الأزمة السياسية في العراق: غموض بموقف حلفاء الصدر إزاء دعوته لهم التوجه لحل البرلمان

09 سبتمبر 2022
مخاوف من اشتداد الأزمة السياسية في البلاد (Getty)
+ الخط -

جدد الغموضُ الذي يلف موقف حلفاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (تحالف "السيادة"، الممثل السياسي عن العرب السنة في العراق، والحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان بزعامة مسعود البارزاني، إزاء دعوته لهم أمس الخميس، بالتوجه نحو حل البرلمان) المخاوفَ أمام اشتداد الأزمة السياسية في البلاد، وسط حديث عن احتمالات متعددة، قد يكون النزول إلى الشارع مرة أخرى واحدا منها.

وكان الصدر الذي انسحب من العملية السياسية، واستقال نواب كتلته من البرلمان منتصف يونيو/ حزيران الماضي، قد أكد حينها أن حلفاءه في حل منه، إلا أنه عاود أمس ولأول مرة تسميتهم "الحلفاء".

 وفسر مراقبون هذه المحاولة بعدة أوجه، منها ما اعتبر أنها لكسبهم إلى جانبه بعد أن ردت المحكمة الاتحادية العليا طلب حل البرلمان، وأكدت أنه ليس من صلاحيتها، بل من صلاحية البرلمان نفسه، وآخرون اعتبروها محاولة ضغط جديدة لتعطيل أي جلسة برلمانية مقبلة يهيئ لعقدها تحالف "الإطار التنسيقي"، بعد انتهاء مراسم الزيارة الدينية (الأربعينية) منتصف الشهر الحالي.

ووسط حالة من الترقب في الشارع العراقي، لما ستؤول له الأمور في البلاد، لم يصدر أي رد من "الحلفاء" حتى الآن على دعوة الصدر، في مؤشر على ترددهم بقبول الدعوة، ما قد يدفع باتجاه تفكك هذا التحالف، وعزلة الصدر سياسيا بموقف مخالف للجميع، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام احتمالات كثيرة.

الصدر يلقي الكرة في ملعب حلفائه

ولم يجر الصدر أي اتصالات مع زعماء تحالف "السيادة"، أو الحزب الديمقراطي الكردستاني، لإقناعهم برؤيته والضغط عليهم للقبول بها، وفقا لمصدر سياسي عراقي مطلع، مبينا أن "دعوة الصدر واضحة وقد ألقى الكرة في ملعب حلفائه، وقد أكد لهم أن تحالفهم معه قائم، في حال الاستجابة لطلبه بتوجههم نحو حل البرلمان، ما يحتم عليهم أن يحسموا أمرهم باتخاذ قرار إزاء ذلك".

وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "الصدر لم يجر أي اتصالات سياسية مع أي طرف، ولم يحاول حتى الضغط على الحلفاء للتجاوب مع الدعوة"، مؤكدا أن "التيار الصدري يأمل أن يخطو حلفاؤه الخطوة التي تنهي الأزمة في البلاد، وتحصر التوجه نحو الانتخابات المبكرة، في وقت يتعرض حلفاء الصدر إلى ضغوط من قبل الجانب الآخر (تحالف الإطار التنسيقي) الذي يريد استئناف عمل البرلمان".

وأكد أن "المشهد في العراق قد يذهب نحو التعقيد في حال عدم استجابة حلفاء الصدر لدعوته، وهو ما يعني تضييق خيارات الصدر، ما قد يفتح الباب أمام نزول أنصاره مجددا إلى الشارع".

القيادي في التيار الصدري، علي التميمي، حمّل في تدوينة له، حلفاء التيار مسؤولية اتخاذ قرار حاسم "حقنا للدماء"، وقال إن "تضحيات التيار الصدري باستقالة نوابه الـ 73، والتضحية بمنصب رئيس الوزراء، و9 وزارات، ومئات الدرجات الخاصة، وفق وزن التيار السياسي، لكي لا تشكل حكومة توافقية، مع سقوط أكثر من 53 شهيدا و300 جريح، تستوجب من الكتل الوطنية رد هذا الموقف الوطني بموقف وطني يخلدهم بالتاريخ من خلاله، حقنا للدماء، وليثبتوا معارضتهم للتوافقية والمحاصصة المقيتة، والتي هي سبب كل مشاكل النظام السياسي العراقي".

