القوائم المستقلة في انتخابات الجزائر: لماذا تدعمها الرئاسة وتخشاها الأحزاب؟

23 ابريل 2021
مخاوف من سيطرة المستقلين على المشهد السياسي (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

يثير الحضور الكبير للقوائم المستقلة في الانتخابات البرلمانية المبكرة، المنتظرة في الجزائر في 12 يونيو/ حزيران المقبل، قلقا لدى الأحزاب السياسية، خصوصا في ظل وجود تسهيلات أعلنها الرئيس عبد المجيد تبون لصالح المرشحين الشباب في القوائم المستقلة ضمن القانون الانتخابي، كتمويل حملتها، ووجود دعم غير مباشر من الرئاسة. كما تخشى هذه الأحزاب أن يشوش طغيان المستقلين في البرلمان على العمل التشريعي والمشهد السياسي.  ومنذ فترة، بدأت القوى السياسية تعرب عن قلقها إزاء توجه السلطة نحو خيار دعم القوائم المستقلة، لكن مع بدء أولى مراحل الاستحقاق الانتخابي وظهور البيانات الإحصائية التي أعلنتها اللجنة المستقلة للانتخابات، أصبحت الأحزاب السياسية شبه متأكدة من تحول هذا الخيار إلى أمر واقع. وأعلنت أكثر من 3000 قائمة مستقلة عن رغبتها في الترشح، بينها 160 قائمة مستقلة في العاصمة الجزائرية وحدها، و80 قائمة في ولاية تلمسان غربي الجزائر.
ويفسر المحلل السياسي مولود الصديق رهان السلطة على القوائم المستقلة بأنه خيار تسعى من خلاله إلى تمكين تبون من الحصول على "أغلبية رئاسية".
وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "منذ مدة كان واضحا أن السلطة تفكر في الرهان على المجتمع المدني في الانتخابات وفي البرلمان وفي الكيفية التي تمكن من تشكيل حكومة الرئيس"، مضيفاً أنه "منعا لكل مفاجأة سياسية وانتخابية، عمدت السلطة إلى تضمين قانون الانتخابات بندا يسمح للسلطة بتمويل الحملة الانتخابية للشباب المرشحين كمستقلين".
وأردف بالقول "وقد سمعنا الكثير من المعلومات عن وجود تساهل كبير في الإدراة مع القوائم المستقلة، خاصة في عملية جمع التوقيعات، أكثر من ذلك، السلطة خفضت عدد التوقيعات المطلوبة للمستقلين إلى مستوى يمكن معه لأي كان تقديم ترشحه (100 توقيع عن كل مقعد في الولاية)".
إلى ذلك، اعتبر رئيس حزب "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، خلال لقاء الليلة الماضية، أن "وجود القوائم المستقلة في تشكيل كتلة برلمانية قوية لن يغير شيئا، هذه القوائم جاءت من مشارب مختلفة ولها اختلاف في القناعات والبرامج السياسية، ومن الصعب جمعها في إطار كتلة واحدة".
وشدد على أنه "لا يمكن المضي في أي عمل سياسي بدون المؤسسات الحزبية التي توجد في مختلف ربوع الوطن، إلى جانب البعد التوافقي الذي تتمتع به، خلاف الأحرار الذين في الأساس يمثلون كأقصى تقدير ولايتهم".
ولا تطرح الأحزاب السياسية الأمر من قبيل رفض المنافسة الانتخابية، لكنها تتحفظ على سعي السلطة لتوريط المجتمع المدني وجره نحو الانخراط في العمل السياسي.
لكن غاية السلطة، بحسب الكثير من المتابعين، هي حيازة المستقلين على أكبر قدر ممكن من المقاعد النيابية على حساب الأحزاب السياسية، بما يتيح تشكيل أغلبية رئاسية تسمح لتبون بتشكيل حكومته، بدلا من حكومة معارضة في حال لم تتوفر له أغلبية رئاسية. 
وفي هذا السياق، أعرب رئيس حزب "فجر جديد" الطاهر بن بعيبش، خلال ندوة سياسية، عن اعتقاده أن القوائم المستقلة لا يمكن أن تكون لها أغلبية في البرلمان، وقال "كثرة القوائم المستقلة لا تعني أنها ستحصد الأغلبية"، مضيفا أنه "من غير الممكن تشكيل برلمان أو وضع برنامج حكومي من قوائم حرة، من الصعوبة الجمع بين مستقلين جاؤوا من فضاءات مختلفة في برنامج حكومي واحد، ليست لديهم رؤى واحدة أو أفكار سياسية متفق عليها". 

وشكك الكثير من الأطراف، أمس الخميس، في قرار الرئيس الجزائري تمديد آجال إيداع ملفات الترشح حتى الثلاثاء المقبل، بعدما كان مقرراً لها أن تنتهي أمس الخميس، واعتبرته محاولة أخيرة لمساعدة مزيد من القوائم المستقلة التي لم تنه عملية جمع التوقيعات.
وعبر رئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة، في مؤتمر عقده اليوم الجمعة، عن استيائه من ذلك، وقال إن قرار التمديد لم تتم استشارة أي من الأحزاب فيه. وأضاف قائلا "لم نكن من الداعين لتمديدها، ولدينا مخاوف من أن تكون هناك نية مبيتة للرفع من توقيعات جهات أخرى لتتصدر جمع التوقيعات"، بما فيها القوائم المستقلة التي تراهن عليها الرئاسة لتشكيل أغلبية رئاسية في البرلمان. 
وفي وقت سابق، جرى الحديث في الكواليس عن دعم خفي للسلطة لثلاث كتل مستقلة انتظمت بشكل غير مسبوق في قوائم وطنية، وهي "ائتلاف نداء الوطن" الذي يضم مجموعة كبيرة من الجمعيات، وأشرف على إنشائه مستشار الرئيس المكلف بالجمعيات نزيه برمضان، وائتلاف "الحصن المتين" الذي قدم مرشحين في 30 ولاية، إضافة إلى "ائتلاف المسار الجديد".

المساهمون