل نحو 36 مادة.

وخاض مساعد القريفة انتخابات مجلس الأمة الكويتي لأول مرة عام 2022، والتي شُطب فيها بسبب قانون الانتخابات السابق، الذي يحرم كل من أُدين على خلفية قضايا المساس بـ"الذات الأميرية" من الترشح للانتخابات حرماناً أبدياً، قبل أن يسمح "مرسوم الضرورة" الصادر في 21 فبراير/ شباط الماضي بشأن انتخابات أعضاء برلمان 2024، باستئناف المشاركة السياسية من جديد، في حال "ردّ الاعتبار" إلى المحرومين، وهو ما تحقق للقريفة، حيث ترشح للانتخابات الأخيرة، وعلى الرغم من عدم نيله لعضوية البرلمان، إلا أنه حقق مركزاً متقدماً بحلوله في المركز الـ13 عن الدائرة الرابعة (خمس دوائر في الكويت تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء)، بعد حصوله على 5350 صوتاً.

المساهمون