العراق: تفاهمات للمضيّ بانتخاب رئيس للبرلمان

03 مارس 2024
يؤشر التفاهم على انقسام واضح داخل القوى السياسية العربية السُّنية (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

اتفقت ثلاث من القوى العربية السُّنية في العراق ليل أمس السبت، على المضيّ بإجراءات انتخاب رئيس جديد للبرلمان، بمعزل عن حزب رئيس المجلس المقال محمد الحلبوسي "تقدم"، الأمر الذي يؤشر على انقسام واضح داخل القوى السياسية العربية السُّنية، والذهاب نحو فرض الأغلبية العددية وليس التوافق.

وتتواصل أزمة اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي منذ نحو 4 أشهر، دون أن تسفر أي من المفاوضات السابقة عن تفاهمات حيال الشخص المرشح لشغل المنصب الذي درجت على أن يكون من العرب السُّنة، ضمن نهج المحاصصة الطائفية المعمول به في العملية السياسية في العراق عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.

ومساء أمس، اجتمعت أحزاب "العزم"، و"السيادة"، و"الحسم"، و"الجماهير"، ونواب مستقلون، طرحوا نفسهم بمسمّى "الأغلبية السُّنية" بحضور عدد من القيادات السياسية، في بغداد لمناقشة ملف منصب رئيس مجلس النواب.

وعلى إثر الاجتماع، أكدت القوى في بيان لها، توصلها إلى "اتفاق نهائي يهدف إلى استكمال هذا الاستحقاق الدستوري وضرورة إكمال إجراءات انتخاب رئيس جديد للمجلس، وإدراجها كفقرة أولى في أول جلسة انعقاد للمجلس"، مبينة أن "ممثلي المكون السُّني أكدوا أن الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية لا تؤثر بإجراءات الانتخاب، ولا تشكل أي عائق لاستكمال هذه العملية الدستورية المهمة، وأن تحقيق التوافق السياسي يُعدّ أمراً ضرورياً لاختيار رئيس جديد للمجلس".

وأشارت إلى أن "الأغلبية البرلمانية قررت مواصلة إجراءاتها لانتخاب رئيس جديد من بين المرشحين المثبتين لدى رئاسة المجلس، وهي ملتزمة العمل بشكل حثيث لتحقيق هذا الهدف"، داعية جميع الشركاء السياسيين إلى "الانضمام إلى هذا المسار حفاظاً على العملية السياسية، واحتراماً للأعراف السياسية والنهج الديمقراطي، وهو أمر سيعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويسهم في تحقيق تطلعات شعبنا العراقي، وخصوصاً سكان المحافظات المحررة".

وشدد رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، على عدم إمكانية استمرار تعطل المنصب، قائلاً لعدد من وسائل الإعلام المحلية، مساء أمس، إن "الأيام المقبلة ستشهد عقد جلسة، وسنرسل وفوداً إلى جميع الأطراف من أجل بيان وجهة نظرنا".

مقابل ذلك، رفض حزب "تقدم" هذا التوجه، معتبراً إياه محاولة تزييف وأن الأغلبية السُّنية تتمثل بحزب "تقدم"، وقال في بيان: "نستغرب ونرفض البيان الصادر من أحزاب السيادة والحسم وعزم بوصفهم لأنفسهم أغلبية المكوّن السُّني، ومحاولاتهم شراء ذمم بعض النواب بدفع أموال طائلة ومحاولات ترغيب البعض الآخر"، مبيناً "أنهم لا يملكون أغلبية المكوّن السُّني في مجلس النواب، ولا يمكن لغربال التزييف أن يغير الحقيقة الثابتة لأغلبية المكون السُّني المتمثلة بتقدم".

ودعا الحزب من وصفهم بـ"شركائنا في الوطن"، إلى "عدم التعامل مع هذه الأكاذيب التي لا حقيقة لها على مستوى التمثيل البرلماني، أو المجتمعي"، داعياً رئيس الوزراء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والهيئات الرقابية كافة، إلى وقف مزاد البيع والشراء الذي أساء للعملية السياسية، وعدم السكوت عن هذه التصرفات التي لا تليق بالبلد، وفتح تحقيق عالي المستوى".

