العراق: مفاوضات وحراك أممي بشأن موعد الانتخابات ومخاوف من تأثير سلاح المليشيات

13 يناير 2021
شهد العراق أمس الثلاثاء اجتماعاً رفيع المستوى ضم كبار المسؤولين (الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر عراقية في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن مشاورات واسعة تجريها الأطراف السياسية الرئيسة في البلاد، بهدف حسم الجدل حول موعد إجراء الانتخابات المقرر في السادس من يونيو/ حزيران المقبل، أو الذهاب إلى تأجيله لنهاية العام الحالي، وهو ما تؤيده كتل برلمانية بارزة وتعارضه كتل ثانية، وتضع ثالثة شروطا أمام ذلك. 

وكان قد عُقد أمس، الثلاثاء، اجتماع مغلق في بغداد، هو الأول من نوعه منذ عدة أشهر، ضم رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، إلى جانب رئيس مجلس القضاء الأعلى ومسؤولين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبحضور المبعوثة الأممية في العراق جينين بلاسخارت.

وشهد العراق، مساء أمس الثلاثاء، اجتماعاً رفيع المستوى ضم كبار المسؤولين في البلاد، وحضرته ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت، للتأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات العراقية المبكرة بعيداً عن سطوة السلاح، وتأمين سبل المشاركة الواسعة في العملية الانتخابية. 

وأكدت الرئاسة العراقية، في بيان، أن الرئاسات الثلاث، رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، عقدوا اجتماعاً في بغداد بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ووزير الخارجية فؤاد حسين، وأعضاء مفوضية الانتخابات، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، لبحث سبل ضمان نزاهة الانتخابات. 

 وأكد المجتمعون على ضرورة اتخاذ كافة التدابير والاستعدادات الكفيلة بإجراء الانتخابات المبكرة، عبر توفير الشروط الضرورية التي يمكن أن تضفي على نتائجها أقصى درجات المصداقية، وتضمن التمثيل الحقيقي لجميع العراقيين، وتمكينهم من اختيار ممثليهم من دون تأثيرات وضغوط، وبعيداً عن سطوة السلاح، لتكون نتائجها متوافقة مع الإرادة الشعبية وإيمانها الكامل بتمثيلهم في الحكومة ومجلس النواب. 

وفيما أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً أكد فيه على ضرورة تحديد موعد نهائي للانتخابات التي يدور جدل بشأن تاريخ إجرائها، شدد رئيس المجلس فائق زيدان، في البيان، على "ضرورة تحديد موعد واقعي للانتخابات، لتتمكن مفوضية الانتخابات من إجراء انتخابات حرة ونزيهة". 

وفي هذا السياق،كشفت مصادر عراقية مطلعة في المنطقة الخضراء ببغداد، تضم نائبا بارزا في البرلمان، عن حراك واسع تجريه عدة أطراف سياسية وبدعم بعثة الأمم المتحدة بغية حسم موعد الانتخابات خلال الأيام المقبلة، مؤكدة أن من المقرر أن تشهد ليلة اليوم، الأربعاء، اجتماعاً لقادة كتل تحالف الفتح ودولة القانون بهدف الخروج بموقف موحد من موعد الانتخابات الذي تطرحه الحكومة في منتصف العام الحالي. 

عدة كتل عراقية، أبرزها تحالف "الفتح"، و"دولة القانون"، و"صادقون" و"عطاء"، وقوى كردية، ترغب بتأجيل موعد الانتخابات إلى نهاية العام

وكشفت المصادر عن وجود رغبة لدى كتل عدة، أبرزها تحالف "الفتح"، و"دولة القانون"، و"صادقون" و"عطاء"، وقوى كردية، لتأجيل موعد الانتخابات إلى نهاية العام، وتدفع باتجاه ذلك، لكن هناك بالمقابل كتلا أخرى تدعم إجراء الانتخابات بموعدها الذي أقرته حكومة مصطفى الكاظمي وهو السادس من يونيو/ حزيران المقبل، وأبرز تلك الكتل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم. 

 بالمقابل، تطالب كتل أخرى، مثل ائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، وتحالف "القوى العراقية" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وكتلة "جبهة الإنقاذ" بزعامة أسامة النجيفي، وقوى أخرى أقل تأثيرا بالمشهد السياسي، بتوفير ضمانات قبل إجراء الانتخابات، أبرزها إشراف أممي ودولي على الانتخابات وسحب المليشيات من مراكز المدن وإبعاد تأثيرها على الناخبين واعتماد البطاقات البايومترية التي تحول دون التصويت أكثر من مرة أو تزوير أسماء الناخبين والتصويت بدلاً عنهم.  

