العراق: هل تؤثر خريطة التحالفات المدنية بنتائج الانتخابات المحلية؟

01 نوفمبر 2023
من انتخابات المجالس في الأنبار، يونيو 2013 (أزهار شلال/فرانس برس)
+ الخط -

لن تشارك جميع القوى السياسية المدنية والليبرالية العراقية في الانتخابات المحلية (الحكومات المحلية)، المقرر أن تُجرى في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بسبب الخلاف حول جدواها وما قد تؤدي إليه نتائجها، لا سيما مع تراجع احتمالات التغيير والإصلاح الذي تنشده هذه القوى في ظل تفشي السلاح لدى بعض الأحزاب إضافة إلى استخدام المال السياسي.

وتبرز تساؤلات عدة حول مشاركة المدنيين في الانتخابات المحلية المقبلة، لا سيما أنها التجربة الأولى لأغلبية الأحزاب التي تشكلت عقب انتهاء التظاهرات الشعبية الواسعة التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019. مع العلم أن غالبية الأحزاب المدنية، لا سيما المشاركة ضمن تحالف "قيم"، لا تمتلك الأموال الكافية لإدارة حملتها الانتخابية أو الترويج لمرشحيها، إضافة إلى احتجاج بعض الكيانات السياسية على ولادة أحزاب تدعي المدنية، لكنها واجهات سياسية جديدة لأحزاب تقليدية.

مشرق الفريجي: المرحلة المقبلة قد تشكل فارقاً انتخابياً واضحاً لصالح القوى المدنية

وعلى الرغم من ذلك، تتسع حدة المنافسة بين الأحزاب المدنية لمحاولة كسب أغلبية الشعب العراقي الذي لا ينوي المشاركة في الانتخابات، خصوصاً مع الاستياء المتفاقم من فشل المنظومة الحاكمة طيلة العقدين الماضيين، وكذلك الانقلاب اللافت في توجهات الحراك المدني من رافض ومطالب بإلغاء مجالس المحافظات إلى القبول بها والدخول على خط الاشتراك فيها في المرحلة المقبلة.

التحالفات المدنية في انتخابات العراق

وتشهد الساحة السياسية المدنية في العراق ثلاثة تحالفات تتبنى الخطاب العلماني والليبرالي وترفع شعار المدنية، أبرزها تحالف "قيم"، الذي يضم الحزب الشيوعي العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحزب البيت الوطني، والحركة المدنية الوطنية، وتكتلات سياسية أخرى غير معروفة. أما التحالف الثاني فهو تحالف "الأساس" الذي يتزعمه النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، الذي تتهمه الأوساط المدنية في العراق بعلاقات وثيقة بإيران، كما أنه عضو في ائتلاف "إدارة الدولة" الحاكم في البلاد، الذي يضم حزب الوعد، وحزب الوتد، وحركة "واثقون"، وحزب الأكثرية. أما التحالف الثالث فهو "تحالف القوى المدنية"، الذي يضم مجموعة أحزاب أغلبيتها غير واضحة الوجهة، ولا تحظى بشعبية كبيرة، أبرزها حزب "الأمة العراقية". ولم يُحدد التحالف بعد مشاركته في الانتخابات من عدمها.

في السياق، يقول رئيس حزب "نازل آخذ حقي" مشرق الفريجي إن "10 أحزاب مدنية اجتمعت لتشكيل هذا التحالف المدني (قيم) برئاسة علي الرفيعي، ونحن نتبنى نهجاً يمثل طموح الشارع العراقي في التغيير الجذري، والمرحلة المقبلة قد تشكل فارقاً انتخابياً واضحاً لصالح القوى المدنية في ظل وجود شخصيات وطنية نزيهة ومؤثرة". ويضيف الفريجي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "بعض الأحزاب من خارج تحالف قيم، تُقدم نفسها على أنها مدنية، لكن قطباً من أقطابها يخطب ود الأحزاب السياسية الإسلامية التي تدور حولها شبهات فساد كثيرة".

من جهته، يشير رئيس حزب "الوعد" موسى رحمة الله إلى أن "تحالف الأساس هو جزء من المشروع المدني والحراك الشعبي"، مؤكداً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "التحالف لديه وجهة نظر في التموضع الانتخابي لتحقيق اختراق كبير داخل مجالس المحافظات لقيام دولة مدنية، ولديه أيضاً مواقف ضد الإسلام السياسي والمحاصصة والفساد والسلاح المنفلت".

ويقلل مراقبون من احتمالات تأثير القوى المدنية الجديدة بنتائج الانتخابات، لا سيما أن القوى السياسية التقليدية باشرت خلال الأسبوعين الماضيين بضخ مبالغ كبيرة لمرشحيها، في إطار حملات التمويل وبدء مرحلة الدعاية الانتخابية الأولية. كما أن الخلافات الشخصية والقيادية داخل التحالفات المدنية أدت خلال المرحلة الماضية إلى تنقل أحزاب من تحالف لآخر، كما جرى مع حزب الوعد العراقي الذي ترك تحالف قيم ولجأ إلى تحالف الأساس.

إحسان الشمري: عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات ربما يُمكّن التيارات المدنية من استقطاب الكثير من مؤيديه 

ويلفت رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إلى أن "بعض الأحزاب المدنية الحالية المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة كانت في وقت ما قريبة من ثوار تظاهرات تشرين 2019، ومن الخطأ أن تُحسب هذه التحالفات على قوى تشرين ومتظاهريها، لأن بعضها حالة ظل لقوى سياسية تقليدية، ناهيك عن كونها تخلت عن شعاراتها التي رفعتها خلال الاحتجاجات الشعبية".

القوى المدنية العراقية والتغيير الانتخابي

ويرجح الشمري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، عدم قدرة الانتخابات المحلية المقبلة على أن تمثل مساحة مناسبة للتغيير الكامل، معتبراً أن "إمكانية وصول ممثلي القوى القريبة من الانتفاضة بشكل كبير إلى مجالس المحافظات ضعيفة بسبب عوامل عدة، من بينها استخدام أحزاب السلطة المال وموارد الدولة في العملية الانتخابية، إضافة إلى فقدان جزء من الأحزاب الجديدة مصداقيتها أمام جمهورها من خلال التورط بالاقتراب من الأحزاب التقليدية والاتهامات بوجود مصالح مالية معها".

ويرى الشمري أن "عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المقبلة ربما سيُمكّن التيارات المدنية المعارضة من استقطاب كثير من مؤيديه نحوها، إذا تأكد غياب التيار الصدري، لأن خيارات الجمهور أمست محدودة بين قوى السلطة وقوائم المعارضة المدنية الديمقراطية".

ومن المقرر أن يُجري العراق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في البلاد منذ إبريل/ نيسان 2013. وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور.

وبحسب بيانات مفوضية الانتخابات العراقية، فإن أكثر من 23 مليون مواطن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات، من بينهم أكثر من 10 ملايين شخص قاموا بتحديث سجلاتهم الانتخابية حتى الآن. وأكدت المفوضية، في وقتٍ سابق، أن 296 حزباً سياسياً انتظمت في 50 تحالفاً ستشارك في الانتخابات، ويتنافس المرشحون على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام، وجرى تخصيص 75 منها ضمن كوتا للنساء و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية.


 

 

المساهمون