الغموض يكتنف مصير الانتخابات الليبية والمجلس الأعلى للدولة يُعدّ مبادرة حل

07 أكتوبر 2021
البرلمان الليبي يصرّ على سلوكه الأحادي في إقرار القوانين (Getty)
+ الخط -

تواجه العملية الانتخابية في ليبيا مصيراً مجهولاً بعد إكمال مجلس النواب إقرار القوانين الانتخابية، الرئاسية والبرلمانية، وإصراره على سلوكه الأحادي في إقرار القوانين واختراقه لكل الوثائق الدستورية المنظمة للمراحل الانتقالية في البلاد، ومن بينها الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري الذي يوجب ضرورة التشاور مع المجلس الأعلى للدولة في إعداد القوانين الانتخابية. 

وزاد عدم وضوح موقف المجلس الأعلى للدولة من قتامة الوضع، باستثناء تغريدة للناطق الرسمي باسمه محمد عبد الناصر على حسابه الخاص، عبّر فيها عن رفض المجلس الأعلى لاستمرار مجلس النواب في تصرفاته الأحادية وخرقه للاتفاق السياسي الذي يلزمه بالتشاور مع المجلس الأعلى. ولم يصدر المجلس الأعلى للدولة أي بيان رسمي لموقفه من إقرار مجلس النواب لقانون الانتخابات البرلمانية. 

وكان ممثلون عن المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب قد التقيا في مدينة الرباط المغربية، يومي الخميس والجمعة الماضيين، بهدف إيجاد صيغة توافقية لإصدار القوانين الانتخابية، واتفقا على ضرورة الاستمرار في اللقاءات بينهما ودعوة المجتمع الدولي إلى مراقبة الانتخابات في ليبيا وضمان احترام نتائجها. 

ودعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، خلال لقائه رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، مساء أمس الأربعاء، إلى "ضرورة صياغة إطار قانوني ودستوري للعملية الانتخابية المقبلة، يتوافق عليه الجميع، حتى يساهم في إقامة انتخابات حرة، وتقبل بنتائجها كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية"، وفق المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، في أول إشارة إلى موقف المجلس الرئاسي من التشريعات الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب وموقف المجلس الأعلى للدولة منها. 

 

الإعداد لمبادرة حل

ويرى الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، أن موقف المجلس الأعلى للدولة المتحفظ ضمنياً على سلوك مجلس النواب حيال التشريعات الانتخابية، يأتي في سياق إعداده لمبادرة الحل التي يعتزم طرحها على الأطراف الليبية، خلال الشهر الجاري، بحسب تصريحات سابقة للمتحدثة الرسمية باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة. 

وعلى الرغم من ذلك، لا يرى هراسة، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أية معطيات في الواقع السياسي الحالي يمكن أن تجعل من مبادرة المجلس الرئاسي مقبولة من جميع الأطراف مهما كان شكلها. 

ووفق قراءة هراسة، فإن خرق مجلس النواب للوثائق الدستورية المنظمة للمراحل الانتقالية، لم يتوقف عند حد خرقه للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري، بل أيضاً لخريطة الطريق التي انبثقت من ملتقى الحوار السياسي.

وأضاف هراسة أن "مجلس النواب، عندما أجل موعد الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية بثلاثين يوماً، قام بخرق خريطة الطريق التي حُددت يوم 24 ديسمبر المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن". 

ولفت الناشط السياسي الليبي إلى أن قانون الانتخابات البرلمانية الذي أقره المجلس أخيراً، هو ذات قانون الانتخابات البرلمانية الذي جاء به إلى السلطة عام 2914، ولم يحدث فيه إلا بعض التعديلات، من بينها تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى يناير". 

وتحفظ المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن التعليق على خرق مجلس النواب للوثائق الدستورية الثلاث، الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخريطة الطريق، وقال في تصريح مقتضب إن "مجلس النواب أوفى بكل التزاماته حيال تمكين الشعب من الانتخابات وإرجاع الأمانة له، ويجب على الجميع أن يثق بالشعب". 

من جانبها، ترى الباحثة الليبية في الشأن السياسي مروة الفاخري أن تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى يناير/كانون الثاني يعني أن مجلس النواب سيكون في السلطة إلى حين انتخاب رئيس الدولة، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك، الحفاظ على مكاسب المقربين منه في الانتخابات. 

وترى الفاخري، في حديثها لــ"العربي الجديد"، أن رئاسة مجلس النواب، التي تسيطر على قرار المجلس، وضعت عراقيل في كل التشريعات الانتخابية، من بينها إقصاء الأحزاب عن المشاركة في الانتخابات إلا وفق النظام الفردي، بمعنى أن يُسمح لأي منتسب إلى حزب سياسي ما أن ينتخب، لكن بشخصه، لا على أساس تمثيله لحزبه. 

وتؤكد الفاخري أن رئاسة مجلس النواب تعمدت إقرار كل هذه القوانين بالمخالفة، رغم معرفتها بأن جميع الأطراف، ومن بينها الأحزاب، سترفضها لتصل البلاد إلى نتيجة واضحة، وهي عرقلة الانتخابات. 

وفيما ترى الفاخري أن الضوء الوحيد في نهاية نفق الغموض الذي تمر به المرحلة الانتخابية هو مبادرة المجلس الرئاسي، معبرة ،في ذات الوقت، عن مخاوفها من عدم وضوح الموقف الرسمي للمجلس الأعلى للدولة وإمكانية أن تٌجري صفقات خاصة بين قادته وقادة مجلس النواب لتمرير القوانين الانتخابية الحالية بكل عيوبها للحفاظ على مناصبهم ومكاسبهم.