بعد يوم واحد من فشل جلسة جديدة للبرلمان العراقي للتصويت على رئيس للبلاد، أعلن تحالف "الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة لعدد من القوى والأحزاب السياسية الحليفة لطهران في العراق، أنه يبحث إطلاق مبادرة للخروج من حالة الانسداد السياسي، من دون أن يكشف عن تفاصيلها، لكن مصادر سياسية في بغداد قالت لـ"العربي الجديد" إن المبادرة تأتي ضمن حراك إيراني جديد لحلّ الأزمة بين الفرقاء السياسيين.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد فقط من فشل البرلمان العراقي، للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع، في المضي بجلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقدها، بواقع 220 نائباً من أصل 329 نائباً.
ونجح تحالف "الإطار التنسيقي" في تعطيل جلستي البرلمان الأخيرتين، ما حال دون مضي مشروع تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يضم "التيار الصدري" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" وتحالف "السيادة"، في تمرير منصب رئيس الجمهورية، والذي يترتب عليه أن يتولى مهمة تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة.
ووفقاً لعضو تحالف "الإطار التنسيقي" النائب عطوان العطواني، فإن تحالفه يستعد لـ"إطلاق مبادرة سياسية جديدة خلال الأيام المقبلة، تهدف إلى حلحلة الأزمة السياسية".
وأوضح العطواني، في تصريح للصحافيين اليوم الخميس، أن "المبادرة ستقدم مشروعاً لإدارة الدولة، وهو لا يعني تشكيل حكومة توافقية، بل إيجاد آلية عملية منتجة لإدارة البلد لا تقصي أحداً"، مؤكداً أن "المبادرة لا تختص بكتلة أو مكوّن معين، بل هي شاملة لجميع الكتل ومكونات الشعب العراقي".
وأكد أن "المبادرة في طور الإعداد، وأنها ستسلَّم لزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، ولعلها تشهد قبول جزء منها"، مشيراً إلى أن "أفكاراً قد تمهد لمعالجة الانسداد السياسي، وسيكون هناك حوار مع كل المكونات بخصوص المبادرة"، قائلاً: "نرفض إجبار أي طرف على الذهاب إلى المعارضة".
ولم تتضح بعد تفاصيل المبادرة التي يعمل "الإطار التنسيقي" على تبنيها رسمياً، لكن مصادر سياسية في بغداد، بينها عضو في التحالف نفسه، قالت لـ"العربي الجديد" إن المبادرة تأتي ضمن "دفع إيراني جديد لطرفي الأزمة للتوصل إلى حل توافقي".
وأضاف المصدر ذاته أن "زعيم "التيار الصدري" يضع عدة خطوط حمراء أمام أي مبادرة لا تضمن حقه بتشكيل الحكومة الجديدة، لذا قد يتضمن الحراك الجديد تفاهماً حيال هذا الأمر، لكن الأهم لدى الإطار التنسيقي في المقابل أن حقّ تشكيل الحكومة يبقى حكراً على الكتلة الأكبر في البرلمان، التي يجب أن تكون من القوى السياسة الشيعية فقط"، على حدّ تعبيره.
وكان زعيم "التيار الصدري" قد أكد، يوم أمس الأربعاء، في تغريدة له عبر "تويتر"، أن الانغلاق السياسي أهون من التحالف مع "الإطار التنسيقي"، معتبراً أن التوافق معهم يعني "نهاية البلد".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) March 30, 2022
وقلّل النائب عن "التيار الصدري" عصام حسين من أهمية المبادرة التي يريد الإطار إطلاقها.
وقال حسين، في تصريح متلفز: "نعتقد أن المبادرة تخص الإطار وليس بقية القوى المقاطعة للجلسة، إذ إن المعترضين يمثلون 25 حزباً يجب التنسيق معهم جميعاً من قبل (هادي) العامري"، مؤكداً أن "الحديث عن مبادرة تشارك بها جميع القوى والنواب، البالغ عددهم 329، لإدارة البلد، غير واقعية، إذ لا يمكن إرضاء أطراف بهذا العدد وتقاسم السلطة معهم".
وشدد على أن "بناء الدولة يحتاج لمعرفة هوية الحكومة الجديدة، ليستطيع الفرد العراقي أن يميز هل هوية هذه الحكومة صدرية أم دعوية (حزب الدعوة) مثلاً، بغية تشخيص مكامن الخلل ومن الجهة المسؤولة".
وأمس الأربعاء، قال رئيس الوزراء الأسبق والقيادي في "الإطار التنسيقي" نوري المالكي، إن "تحالف الإطار التنسيقي والمتحالفين معه أكدوا قوة الثلث الضامن الذي ثبت اليوم بمنع عقد جلسة نعدها خطيرة"، مضيفا: "أعددنا ورقة مبادرة لإيجاد حلّ لحالة الاختناق، بعدما تأكد أن التحالف الثلاثي لم يتقدم بمبادرة إيجاد حلول واقعية تضمن العملية السياسية من الانهيار".
وأشار المالكي إلى أن "اليوم وغداً يبدأ الحوار بين القوى المتحالفة لإنضاج المبادرة، والانطلاق بها إلى باقي القوى والمكونات السياسية". وختم بالقول: "نأمل النصر إن شاء الله لحماية العراق من الفوضى والانهيار".
#المالكي pic.twitter.com/Bm2a7Ztyee
— Nouri Al-Maliki (@nourialmalikiiq) March 30, 2022
يشار إلى أن الإخفاق الجديد بعقد الجلسة يضع الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ نحو 5 أشهر أمام منعطفات جديدة، بعد تلويح كتل سياسية بحلّ البرلمان، والذهاب إلى انتخابات جديدة مبكرة، وطرح قوى أخرى الذهاب إلى المحكمة الاتحادية العليا في العراق بشأن الفراغ الدستوري المترتب عن الإخفاق في اختيار رئيس جديد للجمهورية، الذي يتولى بعد تسميته تكليف الكتلة الكبرى تشكيل الحكومة.