طريقتان لحل البرلمان

المتحدثة باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني البرلمانية، النائبة فيان دخيل، أكدت في تصريح متلفز، على "وجوب وجود عقد بين الأطراف السياسية لقبول نتائج الانتخابات المقبلة حال حصولها"، مبينة أن "موقفا واضحا لدينا كما بينه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بأنه لسنا بالضد من الانتخابات المبكرة".

وأشارت إلى "طريقتين لحل البرلمان كما هو واضح في الدستور العراقي، إما بطلب من ثلث أعضاء البرلمان (الأغلبية البسيطة)، أو بطلب من رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية، الذي يحوله بدوره إلى البرلمان وبتصويت الأغلبية البسيطة"، فيما لم تؤكد موقف كتلتها إزاء ذلك.

النائب عن كتلة التغيير الكردية، هوشيار عبد الله، توقع عدم استجابة حلفاء الصدر لدعوته، وقال في تغريدة له، "أعتقد أن التيار الصدري سيصاب مرة أخرى بخيبة أمل ممن سماهم بحلفائه (الكرد والسنة)، وخاصة بشأن انتظار انسحابهم من البرلمان .. أتمنى من البارزاني والحلبوسي أن يلبوا طلب الصدريين وينسحبوا من هذه الدورة التي، حسب رأي المحكمة الاتحادية، خرقت الدستور بشكل صريح! .. ننتظر استجابتهم!".

أما النائب المستقل، حسين عرب، فقد أكد أن "الانتخابات المبكرة وحل البرلمان هو الطريق الوحيد لحل الأزمة الحالية، وأن أي حديث عن حل آخر هو مضيعة للوقت لا أكثر"، مشددا "الأفضل أن يتفق الجميع على الموعد والتفاصيل الخاصة في القانون والآلية التي ستتبعها مفوضية الانتخابات …".

ووسط هذا الغموض تتصاعد المخاوف من تجدد التصعيد بين القوى المتخاصمة في العراق "التيار الصدري والإطار التنسيقي" على أثر قرار المحكمة الاتحادية الذي رفض أمس الأول الأربعاء دعوة حل البرلمان، وسط مناشدات للبحث عن مبادرة للتهدئة، قبل خروج الأزمة عن السيطرة.

وتتلخص محاور الأزمة السياسية العراقية، حاليا في إصرار قوى "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى السياسية القريبة من طهران، على استئناف جلسات البرلمان العراقي ومعاودة عمله بشكل كامل، وانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلا عن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي الذي تراه قوى "الإطار التنسيقي"، سببا في تراجع مقاعدها البرلمانية بالانتخابات الأخيرة، كما تصر على تغيير مفوضية الانتخابات، قبل الذهاب إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

بالمقابل يرفض التيار الصدري ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر، كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة، مع رفعه مطلبا آخر وهو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية التي تولت فعليا منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة وعددهم 11 عضوا بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية.

وإلى جانب ذلك يرفض التيار الصدري أيضا تعديل قانون الانتخابات ويصر على بقائه، وهو القانون الذي اعتمد نظام الدوائر المتعددة والفوز للنائب الأعلى أصواتا، على خلاف القانون السابق المعروف بقانون (سانت ليغو) الذي منح أغلبية عددية للقوى السياسية الكبيرة على حساب القوى السياسية الناشئة والصغيرة، بسبب بند القاسم العددي في توزيع أصوات الدوائر الانتخابية، كما يرفع الفيتو أمام أي حكومة تتشكل سواء كانت مؤقتة أو دائمة، من خلال مشاركة كتلتي "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي و"صادقون"، بزعامة قيس الخزعلي، ولمح إلى قبوله إسناد ذلك للمستقلين كحل وسط، على لسان أعضاء فيه خلال تصريحات سابقة لهم.

المساهمون