وكشف أحد المصادر أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وكتل أخرى تذهب إلى تأييد مشروع استصدار قرار بمجلس الأمن الدولي لتأمين مراقبة دولية للانتخابات العراقية، وتوفير أجواء نزيهة لإجراء عملية الاقتراع، مع الاستجابة لمخاوف بعض الكتل ،خاصة في مدن شمال وغرب العراق، بشأن المليشيات وضرورة سحبها من مراكز المدن والبلدات قبل إجراء الانتخابات، في الوقت الذي تعارض فيه كتل أخرى ذلك وتعتبره فرض وصاية دولية على العراق بدفع أميركي. 

ولفت، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستحدد موقفاً رسمياً من قبل مفوضية الانتخابات التي سيكون عليها الإعلان بشأن إمكانية تجهيز نفسها، من مراكز الاقتراع إلى فرق الانتخابات وكل الأمور الفنية الأخرى خلال الأشهر الخمسة المتبقية أو الذهاب إلى تحديد موعد آخر، لكن على ألا يتجاوز هذا العام. 

وكان مستشار الحكومة لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي قد كشف في وقت سابق، عن أن مجلس الأمن يدرس مشروع قرار يقضي بمراقبة الانتخابات العراقية، مؤكداً في حديث نقلته وكالة الانباء العراقية (واع)، أن الانتخابات العراقية محط اهتمام دولي واسع. 

في السياق ذاته، حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اليوم الأربعاء، من محاولات تأجيل الانتخابات التي حددت الحكومة موعدها في السادس من يونيو/ حزيران المقبل، بينما يؤكد برلمانيون أن موعد الانتخابات قد يؤجل أربعة أشهر أخرى.  

وقال مسؤول المكتب الإعلامي للتيار الصدري حيدر الجابري، في بيان، إن زعيم التيار أشار إلى "وجود أصوات تعلو لإلغاء أو تأجيل الانتخابات المبكرة، سواء من الأحزاب أو مثيري الشغب"، محذراً من تأجيلها، ومعبراً عن أمله في أن يتحلى الجميع بالحكمة والعمل معاً على إنجاح العملية الانتخابية. 

وطالب الصدر المواطنين بالإسراع في تحديث سجلاتهم حتى مَن كان منهم مقاطعاً للانتخابات، فضلاً عمن أراد الخوض فيها، مؤكداً تأييده لجهود الحكومة لمحاسبة الفاسدين.  

من جانبه، توقع عضو البرلمان أحمد الكناني تأجيل الانتخابات المبكرة حتى الـ30 من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الحالي، بسبب وجود قوى سياسية غير راغبة بإجرائها في موعدها المحدد، موضحاً خلال مقابلة متلفزة، أن الانقسام السياسي لن يؤدي إلى نتائج انتخابية مقبولة. 

وأشار إلى أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2018، شهدت وجود سطوة سياسية واضحة أثرت على خيارات الناخبين، محذراً من احتمال حدوث عزوف عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، ولفت إلى وجود امتعاض شعبي من أداء البرلمان والحكومة، داعياً إلى الاحتكام للآليات الديمقراطية في التغيير.  

واليوم، الأربعاء، قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي إنها تلتزم بالموعد المحدد لإجراء الانتخابات المبكرة. وذكرت لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "المفوضية تعمل بجهد مستمر، كما أن رئاسة الوزراء وجهت مؤسسات الدولة وكل الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية بأن تقف وقفة واحدة بمساعدة مفوضية الانتخابات"، موضحة أن "مفوضية الانتخابات وضعت جدولاً زمنياً محدداً حتى يوم 6/6/2021 لإجراء الانتخابات". 

لكن رئيس كتلة بيارق الخير محمد الخالدي استبعد، في إيجاز صحافي قدمه اليوم الأربعاء، إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي من المقرر أن تجري في يونيو/ حزيران المقبل، وفقاً لما حددته الحكومة. 

وأوضح أن "إجراء الانتخابات المبكرة في يونيو/حزيران المقبل صعب جداً، لأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات غير مستعدة فنياً لذلك، والانتخابات ستؤجل على أقل تقدير حتى أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الحالي، من أجل تهيئة المناخ وكذلك استكمال إصدار البطاقات البايومترية".

وحذر الخالدي من أن "عمليات تزوير الانتخابات المبكرة ستكون أكبر من سابقتها في حال عدم اعتماد البطاقة الانتخابية السابقة فقط، وهناك قوى سياسية تسعى لإبقاء البطاقة القديمة من أجل التزوير".

المساهمون