وأضاف: "نؤكد تمسكنا بحق تمثيل الأغلبية البرلمانية الممثلة للمكوّن السُّني التي أفرزتها نتائج الانتخابات والتمثيل النيابي الحالي".

وفي السياق، قال نائب في البرلمان العراقي عن التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إن تحالفه سيدعم أي أغلبية سياسية سُنية في الاتفاق على مرشح. وأضاف في اتصال عبر الهاتف طالباً عدم ذكر اسمه، لكونه غير مخوّل بالحديث عن موقف التحالف ككل، أن "البلاد بحاجة لرئيس برلمان لوجود قوانين وتحديات كثيرة، وبقاء المنصب شاغراً منذ أربعة أشهر مشكلة سياسية وتشريعية".

وبيّن أن "الخطوة التي اتخذتها القوى السُّنية جيدة، لكنها تمثل انقساماً جديداً داخل القوى السياسية السُّنية ينذر بتشرذم جديد".

إلى ذلك، عدّ رئيس كتلة "تقدم" البرلمانية، النائب يحيى المحمدي، الخطوة تجاوزاً على الاستحقاقات، وقال في تدوينة له إن تلك اللقاءات دون التفاهم مع "تقدم"، هي "تجاوز على الاستحقاقات وضرب للأعراف السياسية".

وفي السياق، قال الباحث في الشأن السياسي مجاهد الطائي، في تدوينة له على "إكس"، إن "الإطار التنسيقي غذى الخلافات بين أربيل والسليمانية، وعقّد الانقسام الكردي ــ الكردي، وفعل ذات الأمر مع القوى السُّنية بدعم طرف على حساب آخر، وكل فترة يدعم طرفاً وحسب المعادلة السياسية، لكن عندما تحالف الصدر مع الكرد والسُّنة، اتهموهم بقيادة مؤامرة تستهدف المذهب، وهاجموا مقارّهم وأطلقوا الكاتيوشا!".

وأرجأت المحكمة الاتحادية في العراق، الثلاثاء الماضي، البتّ في الدعوى المرفوعة بشأن شرعية جلسة البرلمان في العراق الخاصة باختيار رئيس له، إلى مطلع شهر إبريل/ نيسان المقبل، والتي تسلمتها منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، وهي دعوى ببطلان ترشيح شعلان الكريم لمنصب رئيس البرلمان على خلفية انتشار تسجيل سابق له، اعتبرته أطراف سياسية "تمجيداً" للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهي تهمة، في حال ثبوتها، تعني رفع الحصانة عنه، وإحالته على القضاء، وفقاً للقانون المعمول به عراقياً، والمعروف باسم "اجتثاث البعث". وقدّم الدعوى يومها النائبان عن الإطار التنسيقي، يوسف الكلابي وفالح الخزعلي.

وكانت قوى "الإطار التنسيقي" قد أكدت في تصريحات متتابعة، أن مصير جلسة البرلمان لاختيار رئيس جديد له مرهونة بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص شرعية الجلسة السابقة.

وعلى مدى أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي، أخفق البرلمان بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، حيث تمسكت الكتل العربية السُّنية الثلاث، "تقدم" و"السيادة" و"العزم"، بمرشحيها، وهم كل من شعلان الكريم، سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، على الرغم من أن حزب الحلبوسي "تقدم"، هو الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية "سُنياً"، ويفترض أن يكون المنصب من حصته.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد قضت في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بإنهاء عضوية الحلبوسي على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد البرلمانيين، واتهمه فيها بتزوير استقالته من البرلمان. ومنذ ذلك الوقت، اندلعت خلافات بين القوى السياسية المختلفة بشأن اختيار بديل للحلبوسي.

المساهمون